الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: أب، (الـ)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

في العبريّة والاراميّة والعربيّة : أب. في اليونانيّة : باتير. اسم تعطيه التوراة لوالد الابن أو الابنة، وللجدّ (تك 28:13) وللوالدين (عب 11:23) وللأجداد (خر 12:3)، ولجدّ مجموعة محدّدة (تك 10:21؛ مت 3:9)، وللمؤمنين الراقدين في الجيل الأول المسيحيّ (2 بط 3 :4). وتُستعمل اللفظة بطريق القياس وبشكل تشبيهي (انتروبومورفي) للحديث عن الله.

1) أبوّة الإنسان. ^ أولاً : الأب في العائلة. في عائلة النمط الأربابي التي هي في أصل المجتمع الاسرائيلي القديم، كان أب (ربّ) العائلة ينعم بسلطة مطلقة (تك 38:24؛ إش 64:7؛ ملا 1:6). ولكن منذ القرن 8 ق.م.، وُضعت بعض الحدود للأب في العائلة. فما عاد يحقّ له أن يحكم بالإعدام على ابنه حتى ولو اقترف هذا الابن خطأ ضدّ الوالدين. فالقضاء صار مسؤوليّة شيوخ المدينة (تث 21 :18-21). وارتبطت تربية الأولاد بالأب والأم (أم 1:8؛ 6 :20-23؛ سي 7:23-24). والوالدون ينقلون إلى الأولاد التقاليد الوطنيّة التي كانت في الوقت عينه تقاليد دينيّة (خر 10:2؛ 12 26-27:؛ 13 :14-15؛ تث 4:10؛ 6 :7، 20-25؛ 11 :19؛ يش 4:6-7، 21-24؛ 22 :24-25)، كما ينقلون الفرائض الإلهيّة التي تسلّمها الآباء. والأب يعطي ابنه تربية مهنيّة. فالمهنة تنتقل بطريق الوراثة، والتقنيّات يتعلّمها الابن في مشغل والده.

ثانيًا : أبعد من العائلة. حين ينتظم الصنّاع في نقابة، يُعطى لقب أب لرئيس الصنعة (تك 4:20-21؛ 1أخ 4:14). أما الرفاق فيسمَّون "أبناء" (نح 3:8، 31). وكانوا يعبّرون أيضًا عن العلاقة بين المعلّم والتلميذ بلفظتي الأب والابن (2 مل 2:12؛ رج 2:3) كما نجدهما بشكل خاص في إرشادات الأسفار الحكميّة ((أم 1:8؛ أم 4:1؛ 6 :20). فالسلطة التي ينعم بها الأب جعلت الكتاب ينسب لقب "أب" إلى الكاهن (قض 17:10؛ 18 :19)، وإلى النبيّ ((2مل 6:21؛ 2مل 13:14؛ رج 8:9)، وإلى مستشار الملك ووزيره (تك 45:8؛ إش 22:21؛ اس 3:13؛ 8 :12). في زمن العهد الجديد صار لقب الأب تسمية تكريميّة تُحفظ للكتبة المشهورين وللحكماء المعروفين (4مك 7:9؛ مت 23:9؛ 1 كور 4 :15؛ مش أبوت؛ سفري تث 6 :7). حسب تل بابل، "قال رابي صموئيل ورابي يوناتان : إن علّم أحد التوراة لابن قريبه، يعتبره الكتاب وكأنّه قد ولده" (سنهدرين 19 ب). ونجد استعمالاً مشابهًا للقب أب في 1يو 2 :13-14 حيث ينطبق على الشيوخ في الجماعة المسيحيّة.

2) أبوّة الله. ^ أولاً : الله أبو البشر. إنّ الاعتقاد بأبوّة الله يبقى مستقلًّا عن التعبّد للجدود. فبجانب عبادات رسميّة تمارَس في الهياكل، عرفت شعوب الشرق القديم تقوى ذات طابع خاص. فقد كرّم كل فرد (داخل العائلة أو العشيرة) إلهًا شخصيًّا أو "إله الآباء" ((تك 26:24؛ تك 28:13؛ 31 :5؛ 29، 42) الذي يؤمّن له الحماية ويحفظه من قوى الشرّ. كان هذا الإله يؤدِّي وظيفة الوسيط أو المتشفّع لدى الآلهة العظام، أو هو يتماهى مع واحد منهم. كان له موضع عبادة خاص به، يتميّز عن سائر أماكن العبادة الرسميّة. وكانوا ينادونه : يا إلهي. يا إله أبي. يا خالقي. يا أبي. يا راعيّ. يا ربّي. أو : يا إله خلاصي (أو إلهي ومخلّصي)، يا إله حياتي. وقد سمّي هذا الإله "القريب" (ف ح د، التي تعني أيضًا مهابة، تك 31:42، 53)، لأنه لا يمكن أن يكون بلا اسم، ولا يمكن أن لا يتحرّك حين يكون عابده في خطر. وفي أسماء الأشخاص، يُذكر الإله الشخصيّ أو إله الأجداد. وقد ماهته ديانة اسرائيل مع يهوه (خر 3:15؛ رج 3:6) الذي اعتُبر أبا اسرائيل (خر 4:22؛ تث 32:6؛ (أش 63:16؛ أش 64:7؛ إر 3:4، 19).

إذا كان مدلول الأبوّة الإلهيّة يتجاوز، في الشرق القديم، إطار الاستعارة، فهو يرتبط ارتباطًا حميمًا، في العهد القديم، باختيار اسرائيل. وهكذا يتضمّن يقين حبّ الله لابنه الذي تبنّاه، لاسرائيل. وهذه النظرة إلى الحبّ الإلهيّ، المؤسّسة على العهد، لا نجدها في أي مكان آخر. وقد انطبعت بتطوّر بطيء نستطيع أن نجد نهايته في نهاية الحقبة التوراتيّة. فإذا انطلقنا من هذا الأساس البيبليّ، يشهد الدعاء لله كأب (في العالم اليهوديّ داخل الحقبة الهلنستيّة) (سي 23 :1، 4؛ حك 2:16؛ 14 :3) على توسّع في اتجاه علاقة شخصيّة بين الله والبارّ. والطابع الجديد لهذه اللغة التي فيها يتوجّه المصلّي إلى الله قائلاً "أيّها الأب"، يعكس دالة غير منتظرة بين المؤمن والإله. فأقدم الشهادات الأراميّة لهذا الدعاء ( أبّا) نجدها في الصلاة المسيحيّة (مر 14:36؛ رو 8 :15؛ غل 4:6؛ رج مت 26:39؛ لو 22 :42). ونقرّب من هذا الدعاء الصلاة الربيّة في مت 6:9-13 ولو 11 :2-4. لن نتوقّف عند واقع يقول إنّ الكنيسة الأولى استعملت عبارة "الله الآب". ولكنّنا نفهم أنّ حكماء العالم اليهوديّ ظلّوا يتطلّعون إلى العلاقة بين الله والإنسان على مثال العلاقة بين الأب وابنه. وتأثّرت لفظة أب بالهلينيّة، فصارت في لاهوت فيلون الاسكندراني، صفة للخالق وصانع الأشياء. غير أنّ اللاهوت اليهوديّ التقليديّ قد تعلّق بالمدلول الأوَّلاني لاستعارة العلاقة داخل العيلة مع رباطات المحبّة التي تتضمّنها هذه العلاقة.

ثانيًا : الله أبو يسوع. ترتدي علاقة الأبوّة بين الله ويسوع طابعًا خاصًّا جدًّا، يتجاوز كلّ التجاوز ما تفترضه لفظة أبّا في مر 14:36. وهذا ظاهر في الكرستولوجيا اليوحناويّة، وذلك حين يشدّد المسيح على وحدته مع الآب في أعماله (يو 5 :17، 19-21). لا يكفي أن نقول هنا إنّ يسوع هو نسخة عن الآب في نشاطه. فهو حين يجري معجزاته، يُتمّم أعمال الآب الخاصّة. هذا يعني أنّ الآب حالٌّ في الابن، ساعة يمارس الابن نشاطه (يو 14:9-10). وهكذا نرى في نظرة واحدة الابن، مثلماا نرى الآب كما يظهره الابن. ونجد كرستولوجيا مشابهة عند بولس، حيث يرينا المسيح خاضعًا لله (1كور 3 :23؛ 11 :3) في عمل الخلق (1كور 8 :6) وفي إعادة الخلق الاسكاتولوجيّ (1كور 15:27-28). ولكن بما أنّ الآب هو ذاك الذي منه يصدر كلُّ شيء، والمسيح ذاك الذي به وُجد كل شيء (1كور 8 :6)، فعمل الآب الخلاّق حاضر في عمل المسيح. إنّ هذه الأبوّة الإلهيّة تتجاوز المعنى الاستعاري، بل تتجاوز المعنى الحقيقيّ. ونحن نجدها في ديناميّة عمل لا يليق بها مدلول الأبوّة إلاّ بطريق القياس. رج ابن الله.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.