الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: ترجمات ارامية


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

1) التراجيم اليهودية

(أ) ترجوم ومدراش. الترجوم لفظة عبريّة واراميّة تعني الترجمة والتفسير، تعني ترجمة أرامية للتوراة من أجل المجامع. فقبل الزمن المسيحي، ما عاد الناس يستطيعون أن يفهموا العبريّة، لهذا برزت الحاجة في مجامع فلسطين أن يتبع الترجوم القراء ة العبرية للنصّ الكتابي. أي أن تقدّم ترجمة هي في الواقع تفسير شفهي في الاراميّة، تجعل النصّ في متناول سامعي الكلمة المكتوبة. فالمترجم أو الترجمان (في الارامية مترجمان) ينقل إلى لغة الشعب النصّ المقدس، ويُدرج في لحمة الترجمة البيبليّة عناصر تفسيريّة توجّه فهم النص العبري الذي يُتلى بشكل جهوريّ. وظلّ الترجوم مدة طويلة ينتقل بطريقة شفهيّة عبر عبارات متحرّكة، فيتكيّف مع الجمهور أو الوضع الذي يعيش فيه المؤمنون. وهكذا كان لنا عدد من التعابير الشفهيّة في ما يخصّ البنتاتوكس بشكل خاص، لهذا نحن أمام عدد من النسخات الترجوميّة لأسفار موسى الخمسة.

أما التفسير الذي نجده في الترجوم، فهو يرتبط بالنشاط التأويلي القديم لدى اليهود. ويسمّى المدراش أو الدرس. فهذا المدراش يبحث في الكتب المقدّسة بحسب تقنيّات تفسيريّة، تذهب أبعد من المعنى الحرفيّ ولا تنفيه، لتكتشف امكانيات المعاني التي تصل إليها حين تقابل هذا النصّ مع نصوص بيبليّة أخرى، أو مع أفكار دينيّة بدت جديدة في العالم اليهودي. غير أن النشاط المدراشيّ لم يتمّ فقط على المستوى الترجومي الذي يقوم بترجمة النصّ وتفسيره. فخارج الترجوم، هناك أدب يهودي، رابيني وغير رابيني، ينقل عددًا من التقاليد التي أنتجها المدراش : أخبار تعيد كتابة أحداث بيبليّة، مجموعة تفاسير محاذية (الواحد قرب الآخر بدون رباط) حول آيات بيبليّة، صياغة مواعظ.

غير أن ما يربط الترجوم بالمدراش يبقى متشعّبًا. فقد نكتشف عن طريق المقابلة أن تقليدًا وُلد في الترجوم كأول حلقة للنشاط المدراشي حول النصّ البيبليّ، وأن هذا التقليد الترجومي استعيد وتوسّع في أخبار مدراشيّة. ولكن يحصل أيضاً أن يأخذ "الترجمان" من سائر ثمار النشاط المدراشيّ، تقاليد مقولبة، فيُدرجها ثم يعلّق عليها في النسخة البيبليّة. وبين هذه التقاليد المقحمة، يعود البعضُ منها إلى زمن قديم والبعض الآخر إلى زمن قريب بعد أن عرف في مسيرة الدرس والبحث المدراشيّة حول الكتاب، صياغة جديدة لا تسمح لنا بأن ندرك بشكل مباشر ارتباطها بالنصّ البيبليّ.

فالتداخل بين الترجوم وتفاسير الرابينيين للكتب المقدسة، لا يدهشنا إذا قلنا بأن الترجمة "المجمعية" (داخل المجمع) ارتبطت حقًا بالمدرسة. من جهة، نال "المترجم" تكوينًا وتعليمًا لكي يقوم بواجبه الذي يرتبط بالتقليد ويؤوّن النصّ بالنسبة إلى السامعين. ومن جهة ثانية، ارتبط ترجوم المجمع بالمدرسة كمادة تعليم شفهيّ أساسيّ يتعمّق فيه التلميذ بقيادة معلّمي المدراش. وعمرُ العناصر التي يتضمّنها الترجوم، يجب أن يوضع على المحكّ في كل تقليد على حدة. غير أن الدراسات النقديّة قد بيّنت أن عددًا من التفاسير التي تحملها، هي معاصرة لكتابات العهد الجديد فتشكّل له خلفيّة يستند إليها. فالترجوم هو انعكاس للعالم اليهوديّ العام، أكثر من أي شاهد على معتقدات يهوديّة قديمة، وذلك بسبب إعداده من أجل المجمع وبسبب انتشاره الواسع. وقد يستطيع أن يعيد إلينا التفسير الذي ارتداه تقبّلُ الكتب المقدّسة على منعطف الزمن المسيحيّ.

(ب) تراجيم البنتاتوكس : وصل إلينا أكثر من ترجوم للبنتاتوكس. وهناك ثلاث نسخات كاملة، ترجوم منسوب إلى يوناتان وليس ليوناتان (يسمّى بعض المرات : ترجوم يورشليمي الأول). سمّي كذلك لانه نُسب إلى يوناتان بن عزيئيل، الذي قيل أنه صاحب ترجوم الانبياء. ترجوم (الكودكس) نيوفيتي. ترجوم أونكلوس.

ترجوم يوناتان المزعوم هو مسهَب جدًا، وهو يشكّل ضعف النصّ البيبليّ. وصلت آخر اللمسات فيه إلى القرن الثامن ب. م.، وقد استقبل عددًا من الأخبار المدراشيّة. غير أن الزيادات الحديثة تُجاورُ التفسيرات القديمة جدًا. وفي هذا الترجوم أكثر التوازيات مع عبارات العهد الجديد. نجد هذا النصّ اليوم في النسخة الرئيسيّة (البندقية 1590) وفي مخطوط بريطاني (27031 في المكتبة البريطانية).

ترجوم نيوفيتي. أو ترجوم كودكس نيوفيتي الاول. جاء من المعهد الروماني للمعمّدين الجدد (أو نيوفيتي) فدخل إلى المكتبة الفاتيكانيّة. تعرّف إليه العلماء سنة 1956. وأهميته تقوم في الملاحظات الهامشية التي تورد اختلافات تعود إلى نسخات ترجوميّة أخرى. أما النص الاساسي الذي يقدّمه هذا الترجوم فيعود إلى القرن الثاني - الثالث ب.م. دوّن هذا الترجوم، شأنه شأن ترجوم يوناتان المزعوم، في لهجة من لهجات أراميّة فلسطين.

أما ترجوم اونكلوس فقد دوّن في أراميّة أدبية (كما نقول الفصحى). نسب التقليد إلى هذا الترجوم المهتم بالحرفيّة، اسمًا قريبًا من أكيلا الذي هو صاحب ترجمة للتوراة أخذت بطريقة الكزّ والترسيم. إن التدوين الاخير لترجوم أونكلوس يعود إلى محيط بابلي في القرن الرابع أو الخامس. إن الكاتب أعاد النظر في نسخة فلسطينيّة ترجع إلى القرن الثاني، وكتبها من جديد. لهذا سُمّي هذا الترجوم "الترجوم البابلي"، مع أن الأساس الذي فيه يعود إلى فلسطين. لا شكّ في أن ترجوم أونكلوس يتحاشى الاسهاب، غير أنه يدلّ في مقاطع عديدة على معرفته بالتفاسير الفلسطينيّة التقليديّة، ويلمّح إليها في بضع كلمات. في العالم اليهودي الذي بعد التلمود، صار ترجوم أونكلوس الترجوم الرسمي، وحلّ محلّ سائر النسخات. هذا الترجوم يستعمل اليوم بعدُ في مجامع اليمن.

بالاضافة إلى هذه النسخات الثلاث وإلى الملاحظات الهامشيّة في كودكس نيوفيتي الأول، نمتلك مجموعات من أجزاء النسخات الفلسطينيّة واسمها التراجيم الاجزائية (وقد سمّيت فيـما مضى : ترجوم يورشليمي الثاني). نحن أمام انتقاء اختياري لما يقارب 850 آية أو بعض الآية. لماذا اختار الجامع هذه المجموعات من الاختلافات؟ لا يبدو الجواب واضحًا. نورد هنا نسختين رئيسيتين للترجوم الاجزائي : المخطوط العبري رقم 110 الموجود في المكتبة الوطنيّة في باريس. والمخطوط العبري 440 الموجود في المكتبة الفاتيكانية، وهو قريب من النسخة الاساسيّة للترجوم الاجزائي كما طبع في بيبليا الرابينيين في البندقية سنة 1517، ثم في بوليغلوتة ولتن في لندن.

نكتشف في الترجوم الاجزائي مقاطع من مخطوطات ترجومية وُجدت في خزانة القاهرة. وهي بقايا سبعة مخطوطات تلفت، وقد عادت إلى القرن السابع، الثامن، التاسع. يرى الباحثون أن التفسيرات التي تنقلها هذه المخطوطات تعود إلى زمن بعيد.

(ج) تراجيم الانبياء نتذكّر ان اللائحة العبرية تجعل في "الانبياء" يش، قض، صم، مل. ثم أش، إر، حز، الاثنا عشر. أما دا فلا يدخل بين الانبياء في التوراة العبرية بل مع سائر الكتب.

لا نجد ترجوم الانبياء كاملاً إلا في التدوين البابلي وفي خط ترجوم اونكلوس. هو ترجوم يوناتان الذي صار أيضاً ترجومًا رسميًا. خُلط اسم هذا الكاتب، مع اسم يوناثان بن عزيئيل، تلميذ هلال في القرن الأول المسيحي. وهذا ما يفهم (مثل اونكلوس) كنقل اسم صاحب الترجمة اليونانية للعهد القديم. صار اسم يوناتان تيودوسيون. وكما هو الحال في ترجوم اونكلوس، فأكثر المواد التي اعيدت صياغتها في اوساط بابليّة هي من أصل فلسطيني. أما الترجوم الفلسطيني عن الانبياء الذي جاء أكثر اسهابًا، فلم يبق منه إلا عدد قليل من الاجزاء.

(هـ) تراجيم سائر الكتب وهناك تراجيم لسائر الكتب ما عدا دا، عز، نح. امتلأت الترجمات باسهابات طويلة وبمقتطفات من الأخبار المدراشية. أصلها فلسطيني اجمالاً. وقد تمّت صياغتها في وقت متأخّر، مع أنها تحمل في طيّاتها تقاليد قديمة لا بدّ من إبرازها. نذكر هنا ترجوم المزامير بعناصره القريبة من بعض التفسيرات الكتابية في العهد الجديد.

ونلاحظ أيضاً أن مقاطع كبيرة من ترجوم أيوب، تختلف عمّا في ذاك الذي نقله التقليد، قد وُجدت في قمران (المغارة الرابعة والحادية عشرة). كما وُجدت في المغارة الرابعة أيضاً مقاطع من ترجوم اللاويين.

2) التراجيم السامريّة

انطلق السامريون من ترجمتهم للبنتاتوكس، فقدّموا ترجمات أراميّة متنوّعة، وهذه التراجيم التي انحصر تأثيرها في السامريين، قد استُعملت في ليتورجيّتهم حتّى القرن السابع عشر، وساعة لم تعد الارامية لغة محكيّة بعد أن سيطرت العربيّة عليها.

3) الترجمة السورية الفلسطينية لدى الملكيين

إن هذه الترجمة للعهد القديم والعهد الجديد قد كُتبت في حروف سريانيّة. غير أنها دُوِّنت في لهجة قريبة من اللهجات الاراميّة. استُعملت في فلسطين في القرون الأول للمسيحية وسمّيت بعض المرات "لغة مسيحيّة فلسطينية".

لم تظهر هذه الترجمة قبل القرن الرابع، ولا نعرفها إلا كما تُقرأ في كتب القراءات. ولكن بما أن أجزاء وُجدت لا في المخطوطات الليتورجيّة وحسب، بل في المخطوطات البيبليّة، فهذا ما يدلّ على أنه كانت هناك محاولة ترجمة اجماليّة تتعدّى ترجمة النصوص التي تُقرأ في صلاة الفرض الليتورجيّة.

إن جذور هذه الترجمة السورية الفلسطينية ما زالت غامضة، وكذلك تاريخها. ولكن من المعقول أنها توجّهت إلى اليهود الفلسطينيين الذين يهتدون إلى المسيحيّة. أما أقدم مخطوطات هذه الترجمات فتعود إلى طروس (والطرس رقّ مُسح وكتب عليه ثانية) من القرن 6-7. وآخر المخطوطات تعود إلى القرن الثالث عشر، ساعة خسرت هذه الترجمة علّة وجودها مع سيطرة اللغة العربيّة لدى الملكيّين.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.