الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: خلق، (الـ)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

1) العهد القديم. أولاً : الألفاظ والكلمات. (أ) ألفاظ عامة. حين يريد العهد القديم أن يُعبِّر عن فكرة تقول بأن السماء والأرض والانسان مدينة بوجودها ، فهو يستعمل ألفاظاً مأخوذة من نشاط الانسان الانتاجيّ : ا أسّس (ي س د)، ثبّت (ك و ن ن)، بنى (ب ن هـ)، جبل (ي ص ر)، ولد (هوليد)، صنع (ع ث هـ) الكون. ويرتبط اختيار هذه الألفاظ بفكرة الكاتب الملهم تجاه بنية الكون (أسّس، بنى، ثبّت) وبالطريقة الانتروبومورفيّة أو الشعرية التي يمثّل بها عمل ا (جبل، ولد، نشر السماء كقماش خيمة). وعرفت النصوص أيضاً لفظتين خاصتين جدًا : ق ن هـ (اقتنى). ب ر ا (برأ). بيَّن بعضُ الشرّاح بالاستناد إلى نصوص أوغاريت ومدوّنات كاراتيبي ولبتيس مغنا (أفريقيا الشمالية)، أن فعل "ق ن هـ" لا يعني فقط اقتنى، بل خلق. لسنا هنا أمام جذرين مختلفين (ق ن و. ق ن ي). إن لفعل "ق ن ه" معنى الخلق والانتاج مع يهوه كفاعل (تك 14 :19، 22؛ تث 32:6؛ (مز 78:54؛ مز 139:13؛ أم 8:22. رج تك 4 :1 مع حواء كفاعل).

(ب) ألفاظ خاصة. إن اللفظة المخصّصة في اللاهوت البيبلي عن الخلق هي "ب ر أ". لا يستعملها العهد القديم إلاّ للحديث عن عمل ا. ونلاحظ أن هذه اللفظة التي ترد 52 مرة في التوراة، لا ترد إلا في الكتّاب المنفاويين أو البعد المنفاويين (16 مرة في أش الثاني، 4 في إش الثالث، 7 في تك 1 :1-2-4أ؛ 3 في تك 5 :1-2؛ 3 في حز، ثم في مز 51:12؛ 89 : 13، 48؛ 102 : 1ي؛ 104... ونذكر أيضاً خر 34:10؛ عد 16:30؛ إر 31:22). إن تث 4:32؛ سي 15 :14 يلمحّان إلى تك 1 (رج أيضًا حز 28:13، 15). مهما يكن المعنى الاولاني لفعل "ب ر أ" (في العربية الجنوبية يعني : بنى)، فالفكرة الأساسيّة للفظة في التوراة هي "صنع شيئًا عجيبًا، جديدًا، مدهشًا". ويظهر الفعل مع هذا المعنى وبدون مدلول لاهوتي ثانويّ في خر 34:10 (حيث ينطبق على معجزات أجراها ا من أجل شعبه)؛ عد 16:30 (حيث موضوعه موت داثان وأبيرام الفجائي)؛ إر 31:22 (حيث الحديث عن الجديد الذي هو عودة اسرائيل إلى الرب. رج إش 48:7؛ 65 :18). أما مفعول فعل "ب ر أ" فهو : السماء والأرض (تك 1 :1؛ 2 :4أ؛ إش 42:5؛ 45 :8)، الشمس والقمر والكواكب (مز 481:2-5؛ إش 40:26)، النور والظلمة (أش 45:7)، الرياح (عا 4:13)، الشعوب (إش 43:1، 15؛ حز 21:30؛ مز 210:19)، الانسان (تك 1 :27؛ 5 :1-2؛ 6 :7؛ تث 4:32؛ (إش 45:12؛ إش 54:16؛ حز 28:13، 15؛ لا 2 :10)، القلب النقيّ (مز 51:12).

ثانيًا : فكرة الخلق خارج اسرائيل. إن الفكرة القائلة بأن الكون والانسان هما عمل إله خالق، قد انتشرت انتشارًا واسعًا في الشرق القديم. ففي كوسموغونية هليوبوليس، اتوم الذي وُلد من نون بقواه الخاصة، انتج المياه الاولانيّة والهواء والرطوبة، وابتلع زرعها وأنماه في جسده : كوّن الماء والرطوبة زوجًا إلهيًا ولّد بدوره السماء والأرض. وحسب لاهوت ممفيس، أعطى الاله بتاح، بقلبه وبلسانه الوجود للآلهة ولقوى الحياة. فاعتُبر الإنسان عمل الإله الكبش خنوم : جبله على آلة الفخاريّ. واختلفت كوسموغونيات بلاد الرافدين وسورية وفلسطين ولبنان عن الكوسموغونيات المصرية الهادئة، فانطبعت بصراع الإله الخالق مع الشواش. في الملحمة البابلونية "إنوما إليش"، كوّن مردوك العالم انطلاقًا من الشواش بعد صراع مرير مع تيامات الوحش البحريّ. دلّ على قدرته الخلاّقة حين دمّر بكلمة واحدة من فمه قطعة قماش ثم أعاد خلقها. وحسب مدوّنات كاراتيبي ولبتيس مغنا، حمل الاله إيل في مجمع الآلهة الكنعاني صفة "ق ن. رص" (خالق الأرض). وسمّت نصوص أوغاريت "اثيرت" زوجة إيل "ق ن ي ت. إ ل ي م" (خالقة الآلهة). وتحدث عليان بعل عن إيل على أنه "خالقنا وأبونا". ومع أن في وضع خنوم ومردوك يدور الحديث عن إنتاج الأشياء في ملء كيانها، بقدرة ا الخالق وحدها، فهذان الالهان يرتبطان في أصلهما بمادة أولى هي أساس كل موجود.

ثالثًا : فكرة الخلق في اسرائيل. (أ) توسّع الفكرة. في الكتابات القبل منفاويّة، لا تحتلّ فكرةُ الخلق حيّزًا واسعًا. فأقدم نصّ ينسب إلى ا نشاطاً خلاّقًا هو الخبر اليهوهي عن خلق الانسان (تك 2 :4ب-24). نقطة انطلاق عمل ا الخلاّق، هي صحراء بدون ماء ولا نبات (ذاك هو الوضع الأصليّ للأرض). وهذا العمل يقوم بريّ الأرض ونباتها، بغرس بستان، بخلق الحيوانات والانسان. وجبْل الحيوان والانسان بتراب الأرض النباتي، يجعلنا نفكّر بما عمله الاله المصري خنوم. اهتمّ الكاتب الملهم أهتمامًا خاصًا بخلق المرأة التي بناها (ب ن هـ) ا بـ "ضلع" آدم. في الاوغاريتية، يتكوّن مع لفظة "ب ن هـ" صفة إيل كأب البشرية (ب ن ي. ب ن و ت، باني المبنيين أو خالق الخلائق). ومع أن مضمون النصوص لا يتيح لنا أن نتكلّم عن الخلق في المعنى الحصري (من العدم)، إلاّ أنه ينتج من الخبر أن الكاتب ينسب إلى ا سلطة تامّة على المادة.

بالإضافة إلى ذلك، ليس الخلق بالنسبة إلى ا عملاً ضروريًا، بل عملاً حرًا كله، يتوجّه نحو هدف محدّد. عمل إله يعتني كل العناية بخليقته (آ8-9، 18). ونلاحظ أيضاً أن الخلق لا يصوَّر لذاته، بل على أنه التجلّي الأول لإرادة ا الخلاصيّة. إن (إش 29:16؛ إش 45:9؛ 64 :7؛ إر 18:1-6 يلمّح إلى تك 2 :7. وإذا وضعنا تك 2 جانبًا، يتفرّد إرميا في الحديث عن خلق الكون بيد يهوه (27 :5؛ 31 :35؛ رج 38:16). وحسب تك 8 :22، يشدّد إر 31:36 بشكل خاص على ثبات نظام الأشياء كما خلقها ا. والفكرة القائلة بأن التاريخ هو أيضاً عمل الرب الذي خلقه مسبقًا منذ القدم، قد عبّر عنها إش 22:11؛ 37 :26 بمناسبة الكلام عن اجتياح سنحاريب للبلاد. هي تكوّن أحد المواضيع المفضّلة لإشعيا الثاني. وأخيرًا، إن الكلام عن إيل عليون (ا العلي) الذي ماهاه تك 14 :19، 22 مع يهوه، كخالق (ق ن هـ) السماء والأرض، يعكس بشكل أكيد فكرة قديمة عن اللاهوت الخلاّق كما عرفها الكنعانيون.

بعد المنفى، شكّلّت فكرة الخلق التي عُبِّر عنها باشكال متنوّعة عنصرًا مهمًا في الفكر الديني لدى الشعب اليهوديّ. فهناك نصوص شعريّة استندت إلى معطيات وصور مأخوذة من الميتولوجيات الكنعانيّة والبابلية، فصوّرت الخلق كصراع يقوم به ا ضد الاوقيانوس الاولاني الذي يُوصف كوحش هائل ويُسمى رهب أو لاويتان ((مز 74:13-14؛ مز 89:10-11؛ أي 3 :8؛ 7 :12؛ 9 :13؛ 26 :12-13؛ إش 51:9). في انوما اليش (4 :7-8)، قطع مردوك قطعتين (كما يُقطع الصَدف) تيامات الوحش، فكوّن من النصف الأول الاوقيانوس السماوي وحصر مياهه خلف مغاليق (نشو 67ب). ومثله فعل يهوه، فشقّ البحر (مز 74:13؛ إش 51:9)، وسيطر على هيجانه بمزاليج وأبواب (أي 38 :10).

والأدب الحكمي باتجاهه العمليّ واهتمامه بالنسبة والكيل، رأى في الخلق عمل مهندس. فا تقوده حكمته (التي تقدّم كشخص حيّ)، فيعطي كل أجزاء الكون، الاوقيانوس الأولاني والجبال وقبّة السماء والسحاب وعواميد الأرض، مكانها المحدَّد وقياساتها المرادة وثباتها الضروريّ (أم 3:19؛ 8 :22-31؛ حك 7 :21؛ 9 :9؛ سي 24:1-6). ويقابل أي 38 :1-11 خلق الأرض ببناء بناية : حدّد ا الأرض. وضع الأساسات، جعل حجر الزاوية في موضعه. وبموازاة ذلك، كبح ا جماح المياه النابعة من قلب الأرض ورسم لها حدودًا لا تستطيع أن تتعدّاها. ونجد الفكرة عينها في أم 8:29؛ (مز 104:8-9؛ مز 148:5-6؛ إر 5 :22.

وأكمل تعبير عن هذا الموضوع هو تك 1 :1-2 :4أ، حيث يبني ا الكون منطلقًا من الشواش، عبر ست مراحل مترابطة ترابطاً منطقيًا : من عشب الحقل إلى الكواكب في السماء، كل شيء هو عمل ا (رج خبر الخلق). ما يلفت النظر هنا وتجاه تك 2 :4 ب، هو أن كلمة ا تكفي لتعطي الوجود للنور والأرض والبحار والنبات. نسب الشرق القديم إلى الكلمة، ولا سيّمـا إلى كلمة البركة واللعنة، فاعليّة لا تخطئ. وحُسبت عبارة سحريّة تمتلك قوّتها في ذاتها، كصوت خارج من فم الانسان ومستقلّ عن إرادة الذي يتلفّظ بها. ولكن في اسرائيل حيث سُمعت الكلمة في "الكلمات العشر" ( الوصايا العشر أو الدكالوغ) وأقوال الأنبياء، فقد عبّرت عن إرادة ا الحرّة والسامية والفاعلة من أجل خلاص شعبه. وهذه الكلمة عينها، حين تعود إلى الخلق أو إلى نموّ الكون، لا تصوّر كنداء طبيعيّ أو سحريّ باتّجاه قوى خفيّة. لا يمكن أن تكون سوى تعبير فاعل جدًا لإرادة قديرة ومستقلّة تصوّر قصدًا مسبقًا وغير مفروض من الخارج.

في تك 1، كلمة ا هي ناموس الخلق بالذات. وحين تُلفظ، تصبح علّة نظام كونيّ لا متحرّك ومستمرّ : إن تناوب النور والظلمة بدأ منذ الآن، ولن يتوقّف أبدًا (آ3-4). وجُعلت الأرض قادرة على إخراج النبات الأخضر (آ11). وبدأت الشمس والقمر مسيرتهما بشكل منتظم ولا متقطّع (آ16-18). خلق ا عددًا من الأشياء بكلمته، و "صنع" الفلك والنيرّين الكبيرين في السماء (الشمس والقمر) وحيوان البرّ. إن التوازي مع الكلمة ينقّي مضمون لفظة "صنع" ويرفعها. أما فعل "ب ر ا" الذي استعمل للحديث عن خلق وحوش البحر والانسان، فيشدّد على الطابع العجيب والمتسامي لعمل ا.

ونجد فكرة الخلق بالكلمة في مز 33:6-9؛ 148 :5-6 (يعبّر تعبيرًا تامًا عن فكرة تقول إن كلمة ا هي في أصل نواميس الطبيعة)؛ 104 :7؛ 147 :4-5، 15-18؛ إش الثاني. غير أن الروح تختلف بعض الشيء عمّا في تك 1 : ففي تك 1، تبدو الكلمة الخلاّقة جامدة. أما هنا، فهي ديناميكيّة جدًا. لقد أبرز النبي قدرة يهوه الذي بكلمة واحدة سيطر على قوى الكون، وجعل كلاً منها في مكانها ((إش 40:26؛ إش 44:27؛ 48 :13؛ 50 :2). لقد أراد الكاتب أن يبيّن للمنفيّين أن يهوه يستطيع أن يعيد بناء شعبه بشكل بارز. يهوه خلق الكون كله. هذا قول لا جدال فيه (إش 40:26؛ 45 :7، 12، 18، مع فعل "ب ر ا". رج 40:22؛ 44 :24). بل نسب الظلمة والشرّ إلى سلطان ا الخلاّق (45 :7).

وقد شدّد هذا النبيّ على البعد التاريخيّ والخلاصيّ لنشاط ا الخلاّق : فاختيار اسرائيل هو في نظره عمل خالق (43 :1، 7، 15؛ 54 :5). وهذا السلطان لا يعمل فقط في أصل العالم الماديّ وحفظه، بل يحقّق أيضاً معجزة الخلاص الذي وُعد به إسرائيل (41 :20؛ 45 :8؛ 48 :7). ولقد عبّر الشعب العبراني عن دهشته لعظمة فعل ا الخلاّق في أناشيد مليئة بالحماس (مز 8؛ 19 :1-7؛ 104) وفي مجدلات تعبق بالإيمان (عا 4:13؛ 5 :8-9؛ 9 :5-6). وجّه صلواته إلى يهوه، خالق السماء والأرض (إر 32:17؛ نح 9:6؛ يه 9 :12؛ أس (يو) ج :3). ووُجد موضوع الخلق في عدد من المزامير (24 :1-2؛ 33 :6؛ 89 :12-13؛ 93 :1؛ 95 :5؛ 119 :73، 90-91). وأخيرًا، في الهجوم اليهوديّ على عبادة الأوثان، تميّز الاله الحقيقي بالخلق، عن الأصنام (إش 40:18-26؛ (إر 10:11-12؛ إر 51:15-16؛ دا (يو) 14 :5؛ حك 13 :1-9؛ 15 :11؛ مز 115:3-8).

(ب) ميزات فكرة الخلق. لا أثر لولادة الآلهة في الديانة اليهويّة. فيهوه الاله الخالق لم يُولد من مادة اولانيّة، بل وُجد على الدوام. وعبّر إش الثاني عن هذا الايمان في عبارة تقول : "أنا يهوه الأول وأكون مع الآخرين" (41 :4؛ 44 :6؛ 48 :12). وبداية تك 1 :1، التي تجعل عمل ا الخلاّق في أصل السماء والأرض، تعبّر عن الفكرة عينها. ويبدو نصّ أم 8:22-26 أكثر وضوحاً حين يتحدّث عن وجود الحكمة الالهيّة قبل العالم الماديّ، بل قبل الاوقيانوس الاولاني الذي يعتبره تك 1 :2 نقطة الانطلاق لعمل ا (رج مز 90 :2). ولكن الذي يؤمن أن المادة لم تكن موجودة دائمًا، يُفرض عليه منطقيًا أن يعتبر الخلق إنتاجًا من العدم. لا نجد تعبيرًا حرفيًا عن هذه النظرة إلاّ في 2مك 7 :28. فعند بني اسرائيل يتميّز التعليم عن الخلق بطابعه السوتيريولوجيّ. لقد شدّد تك 1 :1-2 :4أ على أن المخلوقات التي برأها ا، كانت حسنة. وصوّر تك 2 :4ب -24 سعادةَ الإنسان الأول. ولكن الخطيئة يلبلت النظام القديم، وحوّلت مياهُ الطوفان الكون الجميل إلى شواش تدبّ فيه الفوضى. وتقول نصوص بعد منفاويّة إن العالم الحاضر سيُدمَّر (إش 51:6؛ مز 102:26-27) وتحلّ محله سماء جديدة وأرض جديدة يخلقها ا (إش 65:17؛ 66 :22. رج اسكاتولوجيا).

2) العهد الجديد. حين يتحدّث العهد الجديد عن الخلق، فهو يستعمل لفظة مكرّسة "كتيزو" (جعل الموضع مأهولاً، أسّس) مع ا كفاعل الفعل. ساعة تُرجمت التوراة إلى اليونانيّة، لم يكن لفعل "كتيزو" هذا المعنى. فعلى 26 مرّة قرأت فيه السبعينية "ب ر ا" لم تترجمه بـ "كتيزو" سوى في 17 مرة.

عبّر العهد الجديد بوضوح عن إيمانه بشموليّة الخلق : لقد خلق ا كل شيء (1كور 8 :6؛ أف 3 :9؛ عب 3:4؛ رؤ 4:11). كل ما في السماء وعلى الأرض، الأشياء المنظورة واللامنظورة (كو 1 :16؛ رج (أع 4:24؛ أع 14:15؛ 17 :24؛ رو 11 :36؛ رؤ 10:6؛ 14 :7).

والتلميح المتكرّر إلى بداية العالم ((مر 10:6؛ مر 13:19؛ مت 24:21؛ 1بط 3:4؛ رج مت 19:4، 8)، وتسمية البدء المعطى للخلق (عب 1:10؛ رج مت 25:34؛ لو 11 :50؛ (عب 4:3؛ عب 9:26؛ رؤ 13:8؛ 17 :8)، وعبارة "قبل إنشاء العالم" (يو 17 :24؛ أف 1 :4؛ 1بط 1:20؛ رج يو 17 :5)، تدلّ على أن العهد الجديد، شأنه شأن العهد القديم، نسب إلى الكون مدى محدودًا. وهذا عائد إلى أن التعبير عن عقيدة الخلق في إطار الزمان، صار في متناول الفكر البشريّ المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمحسوس. هذا هو وضع تك 1 :1 الذي إليه تلمّح النصوص الواردة. فعبارة "في البدء" تنسب إلى عمل ا الخلاّق أصل الكون بالذات، ولكنها لا تأخذ موقفًا من المسألة الفلسفيّة التي تريد أن تعرف إن كان عالمٌ ماديّ متحرّك يرتبطُ ارتباطًا كينونيًا بخالق ما، صار (بل هو الكائن) وما كان له بداية. هذا من جهة. ومن جهة ثانية، إن نظرة الاسرائيلي إلى تاريخ الخلاص قد أثرت تأثيرًا كبيرًا في عقيدة الخلق، لأن الكتّاب البيبليين نظروا إلى الخلق بالنظر إلى هذا التاريخ. أن يكون للعالم بداية هو التعبير الملموس الذي به تعبّر البيبليا عن ايمان الخليقة بأن ا خلقها. ونسبت 1كور 8 :6؛ كو 1 :16؛ عب 1:2-10 إلى المسيح الدور الذي لعبته الحكمة في الخلق. هو "أصل خلق ا " (رج أم 8 :22). ويرى فيه يو 1 :1-3 اللوغوس، كلمة ا، الذي حُبل به كائنًا تتميّز شخصيّته عن شخصيّة ا، ولكنه يتماهى بالطبيعة الالهيّة مع ذاك الذي نسب إليه تك 1 عمل الخلق.

ونجد موضوع الخلق الجديد في 2كور 5 :17؛ غل 6 :15؛ أف 2 :10، 15؛ 4 :24؛ كو 3 :10؛ 2بط 3:13؛ رؤ 21:1. والخليقة الحاضرة تئن تحت نير الفساد، وتتوق إلى هذا التجديد (رو 8:19-25).







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.