الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: خروج، (سفر الـ ~)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

ثاني أسفار البنتاتوكس.

أولاً : الاسم. يسمّي القانون العبريّ خر بحسب كلماته الأولى : إله شموت (إليك أسماء). وسمّته السبعينيّة اكسودوس أي خروج. ولكن 15 فصلًا من أصل 40 تتحدّث فقط عن الخروج.

ثانيًا : المضمون. خر هو كتاب بيبلي يشتمل على تنوّع كبير : أخبار تاريخيّة وشعبيّة، قصائد، أنساب، شرائع، اعتبارات أخلاقيّة وقانونيّة وعباديّة، تصوير مفصّل لأواني العبادة... ولكن عبر كل هذا، نجد لحمة توحّد الكتاب. خر هو امتداد تك. ونقطة انطلاقه هي العبوديّة التي يتحمّلها نسل يعقوب في مصر (1 :8). فبعد خبر النجاة (قسم سلبي) وعهد سيناء (قسم إيجابي)، يرد تصويرُ أقدم تنظيم دينيّ واجتماعيّ في الشعب. في هذا الوقت لم يعد إسرائيل فقط شعبًا مستقلاًّ. لقد صار شعب ا (6 :7؛ 19 :5 ي؛ 29 :46). وحول موضوعَي الخروج وعقد العهد، نستطيع أن نقسم خر كما يلي :

(أ) النجاة من مصر (1 :1-15 :21). ا الأمين على وعده (6 :2-7) أقام مخلِّصا لبني إسرائيل المضايقين (2 :24) فدعا موسى (3 :10). استعدّ موسى بعناية ا لمهمتّه حين كان في مصر وفي البريّة، وساعده ا فانتزع إخوته من البلد المستعبد وقادهم على البحر الذي انفتح أمامهم، إلى حياة جديدةً.

(ب) الجوع والعطش والأعداء. كل هذا يحيط من كل جهة بالإسرائيليّين فيكشف إيمانهم الضعيف. ولكن ا يستمع لصلاة موسى ويُظهر أمانته لشعبه (15 :22-18 :17).

(ج) أعلن اسرائيل يهوه ربّه، وتبنّى يهوه اسرائيل كشعبه (19 :1-40 :38). في ظهور مهيب عرَّفهم ا شروط عهده : الوصايا العشر أو الديكالوغ (20 :2-17)، ثمّ دستور العهد المفصّل (20 :22-23 :19). وعد الشعبُ أن يحفظ كل هذا (24 :3-7)، وقطع العهد بصورة احتفاليّة (24 :8). وبعد عدد من التنظيمات تحدّدت فيها شروط العهد وبالأخص كلُّ ما يتعلّق بشعائر العبادة والمعبد (25 :31)، روى ف 32 خبر العجل الذهبيّ الذي بيّن مرّة أخرى ضعف إيمان اسرائيل بربه. وحين أبعد موسى غضب ا، تجدّد العهدُ وشروطه (34 :14-26) : هذه هي الوصايا (ديكالوغ) الليتورجيّة. وتعرض ف 35-40 بالتفصيل كيف نفّذ بنو إسرائيل أوامر الربّ فيما يخصّ المعبد.

ثالثًا : أصل خر. ينسب التقليد اليهوديّ والمسيحيّ خر (الذي هو قسم من البنتاتوكس) إلى موسى. ولكن اختلاف الأسلوب والمفردات والعقليّة يدعو المؤوّل لكي يميّز كاتبًا يهوهيًّا (تعود إليه الأقسام الأخباريّة) وكاتبًا إلوهيميًّا وكاتبًا كهنوتيًّا. استغرق تجميع هذه النصوص أجيالاً. لم يزل هناك بعض الاختلاف. ولكن الطابع الإلوهيمي ظاهر في 3 :13-15؛ 17 :8-15؛ 20 :2-17؛ 20 :22-23 :19. ونكتشف التقليد الكهنوتيّ مع التفاصيل الكرونولوجيّة والمعلومات عن الأنساب في 1 :1-5؛ 6 :2-12؛ 6 :14-25؛ 12 :1ي؛ 37 :1ي، وخاصة ف 25-29. وقد زيدت ف 35-40 فيما بعد. إذًا خر كما نعرفه الآن ليس كتابًا دوِّن دفعة واحدة، بل عملاً نما عبر العصور. هذا لا ينفي أن يكون موسى هو كاتبه بسبب تأثيره كفاعل ومشترع على مضمون هذا الكتاب. فأقدم نواة الأخبار والشرائع تعود بلا شك إلى موسى نفسه. ثمّ إنّ التقاليد القديمة الحيّة التي وجدت تعبيرها في ظروف دينيّة واجتماعيّة جديدة والتي استعادها خر، ترجع في أصلها وروحها إلى موسى. لهذا نستطيع أن ننسب إلى موسى خر. ومع أنّ مضمون الكتاب الحقيقيّ وتدوينه لا يعودان إلى موسى إلاّ بصورة جزئيّة، فالتقليد والروح اللذان يتشبّع منهما الكتاب هما عملُه.

رابعًا : لاهوت خر. يقدّم خر الاساسَين الأولين في فكر اسرائيل الدينيّ : يهوه هو الإله الواحد لإسرائيل (20 :2 ي). بين يهوه واسرائيل توجد علاقة خاصة مؤسّسة على الاختيار (19 :4-6). فرغم الصور الانتروبومورفيّة التشبيهيّة، اسرائيل يعرف يهوه ككائن روحيّ (20 :4؛ 34 :17) يأمر قوى الطبيعة (7 :14-10 :29) ويفعل في مصر (3 :21؛ 11 :9) كما في كنعان (6 :8؛ 23 :27-33). ويهوه هذا يقود حياة البشر (13 :21ي؛ 23 :20-23). يفرض الطاعة للشرائع الأخلاقيّة (20 :2-17). إنّه ليس فقط الإله العادل الذي يسهر على تتميم شروط العهد، بل هو أيضاً الإله الرحيم (20 :5 ي؛ 34 :5ي) الذي يتذكّر عهده ويقتنع بناء على طلب موسى (32 :7). فالخروج وقطْعُ العهد هما مهمّان من أجل تاريخ إسرائيل بحيث إن الفكر الدينيّ في هذا الشعب يتشرّب من ذكرهما. ولهذا فنصوص عديدة من التوراة تذكر هذين الحدثين، وتتحدّث عنهما دومًا الأناشيدُ الدينيّة (مز 68 :6ي؛ 77 :20ي؛ 78 :1ي؛ 81 :11؛ 351 :8ي...).

في كل فصح يعيش المؤمن الأحداث التي عاشها أباؤه في الماضي.

ويسوع نفسه أراد قبل أن يموت أن يتمّ هذه الشعائر التقليديّة. فالعهد الجديد يذكر دومًا الخروج ويعتبر أحداث الماضي كرموز تدلّ على المسيح. والطريقة التي فيها تحدّث مت 3-4 عن بداية حياة يسوع العلنيّة يجعلنا نفكّر أن الإنجيليّ رأى في يسوع تجسيد إسرائيل الحقيقيّ. أخذه الروح إلى البرّيّة (إش 63:14) في محنة دامت 40 يومًا، فتغلّب على التجربة التي سقط فيها إسرائيل حسب الجسد حين طلب لحمًا (عد 11:33) وسأل آية (خر 17:2-7) وبادل إلهه بعجل ذهبيّ (خر 32 :1ي). وليس من قبيل الصدف أن تعود أجوبة يسوع إلى تاريخ الخروج (مت 4 :4 تث 8:3؛ مت 4:7 تث 6:16؛ مت 4:10 تث 6 :13-15). فإسرائيل الحقيقيّ حسب الروح هو يسوع، والنجاة النهائيّة من نير الخطيئة الطويل تبدأ مع يسوع. ويجب أن نذكر أخيرًا مقابلة 1كور 10 :1-4 بين عبور البحر الأحمر والمنّ في البريّة من جهة، وبين المعموديّة والإفخارستيّا من جهة ثانية (رج أيضاً عب 3:1-9؛ 9 :18-28). قال بولس : "حدث لهم هذا كلّه ليكون نذيرًا، وهو مكتوب ليكون عبرة لنا نحن الذين انتهت إليهم أواخر الأزمنة" (1كور 11 :11). فحياة المؤمن هي خروج من هذا العالم الخاطئ نحو أرض السماء الموعودة، وسفَر يغذّيه ا فيه بطريقة عجائبيّة. فلا ندهش إن كان آباء الكنيسة أوردوا معطيات خر، وإن كانت الليتورجيّا تأخذ الكثير من نصوص خر ولاسيّمَا في سرّ العماد وعيد الفصح.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.