في ظِلالِ الكلمة
الأمثال 29

أَسْبَق بَنْد - تابِع بَنْد - عَوْن

نص : ALB - INJEEL   |   صوت : MISLR - ABAUD   |   فيديو : LFAN - BIB

أدوات الدراسة : السبعينيه - الكتاب المقدس - ترجمة كتاب الحياة - الترجمة المشتركة - القاموس اليوناني - مكتبة الأخوة - في ظِلالِ الكلمة - الخزانة من الكتاب المقدس


بينما يُرينا سِفرُ عَزرا المبادِئَ التي تُساعِدُنا على التَّأكُّدِ عمَّا إذا كانَ العمَلُ الذي نعمَلُهُ هُوَ عمَلُ اللهِ، فإن سفرَ نحميا يُركِّزُ على نوعِ القائد البشري الذي ينبغي أن يجدَهُ اللهُ إذا أرادَ أن يُحقِّقَ عملَهُ من خِلالِ الناس. ولقد كانَ نَحَميا بِنَفسِهِ مِثالاً لهذا القائدِ البَشَرِيّ.

عندما كانَ نحميا والياً، إحتاجَ الشعبُ إلى نهضة. ولقد كان اليهودُ قد تزوَّجوا من زَوجاتٍ وأزواجٍ وثنيين عندما كانوا في بابل وبعدَ رجُوعِهم من بابل، الأمرُ الذي شَكَّلَ إنتِهاكاً صارِخاً لنامُوسِ الله. أَصغِ إلى توبيخِ نحميا لهؤُلاء: "وعندما لاحظتُ أن بعضاً من اليهود قد تزوَّجوا بنساءٍ من أشدود، عمون، وموآب، وأن الكثير من أولادِهم تكلَّموا بلُغةِ أشدود ولم يُمكِنُهم أن يتكلَّموا بلُغةِ يهوذا، تحاججتُ مع والديهم ولعنتُهم ولكمتُهُم وضربتُهُم وشددتُ شعرَهُم. فتعهَّدوا أمامَ الله أنهم لن يدعوا أبناءَهم يتزوَّجون مع الوثنيين من الآن فصاعداً." (نحميا 13: 23- 25)

يُمكِنُكَ أن ترى أن نحميا كان لديهِ أُسلوبٌ آخر في القِيادة. أنا لا أعرفُ عن قُسُوسٍ يقودونَ كَنائِسَهُم بهذه الطريقة، ولكن هذا كان أُسلوب نحميا الذي إحتاجَهُ الشَّعبُ آنذاك.

بإمكانِنا القَول أن عزرا كان مُهندِسَ عملِ الله الذي إستخرجَ الخارطة من كلمةِ الله، أما نحميا فكانَ البنَّاء. لقد كان نحميا رجُل الله البراغماتي. وكانَ مُحرِّكاً ومُنجِزاً روحياً. لقد آمنَ أنهُ عليهِ أن يخرُجَ خارجاً ويجعل عملَ اللهِ يُعمَل. إن هذين الرجُلين كِلاهُما نماذج رائعة عن القِيادة، حتى ولو إختلَفَ أُسلوبُهُما.

إذ نقترِبُ من سفرِ نحميا، علينا أن نبحثَ عن مبادئ القِيادة أو الصِّفات التي ينبغي أن يجدَها اللهُ في شخصٍ سَيَستَخدِمُهُ، إذا كانَ اللهُ سيعملُ عملاً عظيماً. لقد أسميتُ سفرَ نحميا "صِفاتُ القائدِ لعملِ الله."

وإليكُم الصفةَ الأولى التي ينبغي أن يجدَها اللهُ في شخصٍ يُريدُه اللهُ أن يقودَ عملاً كالذي أنجزَهُ في أيَّامِ نحميا. اللهُ يبحثُ عن شخصٍ مُثقَّلٍ بعملِ الله الذي سيعملُهُ. أحدُ أول العَلامات عن كونِ الله سوفَ يعملُ عملاً ما من خِلالِك هو عندما تشعُرُ بثقلٍ كبيرٍ لهذا العمل. فإذا كان اللهُ قد أعطاكَ ثقلاً عظيماً لعملٍ ما يحتاجُ أن يُعمَل، وإن كُنتَ تُصلِّي تجاهَ هذا العمل، فاللهُ لربَّما يُريدُكَ أن تكونَ جزءاً من إستجابتِهِ لصلاتِك.

وهاكُم الصفةَ الثانية التي ينبغي أن يجدَها اللهُ في شخصٍ عندما يحتاجُ إليهِ ليقودَ عملَه. فعندما يُريدُ اللهُ من شخصٍ ما أن يقودَ عملَه، ينبغي أن يكونَ هذا الشخص قد سبقَ وأخذَ كلمةً من اللهِ بخصوصِ العمل الذي يُريدُهُ اللهُ أن يعملَهُ. في نحميا 1: 9، تَذَكَّرَ نحميا كَلِمةَ اللهِ لمُوسى: "وإن رَجَعْتُم إِليَّ وحَفِظتُم وَصَاياي وعَمِلتُمُوها، إن كانَ المَنفِيُّونَ مِنكُم في أقصاءِ السَّماواتِ، فَمِن هُناكَ أجمَعُهُم وآتي بهم إلى المكان ِالذي إختَرْتُ لإسكانِ إسمِي فيهِ." هذا المكانُ كانَ أُورشَليم. ولقد أرادَ اللهُ من نحميا أن يبنِيَ السُّورَ حولَ أُورشَليم.

والآن ننظرُ إلى الصفة الثالثة للشخص الذي ينبغي أن يجدَهُ اللهُ ليقودَ عملَه. فينبغي أن يجدَ اللهُ شخصاً صاحِب إلتزام تجاهَ العمَل الذي يُريد اللهُ إتمامَه. فالرجُل الذي يجدُهُ اللهُ ليقودَ عملَهُ، ينبغي أن يكونَ لديهِ ليسَ فقط ثقلٌ لعملِ الله، وأن يكونَ لديهِ كلمةٌ من الله أو رؤيا تِجاهَ عملِ الله هذا، بل وأن يكونَ لديهِ إلتزامٌ لعملِ الله عندما يُريهِ إيَّاهُ الله. يُظهِرُ نحميا إلتزامَهُ لعملِ الله عندما كان لا يزالُ ساقِياً للأمبراطور. وكانَت شريعةُ مادي وفارس تقولُ أنهُ لا يجوزُ لأحدٍ أن يكونَ حزيناً أو سلبيَّاً في حضرةِ الأمبراطور، وإلا لربَّما يُصارُ إلى إعدامِهِ. في الإصحاح الثاني من سفرِ نحميا نقرأُ أنهُ ذاتَ يومٍ نظرَ الأمبراطور إلى نحميا وسألَهُ، "ما بالُكَ كئيباً؟" قالَ نحميا، "فَخِفْتُ وَصَلَّيتُ بِصَمتٍ" وهُنا نجدُ نحميا يُظهِرُ إلتزامَهُ، "ولكنِّي أجبتُ، " لِيَحيَ المَلِكُ إلى الأبد. كيفَ لا يَكمَدُّ وجهي والمدينةُ بيتُ مقابِرِ آبائي خرابٌ وأبوابُها قد أكلتها النار." (3) لقد كانَ الربُّ مع نحميا لأنَّ الأمبراطور قال، "ماذا أنتَ طالبٌ؟" (4) وهُنا يقولُ نحميا، "فصلَّيتُ إلى إلهِ السماء. وقُلتُ للملك إذا سُرَّ الملِكُ وإذا أحسنَ عبدُكَ أمامكَ تُرسِلُني إلى يهوذا إلى مدينةِ قُبورِ آبائي لأبنيَها." (5) وحدثَ أنهُ ليسَ فقط أن الأمبراطور وافقَ على السماحِ لنحميا بالذهاب، بل زوَّدَهُ بالمواد اللازمة للعمل. لقد باركَ اللهُ نحميا بسبب إلتزامِهِ بعملِ الله.

الصفة الرابعة التي ينبغي أن يجدَها اللهُ في الشخص الذي سيعملُ عملَه، هي أن تكونَ عندَهُ رُؤيا لعملِ الله. "فبدونِ رُؤيا يجمحُ الشعب." (أمثال 29:18). إن قائدَ عملِ الله يجب أن تكون عندَهُ رؤيا، وأن يُشارِكَ هذه الرؤيا. فعندما رجعَ نحميا إلى أورشليم، تفحَّصَ حالَةَ المَدينَةِ سِرَّاً، إلى أن حصلَ على المَعلُوماتِ التي كانَ يحتاجُها. ثُمَّ إلتَقَى معَ الكَهَنَة، النُّبلاء، والرَّسمِيِّين، قائِلاً لهُم، "هَلُّمُوا نَبنِي سُورَ أُورشَليم." (17) وعندما عرفَ بالتَّحديد ما أرادَ أن يعمَلَهُ، أخبَرَ الآخرين.

الصفةُ الخامسة للقائد هي جعلَ الآخرين ينخرِطونَ معهُ في عملِ الله. فعندما شاركَ هذا القائدُ رُؤياهُ مع شعبِ الله، تَبِعَهُ الشعبُ. أحياناً يقضي بَعضُ القادة الروحيُّون وقتَهم في اليأسِ والنوح لأن شعبَ الله لن يتبَعَهُم. أولئكَ الذين هم مدعوون ليكونوا قادةً أو رُعاةً لشعبِ الله، عليهم أن يُدرِكوا أن النقص في الأتباع يُعطِي إنطِباعاً سَلبيَّاً عن قِيادَتِنا. لأنَّ أحد صفات القائد الذي يختارُهُ الله هو القُدرة على تحريكِ شعبِ الله لإتِّباعِه في القِيامِ بعملِ الله.

صفةٌ سادسة عن القائد الحقيقيّ المَمسُوح، هو أنهُ شخصٌ يتعرَّضُ للإنتقاد عندما يقودُ عمل الله. فسُرعانَ ما يبدأُ القائدُ يعملُ شيئاً، خاصة في عملِ الله، حتَّى تبدأ المُقاومةُ والإنتقاد، حتى من المؤمنين الأتقياء أحياناً. تظهرُ هذه الصفة مع نحميا لكثرةِ مُنتقِديه. (4: 1- 3)

الصفةُ السابعة التي يتَّسمُ بها القائدُ هي حياة الصلاة التي تتمحورُ حول عملِ الله. ففي سفرِ نحميا، لاحظ كم مرَّة يقولُ فيها نحميا أنهُ صلَّى. لقد صلَّى نحميا عفويَّاً عندما كان الناسُ يهزأون به (4: 4- 5). ولقد صَلَّى قبلَ أن يُكَلِّمَ المَلِك (2: 4). وهُوَ يُرينا ماذا يعني أن نُطَبِّقَ تَوصِيَةَ بُولُس الرسول الذي يَقُولُ، "صلُّوا بِلا إنقطاع." (1 تسالُونيكي 5: 17)

الصفةُ الثامنة للقائد، هي أنهُ شخصٌ يكونُ مع الشعبِ عندما يقومونَ بعملِ الله. هذا ما نراهُ في نحميا الذي نجدُهُ يعملُ على السور مع الشعب الذين حضَّهم ليعملوا عملَ الله.

صفةٌ تاسِعَةٌ للقائد هو أنهُ شخصٌ يستنكِرُ ببرٍّ كُلَّ مُقاومةٍ أو عائقٍ ضدَّ عملِ الله. ما هو الفرق بين الإستنكار المُقدَّس وبين الغضب؟ فإذا غضِبتَ بسبب إعتراض شيء أو أحد ما طريقَك، وإذا كُنتَ مُصمِّماً أن تُتابِعَ طريقك، فهذا الغضب هو خطيَّة. ولكن، إذا كُنتَ تعملُ عملَ الله، وكُنتَ غاضِباً على قوَّاتِ الجحيم التي تعترضُ سبيلك، فغضبُكَ هذا هو إستنكارٌ مُقدَّس. فعندما رأى يسوعُ أنَّ رجالَ الدين حوَّلوا بيتَ الله إلى سوقِ تِجارةٍ وإلى مغارة لُصوص، عبَّرَ يسوعُ عن غضبِهِ المقدَّس. (أُنظُرْ يُوحَنَّا 2: 12- 16). فقائدُ عملِ الله قد يغضبُ بشدَّةٍ بمعنى الإستنكار المُقدَّس، عندما يتعرَّضُ عملُ اللهِ للمُقاومة. بهذه الطريقة يُقدِّمُ نحميا لنا مِثالاً عنِ القائِد الذي لدَيهِ الإستنكار المُقدَّس.

الصفةُ العاشِرَةُ التي ينبغي أن يتحلَّى بها الشخص الذي سيقودُ عملَ الله هي أن يكونَ ذا تكريسٍ كُلِّيٍّ لعملِ الله. أصغوا إلى هذه الأعداد من نحميا الإصحاح الرابع:

"فكُنَّا نحنُ نعملُ العمل وكانَ نِصفُهُم يُمسِكُونَ الرِّماح من طُلُوعِ الفَجرِ إلى ظُهورِ النجوم. وقُلتُ في ذلكَ الوقتِ أيضاً للشعبِ لِيَبِتْ كُلُّ واحدٍ مع غُلامِهِ في وسطِ أورشليم ليكونوا لنا حُرَّاساً في الليل وللعمل في النَّهار. ولم أكُنْ أنا ولا إخوتي ولا غِلماني ولا الحُرَّاس الذين ورائي نخلعُ ثِيابَنا. كانَ كُلُّ واحدٍ يذهبُ بِسلاحِهِ إلى الماء." نحميا 4: 21- 23) إن هذا هو أفضلُ إيضاحٍ عمَّا يعنيهِ التكريس لِعَمَلِ الله.

الصفة الحادية عشر لقائدِ عملِ الله هي أنهُ شخصٌ يتمتَّعُ برؤية من خِلالِ نفَق. يُمكن للرؤية من خِلالِ نفَق أن تكونَ صفةً سلبيَّةً أو إيجابيَّة. تُصبِحُ هذه الصِّفَةُ سَلبِيَّةً عندما نرفُضُ بِسَبَبها الإصغاءَ إلى أيَّةِ نصيحَة. ولكن هذه الصفة قد تكونُ إيجابيَّة عندما لا تَسمَحُ لنا بان نلتَهي عن القِيامِ بِعَمَلِ الله. لم يستطِعْ أحدٌ أن يُوقفَ نحميا عن إتمامِ بناءِ السور. كثيرونَ حاولوا بشتَّى الوسائل أن يُبطِلوا نحميا عن عملِهِ في بِناءِ السور، ولم يستطِعْ أحدٌ من هؤلاء أن ينهيَه عن عملِه، لأنَّهُ رأى هدَفَهُ من خِلالِ نفق.

الصفة الثانية عشر للقائد الذي يختارُهُ الله هي أنَّهُ شخصٌ ذو قَناعاتٍ قويَّة. في الإصحاح الخامس، عندما لاحظَ نحميا أن بعضَ الأُمورِ لا تسيرُ على ما يُرام، وأن البعضَ من الشعب يسلُبون إخوتَهم بأخذِهم فائدةً مُرتَفِعَةً على دُيونِهم، ألزَمَهُم نحميا بأن يتعهَّدوا أن لا يسلبوا إخوتَهُم اليهود مُجدَّداً. (1- 13) لقد كانَ نحميا رجُلَ قناعاتٍ قوية.

الصفة الثالثة عشر للقائد هي أنهُ ذلكَ الشخص صاحبُ الثقة العظيمة. فنحميا كانَ مُتيقِّناً أنهُ يعملُ عملاً عظيماً للرب، وأن اللهَ دعاهُ للقيامِ بهذا العمل. هذا أعطى نحميا ثِقَةً لا تَتَزعزَع بينما كانَ يَقُومُ بالعَمَلِ الذي إئتَمَنَهُ عليهِ الله.

الصفةُ الرابعةُ عشر للقائد هي أنهُ شَخصٌ ذو شجاعةٍ لا تعرفُ الخوف. إن الشجاعةَ هي صفةٌ هامَّةٌ من صِفاتِ القائد الذي يستخدِمُهُ الله.

الصفةُ الخامسةُ عشر للقائد الذي يستخدِمُهُ الله هي أنهُ شخصٌ مُثابِر. في الإصحاح الخامس من رسالة رومية، يصفُ بولس العمليَّةَ التي يستخدِمُ اللهُ فيها الألم لإعدادِ قائدٍ لعمَلِه. "عالِمينَ أنَّ الضِّيقَ يُنشِئُ صَبراً، والصَّبرُ تَزكِيَةً، والتَّزكِيَةُ رَجاءً. والرجاءُ لا يُخزي، لأن محبَّة الله قدِ انسكَبَت في قُلُوبِنا بالروحِ القُدُس المُعطَى لنا." (3- 5). إن معنى هذا العدد في اللغةِ الأصليَّة هو، "لن يهربوا، بل سيُثابِرون على عملِهِم مُتَحَمِّلِينَ الضَّغط."

الصفة السادسة عشر هي أن القائد الذي يختارُهُ الله لهُ مواهب تنظيميَّة. نجدُ في كلمةِ الله نِظاماً مُتكامِلاً لعملِ اللهِ في الكنيسة. (أُنظُرْ 1كُورنثُوس 12: 28، خاصَّةً مَوهِبَة التَّدبير والإدارَة). وفي الإصحاح السابع من سفرِ نحميا، عَيَّنَ نحميا لاويين وقادَةً وحُرَّاساً. ولقد نظَّمَ سِجِلاً بِأَسماءِ الشَّعبِ بِحَسَبِ العائِلات. هذا ما هُوَ التَّنظيم.

الصفةُ السابعةُ عشر للقائد الذي يستخدِمُهُ اللهُ هي أنهُ شخصٌ لهُ هدفٌ أَوَّلَوِيّ. في الإصحاح العاشر من سفرِ نحميا، والأعداد 30-37، نُلاحظُ أولويَّات نحميا. فلقد دعا نحميا الشعبَ للإجتماع بِصِفَتِهِ قائداً لهم، وجعلَهُم يتعهَّدون بأن لا يُزوِّجوا أولادهِم لأولاد الوثنيين، وبأنَّهُم لن يعملوا يومَ السبت، وأنهم لن يعمَلوا في كُلِّ سنةٍ سابعة، وأنهم سوفَ يفرضونَ على أنفُسِهِم ضريبةَ الهيكل، وأنهُم سوفَ يُعطُون باكوراتِ غلَّتِهِم لله، وكذلكَ البكرُ من أبنائهم والبِكرُ من ماشيَتِهم. ولقد وعدَ شعبُ الله نحميا بأن يُعطُوا اللهَ عُشراً من كُلِّ شيء. فنحميا يعرفُ ما هي أولويَّاتُه، ويقودُ شعبَ اللهِ للمُوافقةِ معهُ على أولويَّاتِ الله هذه.

الصفة الثامنة عشر للقائد الذي يختارُهُ اللهُ ليقودَ عملَهُ، هي أنَّهُ يحملُ عصا الراعي. وكراعٍ صالح، يستخدِمُ القائدُ عصا الراعي ليقودَ وليُؤدِّبَ شعبَ الله. وكَوَالِدٍ صالِح، ينبَغي أن يُحِبَّ القائِدُ شعبَهُ كفايَةً لكي يستَطيعَ تأديبَهُم.

الصفةُ التاسعةُ عشر لِلقائِد هي أنَّهُ واعٍ لَطبيعَتِهِ البَشَريَّة الضَّعيفَة. فالقائِدُ هُوَ بَشَرِيٌّ يعي كونَهُ كذلكَ. وهُوَ ليسَ فقط واعٍ لطبيعتهِ البَشَريَّة الشَّخصِيَّة، بَل وأيضاً للنَّاسِ الذي يَقُودُهم.

أخيراً، يُقدِّمُ لنا نحميا الصفةَ العشرين للشخص الذي يختارُهُ الله، والتي هي إتمام العمَل الذي أعطاهُ إيَّاهُ اللهُ لتمجيدِهِ. ولقد أتمَّ نحميا بِناء السور لِمَجدِ الله. ينبغي أن لا يغيبَ خطُّ النهايةِ عن ناظِرَينا أبداً، عندما نقومُ بالعمل الذي يُريدُنا اللهُ أن نعملَه. فقائدُ عملِ الله هو شخصٌ يستطيعُ القول مع يسوع، "أنا مجَّدتُكَ على الأرض. العَمَل الذي أَعطَيتَني لأَعمَلَ قد أَكمَلتُهُ. قد أُكمِل." (يوحنا 17: 4؛ 19: 30).

الصفحة 1 من 4

عندَما تَقُومُ بمشارِيعَ وأعمالٍ، هُناكَ شَيئانِ يُمكِنُ أن تربَحَهُما – المال والخُبرَة. وعندَما يَقُومُ أهلُ هذا العالم بمَشاريعٍ وأعمال، أبناءُ العالم يَربَحُونَ المال، وأبناءُ اللهِ يكتَسِبُونَ الخُبرَة. لقد أعطانا اللهُ سِفرَ الأمثال لِكَي لا نقضِيَ حياتَنا مُتَعَلِّمينَ كُلَّ شَيءٍ من خُبرَتِنا الذَّاتِيَّة.

إنَّ سِفرَ الأمثال هُوَ أكثَرُ سفرٍ عملِيٍّ في الكتابِ المُقدَّس. كتبَ سُلَيمانُ ثلاثَةَ آلافِ مثَل (1مُلُوك 4: 29- 34). وهُوَ يُشارِكُ معَنا تقريباً ألفاً من أمثالِهِ في هذا السِّفرِ الكتابِيِّ المُوحَى بهِ منَ الله. وكانَ سُليمانُ يُعتَبَرُ أحكَمَ إنسانٍ عاشَ على الأرض. في سفرِ الأمثال، قامَ هُوَ وأكثَرُ مُعاصِريهِ حِكمَةً بإظهارِ كيفيَّةِ العَيشِ في جوانِبِ حياتِنا العمليَّة.

ولقد كتَبَ سُلَيمانُ أكثَرَ من ألفِ نَشيدٍ. في سفرِ الأمثال، نَجِدُ أقَلَّ من ألفٍ من أمثالِهِ، ونجِدُ نشيداً واحِداً من أناشِيدِه مَوجُوداً في الكتابِ المُقدَّس، ألا وهُوَ سفرُ نَشيدِ الأنشاد. ولكنَّ سُليمان لم يَكتُبْ كُلَّ الأمثالِ المَوجُودَةِ في سفرِ الأمثال. بل جمعَ حِكماً كتبَها حُكماءُ غَيرَهُ أيضاً، وقامَ حُكَماءُ آخرُونَ بِجَمعِ بَعضِ أمثالِ سُليمان التي نَجِدُها في هذا السِفر.

الإصحاحاتُ التِّسعَةُ الأُولى تُعَبِّرُ بِوُضُوحٍ عن القَصد منَ السِّفر، الذي هُوَ تعليمُ الحكمة. نَجِدُ أمثالَ سُليمان في الإصحاح 10:1 والإصحاح 22: 16. وأمثالُ الحَكيمِ نَجِدُها في أمثال 22: 17- 24: 34، وأمثالُ سُليمان التي جمَعَها حُكَماءُ حزقِيَّا، نَجِدُها مجمُوعَةً في أمثال 25- 29. يحتَوِي الإصحاحُ الثَّلاثُونَ على أمثالِ أَجُور، ويحتَوي الإصحاح 31 على أمثل الملك لَمُوئيل، التي سَمِعَها من أُمِّهِ. الإصحاحاتُ 1- 10 كُتِبَت للشُّبَّانِ؛ والإصحاح 11- 20 كُتِبَت لِلعَامَّة؛ والإصحاحات 21- 31 كُتِبَت لِلحُكَّام.

رُغمَ أنَّ سُلَيمان كانَ معرُوفاً كأحكَمِ رَجُلٍ عاشَ على الأرض (1مُلوك 4: 31)، ولكنَّهُ كانَ أيضاً أكبَرَ فاشِلٍ عاشَ على الأرض. وكما أشَرتُ في دراسَتِنا للأَسفارِ التَّاريخيَّة، تُعتَبَرُ المملَكَةُ المُنقَسِمَةُ وحملاتُ السَّبِي المُتتالِيَة عواقِبَ خطايا سُليمان، بدل أن تَكُونَ عواقِبَ خَطِيَّةِ أبيهِ داوُد. فكَيفَ يُمكِنُ لإنسانٍ كانَ فاشِلاً إلى هذا الحَدّ، أن يُعَلِّمَ شعبَ اللهِ كيفَ ينبَغي أن يَعيشُوا؟

تُوجَدُ بعضُ الأجوِبَة على هذا السُّؤال. إنَّ حِكمَةَ هذه الأمثال لا تتعلَّقُ بما إذا كانَ كاتِبُها قد طَبَّقَها على حياتِهِ الشَّخصيَّة؛ فهِيَ تُقَدِّمُ حكمَةً مُوحىً بها منَ الله. أيضاً هذه الأمثال، والمَزمُور 127، وسفر الجامِعة، كُتِبَت من قِبَلِ سُليمان لتعليمِ الشُّبَّانِ أن لا يعمَلُوا كما عمِلَ هُو. فلقد تعلَّمَ سُليمانُ الكَثيرَ من خلالِ أخطائِهِ، وأرادَ أن يُمَرِّرَ حكمَتَهُ التي كلَّفَتْهُ الكثيرَ ليَتَعَلَّمَها، أرادَ أن يُمَرِّرَها للآخرين، ولا سِيَّما للشُّبَّان.

بينما يُقدِّمُ سُليمانُ القصدَ من كتابَةِ سفرِ الأمثال، كتبَ يَقُولُ ما معناهُ: "أُريدُكُم أن تَتَعَلَّمُوا هذه الحقيقة العَظيمة: أنَّ عملَ الخَيرِ هُوَ أكثرُ حياةٍ تتحلَّى بالحكمة. ... لهذا عليكُم أن تأكُلُوا الثِّمارَ المُرَّة النَّاتِجَة عن سُلُوكِكُم بِحَسَبِ ما تَرتَأُون، وأن تختَبِرُوا أهوالَ الطَّريق التي إختَرتُمُوها. ... لأنَّ مخافَةَ اللهِ وطاعَتَهُ هي أُمُورٌ أساسيَّةٌ للحكمة. ومعرِفَةُ اللهِ تُنتِجُ كُلَّ أنواعِ الفَهم الأُخرى." (أمثال 4:11؛ 1: 31؛ و9: 10)

بطريقَةٍ ما، إنَّ هدَفَ إرسالِيَّةِ سُليمان هُو مُلَخَّصٌ لإختبارِ حياتِهِ. فلقد عرَفَ أنَّهُ سَقَطَ، ولكنَّهُ أرادَنا أن نعرِفَ أن نتعلَّمَ الحِكمَةَ من خلالِ السُّقُوط وعواقِبِهِ. إحدى أكثَر الطُّرُق فعالِيَةً للتَّعَلُّم، هي بأن نتعلَّمَ من خلالِ رَدَّاتِ الفِعلِ على العواقِبِ الوخيمة لِخَيَاراتِنا الغَبِيَّة والخاطِئة. فعندما نختَبِرُ أهوالَ الطُّرُق التي نختارُها، ندفَعُ ثمناً باهِظاً لنَكسَبَ الحكمَةَ الثمينة، ونتأكَّدُ أنَّ "حياةَ السُّلوكِ المُستَقيم هي الأكثَرُ حِكمَةً."

عندما يُخبرُِنا اللهُ عن شَيءٍ ما أنَّهُ صحيح، يَقُولُ لنا ذلكَ لأنَّهُ يُحِبُّنا. وهُوَ يُريدُنا أن نعملَ المُستَقيم، لأنَّهُ يعلَمُ أنَّ عواقِبَ العمَلِ المُستَقيمِ هِي صالِحَة. عندما يُعلِنُ اللهُ عن أمرٍ ما أنَّهُ خطأ، يُعلنُ هذا لأنَّهُ يعرِفُ عواقِبَ إنزلاقِنا لإقتِرافِ هكذا خطأ.



تابِع بَنْد - بشارة بَيَان

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.