الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: حقّ، (الـ)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

1) الكلمات. في العبرية : ا م ت. من الجذر : ا م ن. كان ثابتًا وأمينًا. في اليونانية، أليتايا. لسنا هنا فقط أمام البحث المجرّد عن الحقيقة النظريّة، بل أمام الحاجة لمعرفة تفيدنا من أجل سلوكنا اليومي. فالألفاظ المرتبطة بـ "أ م ن" (رج آمين) تدلّ على الثبات والمتانة والواقع الأكيد. الحقّ هو ما يستطيع الانسان أن يستند إليه. هو ما نحوه يوجّه حياتَه.

بما أن هذا المدلول مركزيّ وواسع جدًا، فهو يتحمّل تطبيقات عديدة. نحن نقول الحقّ حين نعبّر عن يقين عميق في حياتنا. فتصبح كلمتُنا واقعًا حياً نحملها أمام المحكمة ((تث 13:15؛ تث 17:4؛ 22 :20). وحين نقول إن تلك الكلمة هي الحقيقة (1مل 10 :6؛ 2أخ 9:5)، لا نعني فقط أن قائلها مقتنع بها، بل أنها في الحقّ كذلك. وحين نتحدّث عن نبي فنقول إن كلمة ا في فمه هي حقّ، فنحن نعني أن الكلمة خرجت حقًا من فمه (1مل 17 :24؛ إر 23:28). و "رجل الحقّ" (خر 18:21؛ نح 7:2) هو رجل أمين نستطيع أن نثق به. و "طريق الحقّ" (تك 24 :48) هو الطريق القويم (السبيل السوي) الذي يقود إلى الهدف. و "نبت الحقّ" (أي أفضل زرع) (إر 2:21) هو نبت ذو نوعيّة صالحة، يحمل أفضل الثمار. و "سلام الحقّ" (إر 14:13) هو سلام أكيد أو سلام يدوم. و "شاهد الحقّ" (أم 14:25) هو الشاهد الامين الذي يقول الأشياء كما هي فينجّي حياة بشريّة كانت في خطر. و "الحكم حسب الحقّ" (حز 18:18) هو الحكم بعدل، وهو حسب الواقع يلقي الضوء حيث الغموض، واليقين حيث الشكّ. الحقّ يتساوى مع الواقع الملموس.

2) لاهوت الحقّ. ^ أولاً : في العهد القديم. تأسّست ديانة اسرائيل على نعمة (ح س د في العبرية) بها يأخذ ا الشعب على عاتقه. لقد ظلّ أمينًا لوعده والتزامه. لهذا، فهو إله الحقّ أو الأمانة (خر 34:6؛ مز 31:6). في تاريخ الخلاص، لا يكشف ا جوهره، بل يبيّن أن موقفه تجاه شعبه ظلّ ثابتًا، وإن تبدّل حسب الظروف. لهذا، فهذا الوحي هو بتواصله وحي "ا م ت" ا، وامانته للعهد والاختيار (نح 9:33)، لمواعيده وحسناته (تك 32 :11). كلماته هي حقّ (2صم 7:28)، وهي تتحقّق بحيث إن الانسان يستطيع أن يؤسّس حياته عليها ((مز 26:3؛ مز 93:5؛ 111 :7).

و الشريعة التي هي في الوقت عينه ملحمة أمانة ا ورحمته وبالتالي قاعدة من أجل الحياة، صارت شريعة الحقّ (نح 9:13؛ ملا 2 :6)، شهادة الحقّ، مجموعة فرائض الحقّ (مز 19:8، 10). ويحتوى الحقّ في مدلوله الخلقيّ ويتضمّن كل ما تطلبه الشريعة والبرّ (في هذا المعنى نفهم "صنع الحقّ" في طو 4 :6؛ 13 :6؛ يو 3 :21؛ 1يو 1 :6، أو "سار في الحق" في 1مل 2 :4؛ 2مل 20 :3؛ طو 3 :5؛ 2يو 4؛ 3يو 3-4)، وهو يستند إلى الديانة. فالتعليم الاخلاقيّ في العالمين اليهوديّ المسيحيّ ليس بمستقلّ عن كل وصاية. بل هو يتركّز على وحي ا (أنا الربّ). وحقيقة ا تنادي حقيقةُ الانسان. وسلوك الانسان جواب على نداء ا (رو 1 :18؛ 2 :8؛ أف 4 :24؛ 5 :9؛ 6 :14).

ثانيًا : في العهد الجديد. إن لفظة حقّ في العهد الجديد تعني الأمور عينها في تطبيقها على وحي ا في شخص المسيح. فحقّ ا أو أمانته لمخطّطه الخلاصيّ ينكشف في يسوع المسيح (رو 8 :3-7؛ 15 :8) الذي يُسمّى "الحقّ" (رؤ 3:7، 14؛ 19 :11). فالسند المتين للمسيحيّ هو يسوع المسيح (أف 4 :21)، هو الإنجيل (غل 2 :5) الذي هو كلمة الحقّ النهائيّة (أف 1 :13؛ يع 1 :18). فعلى الانسان أن يخضع لهذا الحقّ كالقاعدة الوحيدة لحياته (غل 5 :7؛ رو 2 :8). ومن ابتعد عن هذا الوحي النهائيّ، أصاب الحقّ في الصميم (1تم 6:5؛ 2 تم 4:4؛ تي 1 :14؛ 2بط 2:2). فا هو الحقّ وحده تجاه الاصنام الضعيفة الواهية (1تس 1:9).

وقد أعطت الكتابات اليوحناويّة مدلولَ الحق وجهة خاصة، بحيث إن عددًا من الشرّاح عادوا إلى العالم الهلنستي أو الغنوصيّ ليجدوا أصل كلام الرسول. في الواقع، مدلول الحقّ هو في خطّ المعنى اليهودي والمسيحي الأولاني. يُبرز يوحنا التقابل بين التهيئة اليهوديّة والوحي النهائي في المسيح. فالنعمة والحقّ في يو 1 :14، 17، هما النعمة التي صارت في المسيح واقعًا نهائيًا تجاه الشريعة التي أعطيت بموسى. لهذا، فالحق عند يوحنا هو واقع الخلاص، أو الواقع الذي أوحى به ا (مع تشديد على طابعه النهائيّ). والعبادة بالروح والحقّ هي العبادة التي بها يرتفع العبّاد الحقيقيون، بتأثير الروح، إلى مستوى الواقع الالهي الذي كُشف في المسيح ( يو 4 :23-24). والذين بشهدون للحقّ (يو 5 :33؛ 18 :37) يؤكّدون أن يسوع قال الحقّ، والآب يتكلّم ويعمل حقًا في يسوع. وبما أن يسوع هو وحي الآب الحقيقيّ، فهو النور الحقّ (1 :9؛ 8 :12؛ 1يو 2 :8)، الخبز الحقّ (6 :32)، الراعي الصالح والحقيقيّ (يو 10 :11، 14)، الكرمة الحقّة والحقيقية (15 :1). حكمه حقّ لأنه حكم الآب (7 :18). والذي أرسله موجود حقًا (7 :28) وهو الحقّ (8 :26) تجاه الكذّاب، تجاه عالم لا يؤمن (8 :44). وحقيقة الوحي في يسوع المسيح (8 :40، 45-46) هي واقع ديناميكي يخلّص المؤمن (8 :31)، وينقّيه (15 :3)، ويفعل فيه (2يو 2)، ويكرّسه (17 :17-19)، وينتزعه من عالم الشيطان الكاذب (8 :41-45). والحقّ لا يُفهم إلا بواسطة روح الحقّ (4 :23-24؛ 14 :17؛ 15 :26؛ 16 :31؛ 1يو 2 :27؛ 4 :6؛ 5 :6). ويسوع هو الطريق الذي يقود إلى الآب، لأنه الحقّ، ولأنه يمنح عطيّة معرفة حياة ا في تجلّيها السامي (كما هي في الآب). وبهذه الطريقة يعطي الحياة (يو 14 :6). والصلاة في الحقّ هي صلاة توافق وحي الآب هذا في شخص يسوع (4 :23-24). والعمل في الحقّ هو انفتاح على هذا الوحي، وعمل يوافق روحه (3 :21؛ 8 :44؛ 1يو 1 :6-8؛ 2 :4؛ 2يو 2-4؛ 3يو 3-4).







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.