الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: حيّة، (الـ)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

في اليونانية : اوفيس، إخيونا. في العبرية، تسعة أسماء. هناك لاويتان، و تنين اللذان يرتبطان بعالم السطر والحياة. و نحوشتان الذي هو الحيّة النحاسيّة التي كانت موضوع عبادة (2مل 18 :4). يتفرّع الاسم من "ن ح ش" الذي يدلّ على حيّة الفردوس (تك 3). كانت الحيات (أو : الأفاعي) تعيش بين الحجارة وفي الصخور (أم 30:19)، أو في رمل الصحراء الحارّ (لهذا قيل أن الحية تأكل التراب، تك 3 :14؛ إش 65:25؛ في 7 :17). وقد تختبئ الحيّة في الشجرة (تك 3) أو تصعد الحائط (عا 5:19). الحيّة السامة تسبّب الموت، فكانوا يخافون عضّتها (مز 14:4؛ أم 23:32؛ سي 21 :2؛ حك 17 :9). لهذا، كانوا يمارسون الرقية للنجاة من شرها (إر 8:17؛ مز 58:5-6؛ جا 10:11).

حيّة الـفردوس يبدأ الخبر اليهوهي عن السقوط (تك 3) فيذكر الحيّة التي كانت "أحيل جميع الحيوان الذي صنعه الرب" (آ1). فهو الذي بادر إلى الحوار (آ1-5) فطرح سؤالاً عامًا دفع المرأة كي توضح المنع الالهيّ (آ3؛ 2 :7). غير أن الحيّة عارضت حقّ ا في ذلك، ممّا يذكرنا بموضوع ميتولوجي، موضوع حسد الآلهة (آ4-5). عندئذ اختفت الحيّة عن المسرح وما عادت ظهرت إلاّ بعد الخطيئة بعد أن اتهمّتها المرأة لأنها أضلّتها (آ13). لهذا، نالت لعنَة ا (آ14-15) الذي حكم عليها بأن تمشي على بطنها، وتأكل من التراب، وتعيش في حال من العداوة الدائمة مع الانسان.

ما هي هويّة هذا الحيّة؟ كل ما نجده في التوراة هو تلميح من سفر الحكمة، ينسب دخول الموت إلى العالم، إلى حسد إبليس (2 :24). وهذا التماهي بين الحيّة وإبليس نجده في العهد الجديد، بشكل ضمنيّ (يو 8 :44) أو واضح في رؤ 12:9؛ رج 20:2 : "التنين العظيم، "الحيّة القديمة، والمسمى إبليس أو الشيطان". وقرأ آباء الكنيسة في هذا المنظور سفر التكوين، فاكتشفوا في 3 :15 أولى النبوء ات المسيحانيّة التي يربطها آباء الكنيسة بمريم العذراء.

ليست الحيّة تجسيد مبدأ الشرّ (وإن رمزت إليه. رج لو 10 :19)، وليست أساس الشرّ الذي نجده في العالم (ثنائيّة الخير والشر، ا وإبليس). فالشرّ يأتي من خطيئة الانسان، من رفضه الطاعة لمشيئة الربّ (تك 2 :17). الحيّة خليقة ا (3 :1)، بل أحيَل خلائقه في ما يقول، لا في ما يفعل (حيّة جلجامش سرقت شجرة الحياة). يتحدّث الكاتب الملهم عن الحيّة العادية التي صارت مضرب المثل بحيلتها وعداوتها مع الانسان، وخصوصًا بسبب الرمزيّة الدينيّة التي نجدها وراء هذه الصورة. فالاكتشافات الاركيولوجيّة دلّت على أن عبادة الحيّة انتشرت في الشرق القديم واحتلت مكانة هامة في الديانات الكنعانيّة. ودلّت التوراة على وجودها في اسرائيل، في شكل يتناسب والايمان بالربّ (عد 21:4-9؛ حك 16:5-15)، حتّى إصلاح حزقيا (2مل 18 :4). اعتُبرت الحيّة في هذا العالم الشرقيّ حيوانًا مقدّسًا، يتصل بعالم الالوهة (رمز بعض الآلهة والالاهات). وبالتالي بالحياة والحكمة. وهو يظهر في إطار هاتين الميزتين الاساسيتين في الخبر البيبليّ (3 :1-5) : هو يعد بالحياة (لن تموتا، آ4)، كما يعد بمعرفة سامية هي معرفة الآلهة (آ5). نلاحظ الاسلوب الحكميّ في الخبر : الحيّة محتالة (عروم، رج (أم 2:16؛ أم 13:16؛ 14 :15، أي الحكيم العاقل الذي يمتلك "ع ر م هـ" ). رأت المرأة أن الشجرة شهيّة وتساعد على امتلاك الفهم (هـ ث ك ي ل، آ6؛ (أم 3:4؛ أم 13:15؛ 16 :22-23).

هذه الرمزيّة تعطينا السبب الذي لأجله اختار الكاتب الملهم الحيّة، ونزع منها السطر (3 :1)، وجعلها في خبر السقوط. ولكن يبقى من الصعب أن نحدّد الرمزيّة التي أرادها الكاتب. فقد يكون أراد محاربة العبادات الكنعانيّة (حول الخصب) التي اجتذبت بني اسرائيل إليها. وقد يكون هاجم حكمة من النمط السحريّ أو النمط المصريّ، التي سيطرت في بلاط سليمان فهدّدت ديانة العهد الموحاة. ليست الحيّة حيوانًا مخلِّصًا، بل حيوانًا ملعونًا. واللعنة الرهيبة التي تفسّر ( ايتيولوجيا) هذا اللغز الذي هو الحيّة (يختلف عن سائر الحيوانات، يزحف على الأرض، يأكل التراب، ويعيش العداوة مع الانسان) كعقوبة فرضها ا، تشير في الوقت عينه إلى القوّة السريّة التي ترمز إليها. فبين الحيّة والمرأة، وبين نسل الحيّة ونسل المرأة، عداوة دائمة : هو (نسل المرأة) يسحق الرأس والحيّة تصيب العقب (آ15).







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.