الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: سطرة، (الـ)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

لفظة تقابل "ميتوس" (خبر شعبي أو أدبي يرينا اشخاصًا يتفوّقون على البشر، أو أعمالاً خيالية فيها تُنقل أحداث تاريخيّة أو نتمنّى وجودها)، وترتبط بالميتولوجيا (مجمل السطر والحكايات الخاصة بشعب أو بحضارة أو بمنطقة).

أدخلت لفظة "ميتوس" في الغرب حوالى سنة 1800 لتشرح ما في نصّ العهد القديم من أمور تنقصها الروح العلميّة. قالوا : عبّر الكتّاب الملهمون عن الأمور بحسب أشكال الفكرة واللغة في عصرهم. وكانت العادة في القديم أن يتحدّثوا عن الآلهة الذين يتدخّلون في العالم. لهذا، رأينا الطوفان والمجاعة وسائر الكوارث، كما رأينا الحسنات الطبيعيّة والتاريخيّة التي نُسبت إلى عمل الله المباشر، أو إلى الملائكة والشياطين. وما عتّموا أن طبّقوا مدلول السطر على العهد الجديد لإبراز الأخبار الانجيليّة واستبعادها عن تفسير أصوليّ يقبل بتدخّل العالم الفائق الطبيعة في كل شاردة وواردة.

?twb=.25w>وجاء من يقدّم طريقًا وسطًا. تأسّست الأناجيل على الوقائع، وقد جُمِّلت هذه الوقائع بحيث يستحيل علينا أن نكتب سيرة يسوع بالمعنى الحصري للكلمة. فرُفض هذا الموقف باسم المدرسة الليبارليّة التي حاولت أن تترجم السطر للعقل مستخرجة منها عبرة دينية أو أخلاقية. مثلاً، شفاء الأعمى يعلّم الاستنارة التي يحملها تعليم الحبّ الذي يقدّمه يسوع. ولكن مثل هذا التفسير اقتلع الايمان البيبلي من سياقه. فما عدنا نعرف كيف يكون شخص يسوع فريدًا إن كان تعليمه قد توخّى فقط تحسين المثل الدينيّة والأخلاقيّة لدى الانسان في كل عصر.

وجاءت مدرسة تاريخ الديانات فأبرزت البعد الصوفي للمسيحيّة التي حاولت (شأنها شأن الغنوصيات والديانات السرانيّة في ذلك العصر) أن تميل بالانسان عن هذا العالم لتوحّده باللاهوت، بشخص المسيح القائم من الموت. هنا يدخل بولتمان ومحاولته لنزع السطر من العهد الجديد. فسطرُ العهد الجديد تقدّم الفداء كحدث موضوعيّ يحصل في خارج الوجدان البشري، ويفلت من كل قيد. غير أن هذا لا يقبله الانسان المعاصر. وأضاف بولتمان : ومع ذلك، فهذه السطر تقدّم لنا معلومات عن الطريقة التي بها يفهم الانسان ذاته، وترينا هذا الانسان واعيًا القوى المتعالية التي يرتبط بها. يجب أن نحافظ على جوهر السطرة، على قيمتها الانتروبولوجيّة أو الوجودية، على قدرتها في دفعنا إلى لقاء بالله المتسامي اليوم. وإن كان الفداء تمّ مرّة واحدة، فالمهمّ هو القرار الذي نتخّذه بالنسبة إلى هذا المتسامي (نقبل أو نرفض) بمناسبة الكرازة بحدث الخلاص. وهذا التشديد على "آنيّة" الخلاص يبدأ في العهد الجديد ولا سيّما في الانجيل الرابع مع مقولاته الغنوصيّة (يو 5 :24-25؛ 12 :31 ) التي تجهل فكرة الفداء في الزمن، وتعتبر أن خلاص المؤمن بدأ منذ الآن. وهكذا نكون أمام عمليّة نزع السطر، التي بدأت في العهد الجديد نفسه.

ماذا نقول في هذه النظرية؟ إن دراسات بولتمان دعت المفسّرين ومؤرّخيّ الديانات إلى التساؤل حول أهميّة الزمن في الكتاب المقدس. فالاله البيبلي هو في جوهره إله يتجلّى في الزمن التاريخي، الزمن البشري، الزمن المحسوس، لا في زمن البدايات أو الزمن الاولاني، ولا في زمن الليتورجيات الذي يستعيد زمن البدايات. ينتج عن هذا أن الانسان لا يستطيع أن يلتقي بالله إلاّ حيث يكشف الله عن نفسه. لهذا حوِّلت الاحتفالات بالطبيعة في اسرائيل إلى احتفالات بتاريخ الخلاص ( الفصح). وصارت الليتورجيات ممقوتة حين لا يرافقها الحبّ (هو 6 :6). وأخيرًا بدأ "نؤمن" اسرائيل ((تث 6:20-25؛ تث 26:5-10؛ يش 24:2-13) مع ابراهيم، لا مع آدم (الذي لا يُذكر مرارًا، ما عدا "بني آدم" أي البشر).

نحن هنا أمام ظاهرة فريدة تميّز الايمان البيبلي، وهي ظاهرة تقاوم التفسير السطري. فالسطرة (ميتوس) هي خبر يرينا الآلهة والأبطال في زمن أصليّ يؤسّس الزمن الحاضر. وفي الوقت عينه يكمن الخبر الرئيسيّ لهذا الزمن الحاضر، في ليتورجيات دورات الطبيعة، التي تستطيع وحدها أن تستعيد زمن البدايات وتكرّره. مثلاً، الانتصار الأولاني لإله ولّد العالم، يمكن أن يتكرّر في ليتورجيات الربيع فيكون السبب في خلق سنويّ هو عودة الربيع. أما الزمن الملموس والبشريّ والتاريخيّ، فلا خبر فيه لأن لا علاقة له مع الزمن السطري. اذن، لا جديد ننتظره، ولا شيء نقوم به، ولا أساس حقيقيًا للعالم الخلقيّ.

أما في البيبليا، وبما أن الزمن التاريخيّ هو موضع اللقاء بين الله والانسان، فهذه اللقاءات هي دومًا جديدة بالنسبة إلى السابقة، وتتوق إلى تتمّة اسكاتولوجية (في نهاية الأزمنة). لا شكّ في أن هناك مقاطع بيبليّة تذكّرنا بسطر موجودة. ولكن احتقار الزمن التاريخيّ، وعدم الاهتمام بالعمل البشري، يجعلان السطر والتنظيرات الغنوصية مختلفة كلّ الاختلاف عن الايمان البيبلي. فحين تنطبق السطر على التاريخ البشري، تتلوّن بلون وحيد نأخذه بعين الاعتبار حين نتحدّث عن السطر البيبليّة.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.