الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: سماء، (الـ)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

في العبريّة : ش م ي م؛ م ر و م في أي 25 :2؛ إش 24:18، 21؛ م ع ل في إش 7:11. في الأراميّة، ش م ا ي ن. في اليونانيّة، أورانوس.

1) في العهد القديم. ^ أولاً : عنصر من الكون. تَرد اللفظة في العبريّة، في صيغة الجمع. وهذا هو وضع اللغات الساميّة الغربيّة، وقد توخّت أن تدلّ على الاتّساع. مرّات عديدة تقابل "السماءُ" "الرقيعَ" أو الفلك. واللفظتان تتداخلان مرارًا. فالسماء، شأنها شأن الفلك، لها نوافذ وفتحات (تك 7 :11) وعواميد (أي 22 :16؛ 36 :30) وأساسات (أي 25 :8، 22). إذن، هي ثابتة على مستوى البنية. أو بحسب مثال كوسمولوجي آخر، تشبه قماشًا يمدّه الله، ينشره (إش 63:19). والكواكب المعلّقة بالفلك (تك 1 :14) هي في موضع آخر (تث 4:19؛ إش 14:12) مثبّتة بالسماء. وهذا التماثل بين مدلول السماء ومدلول الرقيع يرد أيضاً واضحًا في تك 1 :18 : "وسمَّى الله الرقيع (الفلك) سماء".

غير أنّ حقل الألفاظ والمعاني الذي تغطّيه "ش م ي م" هو أوسع من ذلك الذي تغطيه "ر ق ي ع". فالرقيع لفظة تقنيّة وكوسمولوجيّة ذات بُعد محصور. أما السماء فلها معنى عام ودينيّ. فهي تقابل كل ما في الكون يقف فوق الأرض والغيوم (والعصافير تطير في السماء، تك 1 :26)، تقابل المساحات الواقعة بين الكواكب (سماء السماوات، أي أعلى السماوات حيث يجلس يهوه : نح 9:6؛ تث 10:14؛ 1مل 8 :27) مرورًا بهذه المناطق السماويّة السريّة (فوق الفلك؟) حيث تُوجد خزّانات المطر (تك 8 :2) والثلج (إش 55:9-11) والبرَد (يش 10 :11) والرعد (1صم 2:10)... في هذا المعنى، يُدخل الفلَك نفسه في هذا المدى الفسيح. هو جلد السماء (تك 1 :15) الذي يشكّله قسم السماء الأقرب إلى الأرض (تك 1 :20). السماء محدودة (تث 4:32). هي بشكل دائرة (أي 22 :14) أو مربّع (إر 49:36). ثباتها هو كفالة لثبات الكون (تث 11:21). لهذا، حين يريد الربّ أن يعبّر عن غضبه على الكون، يحرّك بُنى السماء (عا 8:9؛ إر 4:23-26؛ إش 51:6). ارتفاع السماء يدلّ على تراتبيّة في الكون أرادها الله (رج الكوسمولوجيا). وهذا الارتفاع لا يطاله الإنسان (أم 30:4) رغم محاولة الإنسان المجنونة في برج بابل (تك 11 :4)، وكبرياء الأشرار (أي 20 :6). وصيغة الجمع (أورانوي) في السبعينيّة لا تبدو أنّها صدى لتعدّد السماوات كما يقول الفكر الهلنستي والفكر الغنوصيّ والفكر الرابينيّ أو ذاك الذي نجده في الكتب المنحولة. نحن هنا أمام تطبيق الصيغة السامية "ش م ي م".

ثانيًا : السماء مسكن الله. الله خلق السماء (تك 1 :1)، فلا عبادة للسماء في البيبليا. وحسب النظرات الساميّة القديمة التي بحسبها يقيم الله في الأعالي (رج فكرة الجبل المقدّس)، إنّ البيبليا تجعل من السماء مقام (مز 33:14) يهوه، معبده (مز 102:20)، مسكنه (إش 63:15). الله هو إله السماء (تك 24 :3؛ نح 1:4). إن أخذناه شاهدًا، أو صلّينا إليه، نرفع ذراعينا نحو قبّة السماء (خر 9:29). في العالم اليهودي البعد منفاوي وفي العهد الجديد، سيُحلّون "السماء" محلّ اسم الله. رج تث 4:32؛ مز 73:9؛ أي 20 :27. إنّ الصورة التي يفضّلها العهد القديم هي تلك التي ترى في الله أعلى مثال (البعل الكنعاني، بعل شميم في أوغاريت) الملك السماوي الذي تحيط به حاشية وجيش كبير كما في رؤية ميخا بن يملة (1مل 22 :19). كيف يبدو هذا الكائن السماوي؟ هو غير محدّد. تارة يبدو بشكل فرقة مسلّحة (يش 5 :14) وطورًا مثل فرقة من النجوم (تك 2 :1). هو يجمع كلّ ما يسكن السماء : الملائكة والأرواح والكواكب.

ثالثًا : السماء هي ينبوع المباركات الإلهيّة والخلاص. هي ملكوت الله المخلّص. هي موطن النعمة والحقّ والأمانة الإلهيّة (مز 119:89؛ رج 89:3). من السماء يُنزل الربّ بركته أو خلاصه (تك 49 :25؛ 1مل 8 :35؛ إش 63:19). وصعود أخنوخ (تك 5 :24) وإيليّا (2مل 2 :11) يدلّ على أنّ الصعود إلى السماء يحقّق شركة لا محدودة مع الله. من السماء تنزل على الأنبياء جميعُ الإيحاءات ذات الطابع الاسكاتولوجيّ (دا 2:28؛ 9 :21، 25؛ رج 7:13، 27). ولكن هذه السماء ستعرف هي أيضاً التجديد العام الذي وعد به الله لنهاية الأزمنة (إش 65:17؛ 66 :22). وفكرة علاقة نموذجيّة بين العالم الكبير، عالم السماء الذي هو مستودع النماذج المُثليّة، والعالم الصغير، عالم الأرض، هي فكرة غريبة عن الفكر العبريّ. غير أنّها ستؤثّر كثيرًا في العالم اليهوديّ المتأخّر الذي أعاد قراءة خر 25:9؛ حز 2 :9.

2) في العهد الجديد. ^ أولاً : السماء هي مسكن الله. استعاد العهد الجديد معظم نظرات العهد القديم : الله هو إله السماء (السماوات، رؤ 11 :13). وهو خلقها (2بط 3:5؛ عب 1:10؛ أع 4:24)، وهو يمسكها بسلطانه (مت 11:25)، ويدمّرها في اليوم الأخير (مر 13:31؛ 2بط 3:10؛ رؤ 10:11). السماء هي عرش الله وعليها يجلس ((مت 5:34؛ مت 23:22؛ رؤ 7:49). وتحلّ لفظة السماء محلّ لفظة الله في العهد الجديد كما في العهد القديم. وهذا ما نجده في مقابلة بين نصوص الأناجيل الإزائيّة. حيث يضع مت "ملكوت السماوات"، يضع مر ولو "ملكوت الله" (مر 1 :15 وز؛ مت 3:17؛ مر 4:11 وز؛ مت 13:11). وهذا ما لا نجده في التوراة (لو 15 :18، 21؛ مر 11:30 وز). في مت 23:22، نجد تعبيرًا واضحًا ومبرّرًا : "الذي حلف بالسماء يحلف بعرش الله وبالجالس عليه". لسنا هنا أمام إحلال لفظة بدل لفظة احترامًا لله، بل أمام إشارة إلى قدرة الله الكليّة، التي تُدرك كسلطان سماويّ. وإذا كانت صيغة الجمع (كما في العالم السامي) في عب 1:10؛ 2بط 3:7، 10، 12 هي كما في العهد القديم، فإن 2كور 12 :12 هو صدى لتنظيرات رابينيّة حول تعدّد السماوات ورثها العالم اليهودي من علم الفلك البابلي.

ثانيًا : يسوع والسماء. بين يسوع والسماء علاقة حميمة جدًّا. هو ابن الله الذي في السماوات (مت 12:50؛ 18 :15). وهو جاء من السماء (يو 3 :13). من هناك جاء وإلى هناك يعود (يو 6 :62) في صعوده. هو يعرف أسرار السماء (مت 13:11)، ويستخرج منها أعمالها كما في خبز السماء (يو 6:33-58). وهو يكشف للبشر ملكوت السماء الذي يعلنه لهم (يو 3 :11). لهذا، فالسماء تشهد على صدق مهمّة المسيح حين تنفتح له (مت 3:6) وترسل إليه الروح (يو 1 :32). وهذه الآيات عينها قد وعد بها يسوع للذين يؤمنون به (يو 1 :51). وقد نعم الرسل بهذه الخبرة ((أع 2:2؛ أع 9:3؛ 10 :11).

ثالثًا : عمل الخلاص (السوتيريولوجيا) والأزمنة الأخيرة (الاسكاتولوجيا) والسماء. إنّ يسوع يواصل عمله العظيم : مصالحة السماء والأرض بالعهد الجديد، بحيث تُصنع مشيئةُ الله "في الأرض كما في السماء" (مت 6:10؛ عب 9:25). والقيامة تمنحه كل سلطان في السماء وعلى الأرض وترفعه إلى أعلى السماء (مت 28:18؛ عب 4:14؛ 7 :26). لهذا، فأخصّاؤه هم منذ الآن معه في السماء (أف 2 :6)، وهو يُسند في السماء ما تصنعه الكنيسة باسمه على الأرض (مت 16:19). إنّ الرجاء الأخير والخلاص سيأتيان من السماء وإليها يقودان (فل 3 :20-21)، نحو أورشليم السماويّة التي يتوق إليها المسيحيّون (رؤ 3:12؛ 2كور 5 :1) والمضاءة بسماء جديدة (رؤ 21:5؛ 2بط 3:13). وحين يحلّ هذا الكون الذي أعيد بناؤه، تزول السماء الأولى ككتاب يُطوى (رؤ 6:14؛ 21 :1). حينئذٍ يتحقّق ملء السماء ومشاركة الأبرار مع الله (1تس 4:17؛ فل 1 :23).







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.