الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: رجاسة الخراب


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

1) العهد القديم. في العبرية : ت و ع ب هـ. ش ق و ص. الأولى تدلّ على انتهاك شريعة طقسيّة أو أخلاقيّة : مثلا، تقديم حيوان فيه علّة كذبيحة (تث 17:1)، ممارسة السحر (تث 18:10-12) وزنى الذكر مع الذكر (لا 18 :22)، استعمال ميزان الغش (تث 25:14-16)، كذب في المعاملات التجاريّة (أم 3:33)، التصرّف بسوء نيّة (أم 6:13-19). كل هذا هو "ت و ع ب هـ " بالنسبة إلى يهوه : هو يمقت هذه الممارسات (لا 18 :27-29). ولكن عبادة الأوثان هي أكثر رجاسة ((تث 12:30-31؛ تث 13:14؛ 17 :4؛ 2مل 16 :3؛ 21 :2). فالأصنام والأوثان المكرسة ومذابح البعل، تسمّى أيضًا رجاسة ((تث 7:26؛ تث 27:15؛ 2مل 23 :13). وبمختصر الكلام، كل خيانة للعهد هي رجاسة ولا سيّما عبادة الأوثان في كل أشكالها : ذبائح، بغاء مكرّس، عبادة موجّهة إلى بعل أو عشتارت.

أما لفظة "ش ق و ص" فهي مرادفة "ت و ع ب هـ"، ولكنها تستعمل دومًا في إطار عبادة الأوثان (تث 29:16؛ 1مل 11 :5، 7؛ 2مل 23 :13؛ إر 4:1؛ 7 :30). إن لا، تث، والأنبياء، وكتب الحكمة (أم، سي)، يندّدون بممارسات رجاسيّة هي سبب غضب الله. لهذا رُذل الشعب الذي دنّس بهذا الشكل الأرض المقدّسة (حز 36:16-36). نشير إلى أن الكلمة اليونانية التي تقابل "رجاسة" (بدالغما) ترد 120 مرة في السبعينية.

والخراب (ش م هـ. ش م م هـ) في اليونانية : (إريموسيس) هي ترك الأرض وعودة إلى الصحراء بسبب الرجاسة (إر 4:1-27؛ حز 6:2، 14). إن جمع "رجاسة" مع "خراب" يرتبط بالمنفى في بابل. أما إعادة البناء وتجميع الشعب فهما علامة غفران الله (حز 36:33-36). نجد اللفظتين في عبارة واحدة في (دا 9:27؛ دا 11:31؛ 12 :11؛ 1مك 1 :54. هذه المقاطع الأربعة ترتبط بحدث واحد : تنجيس هيكل أورشليم بيد أنطيوخس الرابع ابيفانيوس في اليوم الخامس عشر من شهر كسلو، في سنة 145 حسب التقويم السلوقي (167 ق.م.). إن هذا المغتصب (دا 10:21) أبطل التقدمة الدائمة (دا 9:27) وجعل مكانها العبادة الوثنيّة. كل هذا كان جزءاً من محاولة سيقاومها المؤمنون حتى الاستشهاد، أو سيحملون السلاح في وجهها (1مك 2-4؛ 2مك 6-7؛ 8). وقال 2مك 6 :2 إن الهيكل كرِّس لزوش الاولمبي. حين نعرف أن هذا الاله يقابل بعل شميم، الاله الكنعانيّ، نفهم التلاعب على الألفاظ. صار "ربّ السماء"، "ش ق و ص. ش و م م" أي صنم الخراب. الصنم للشفقة.

إن رجاسة الخراب، أو الرجاسة التي تحوّل الأرض إلى صحراء، أو المدمّر ورجاسته، أو الصنم الذي يجعل الانسان يقشعرّ، كل هذه العبارات تدلّ على وجود ما لا يطيقه الله في الهيكل. وهذا ما يثير غضبه وعقابه تجاه منجّس الأقداس.

2) العهد الجديد. استعاد العهد الجديد عبارة نجاسة (رجاسة) الخراب في مت 24:15؛ مر 13:14. هذان المقطعان جزء من الرؤيا الازائية : "حين ترون نجاسة الخراب التي يتحدّث عنها النبي دانيال...". فالذين في اليهوديّة يهربون إلى الجبال على مثال ضحايا اضطهادات انطيوخس. يُفسَّر هذان النصان في سياق تنجيس (أو تدمير) هيكل أورشليم بيد الرومان الذين قتلوا الغيورين الذين لجأوا إليه.

غير أن معنى العبارة هو أغنى من عودة إلى حدث مؤلم بالنسبة إلى الشعب اليهوديّ الذي ذكّره بالمنفى واضطهاد انطيوخس، وشابهه بنهاية العالم بسبب بشاعته. فوجود رجاسة الخراب، هو مع القلق ومجيء المقاومين للمسيح والمسحاء الكذبة، علامة تعلن نهاية الأزمنة وتسبقها (مر 13). ثم إن مر جعل من لفظة خراب شخصًا حيًا. لا شك في أن كاليغولا الامبراطور الروماني حاول سنة 40 أن يجعل تمثاله في الهيكل، وقد يلمّح مر إلى هذه الرجاسة التي تجعل الانسان يأخذ مكان الله. ولكن يبدو بالأحرى أننا أمام المناوئ للمسيح (انتيكرست)، "الشيطان"، الذي يحلّ محل الله ويطلب أن يُعبد هو لا الله. وقد سُمّي "رجل المعصيّة وابن الهلاك" (2تس 2:3-4)، أو "ملاك الهاوية واسمه بالعبرية أبدون" (رؤ 9:11). هو الوحش (التنين) الذي سقط من السماء (رؤ 12؛ رج مت 4 :9).

حسب هذه النصوص، هذا الخصم يملك وقتًا من الزمن. إذن، رجاسة الخراب هي كل حضور لهذا الخصم. ودمار الهيكل هو للعهد الجديد، علامة نهاية العهد القديم. فالهيكل الذي هو "بيت صلاة لجميع الشعوب" (مر 11:17؛ رج إش 56 :7) كان رمز امتياز اليهود واستبعاد الوثنيين (اللايهود). لا شكّ في أن المكان المقدّس قد تدنّس بمقتل الغيورين ووجود الجيوش الرومانيّة. ولكنه دُنِّس بشكل خاص لأنه حكم على يسوع بالموت. صارت المدينة المقدسة "بابل". صارت ابنة صهيون "زانية" (رؤ 11 :8 : هنا المدينة مسماة سدوم أو مصر؛ رج 17:4-5)، فلم يعد لله أن يفعل شيئًا. فكما فعل في نهاية تاريخ ملوك يهوذا حين مضى الشعب إلى المنفى (حز 11 :10 : ترك مجدُ الرب الهيكل)، هكذا تخلّى الآن عن بيته، ودمار الهيكل هو علامة هذا التخلّي. فالرجاسة التي اقتُرفت في أورشليم سبّبت خرابها، جعلتها صحراء مقفرة. "سقطت بابل العظيمة... صارت مسكنًا للشياطين ومأوى لجميع الأرواح النجسة وجميع الطيور النجسة البغيضة!" (رؤ 18:2؛ رج إش 13:21؛ إر 50:33). وتستطيع أورشليم الجديدة أن تحلّ محلّها : لم يعد هيكل فيها (رؤ 21:22).







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.