الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: أريحا


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

أولاً : اسم المدينة وموقعها. مدينة القمر. تقع على تلة هي تل السلطان في وادي الأردن. على سفح تل يجري منه نبع دائم (عين السلطان) يحوّل سهل اريحا التي تحرقها الشمس إلى واحة ينمو فيها الموز والنخل والليمون، والعنب والحبوب. من هنا اسم المدينة القديم : مدينة النخل في تث 34:3؛ قض 3 :13؛ 2أخ 28:15 (هتمريم في قض 1 :16). بنى هيرودس الكبير إلى الجنوب الغربي من أريحا القديمة قصرًا شتويًا، بنى أريحا جديدة. ولكن بقاياها زالت تحت تلول أبو العلايق على الضفة الجنوبية لوادي القلت. والقرية الحالية أريحا أو الريحة هي ما تبقى من مدينة بناها الصليبيون شرقي أريحا القديمة وأريحا الجديدة.

ثانيًا : أريحا في التوراة. يحتفظ يش 6 :1ي بتقليد يربط دمار أريحا باجتياح القبائل الإسرائيلية لكنعان. وقد ظلّت خرائب المدينة ماثلة للعين مدة طويلة، لتحفظ تقليدًا حيًا، وتقدم مادّة للمخيّلة الشعبية التي حوَّلت عبر الايتيولوجيا معطيات قديمة إلى خبر ملحميّ. وإن قِدَم هذا الخبر يرجع إلى أنه احتفظ بذكر إقفار التلّة المرتبط بلعنة تلفّظ بها يشوع. فحول التلة أقام البنيامينيون (يش 18 :21) الذين سقطوا تحت حكم عجلون ملك موآب (قض 3 :13). في 2صم 10:5 بحث مُرسلو داود عن ملجأ لهم بعد العار الذي لحقهم. حوالي سنة 870 كان التلّ من جديد مأهولاً بحيث تمنّى الناس أن يشيّد السور وسائر الابنية بسبب عداوة الموآبيين. هذا ما فعله حيئيل (1 مل 16 :34). كانت أريحا في ذلك الوقت مركزًا نبويًا مهمًا. زارها ايليا وأليشع (2مل 2 :4-5، 8). ويُنسب إلى أليشع أنه جعل النبع صالحًا بحيث سمّي نبع أليشع (اليوم نبع السلطان : 2مل 2 :19-22). بعد السبي، عاد الإسرائيليون إلى أريحا وأقاموا فيها (عز 2:32). وفي سنة 601 بنى فيها بكيديس قلعة (1مك 9 :50). قد تكون الدوق على جبل القرنطو (أو : كرنيون) حيث قُتل سمعان المكابي ورفاقه (1مك 16:11-17) أو إحدى القلعتين (ان لم تكن القلعتان، توروس وتركس، جنوبي وجنوبي غربي أريحا). كانت اريحا هيرودس مدينة غنية يقيم فيها الناس، ومدينة حدودية مع مركز الجمارك (زكا : لو 19 :1-5). إن يسوع، في آخر مسيرته إلى أورشليم، شفى فيها الأعمى برتيماوس (مر 10:46-52؛ لو 18 :35-43؛ في مت 20:29-34 : أعميان).

ثالثًا : الحفريات (أ) في تل السلطان. كانت محاولة أولى سنة 1868 ثم 1907 و1909 : ظهر سوران. الأول يحيط بسفح التلة (قد يكون عمل بني إسرائيل) والثاني كان على قمة التلة (نُسب إلى الكنعانيين). واكتشفوا شمالي غربي التلة سورًا ثالثًا كان أقدم من السورين السابقين. وكانت حملة أخرى سنة 1930 و1936 فدلّت على أن السور الثاني يستند إلى سورين في بداية البرونز القديم (حوالي 2100). أما السور الأول وهو الكبير فيعود إلى بداية البرونز الوسيط (1800 ق.م.) وظلّ مستعملاً حتى سنة 1600. حوالي 1550 بُني السور الثاني ودُمّر بطريقة عنيفة بفعل هزة أرضية (قيل سنة 1400 وقيل سنة 1250). وكانت حملة سنة 1952 التي كشفت جماجم (في قناع من طين) وهياكل بشرية. وعرف العلماء في سور البرونز القديم 17 طبقة من البناء وإعادة البناء. إن سور البرونز الوسيط بُني في عهد الهكسوس الذين وضع الفرعون احموسيس (1580-1558) حدًا لهم. في هذا الوقت خضعت اريحا لمصر، ودُمّرت سنة 1550 تقريبًا. بعد هذا الدمار على يد المصريين لم تعد أريحا مدينة. ولكن أعيد بناؤها في زمن الحديد. أما الفخاريات فتعود إلى ما بين سنة 900-600.

(ب) تلول أبو العلايق، اكتشف المنقبون قلعة من الزمن الهليني. قد تكون توروس وتراكس اللتين دمّرهما بومبيوس سنة 63 ق.م. (سترابون). وقد وُجدت طبقة من الرماد هي قصر هيرودس الكبير الذي أحرقه عبده بعد موته. لم يبق شيء من القصر ولكن بقي الملعب.

رابعًا : سقوط أريحا، (يش 6). في الأصل، كانت أريحا معلمًا يحدّد عبر الأردن (عد 22:1؛ 36 :3، 36). إنّ خبر سقوط أريحا (يش 6) يرتبط بفن أدبيّ يصعب تقييمه. أولاً، لا نستطيع أن نحدّد من الزاوية الأركيولوجيّة حدثًا لم يترك أثرًا. وإذا عدنا إلى الأساس الأدبيّ المحض، يلفت نظرنا الأسلوب "الكهنوتي" لهذا الخبر حيث تتكرّر الفرائض والأعمال أكثر من مرّة.

ويتأكّد الطابع الليتورجي حين يتجاوب صراخ الشعب مع النفخ بأبواق الكهنة (6 :10، 16،20) : صراخ حاسم. ما إن علا حتى سقطت الأسوار. فكما أنّ عبور الأردنّ يلتقي مع عبور البحر الأحمر، كذلك يلتقي دمار أريحا عبر صراخ شعب اسرائيل، يلتقي والأشغال الشاقّة في مصر وصراخ اسرائيل نحو الرب في ضيقهم (خر 1:11-14؛ 2 :23). بل يلتقي والكلام القاسي الذي وجّهه الشعب اليائس إلى موسى (خر 5 :19 :23). في هذه الظروف يبدو ملكُ أريحا صورة مصغّرة عن فرعون. فإن لم يُروَ عقابه بعد سقوط أريحا، فالنصّ اللاحق يفترضه في خبر سيصبح نموذجًا لسائر أخبار الاحتلال (ي(ش 6:17-25؛ ش 8:2؛ 9 :3؛ 10 :1، 28، 30). هلك فرعون بيد الله . وعلق ملك أريحا بيد البشر فلحقه العار (خر 14:27؛ يش 8 :2، 29). ضرب الحرمُ أريحا في خطّ فريضة اشتراعيّة (تث 20:17-18). ودلّ الشعب على تجرّد تام. هذا ما يجب أن يفعلوه دائمًا دون أن يحاولوا البحث عن غنى فرديّ أو جماعيّ. وراحاب البغيّ صارت نموذج الغريبة التي تنتمي إلى إيمان الشعب، بعد أن رأت المدهشات التي رافقت تحرير بني اسرائيل (يش 2:9-11). ورأى فيها الرابينيّون نموذج المهتدين الجدد، ونسبوا إليها سلالة من الكهنة والأنبياء. في وثائق القبائل، تبدو أريحا موضع تنازع بين افرايم وبنيامين (يش 16 :1-7؛ 18 :12-21). فنظنّ أنّ القبائل المتحالفة (نسل راحيل) تقاسمت الأرض المرويّة، وتركت المدينة بدون ساكن. ففي الأخبار التي تعود إلى زمن القبائل أو الزمن الملكيّ، يحتلّ الجلجال المكانة الأولى. أما أريحا فهي محطة يتوقّف فيها المسافر في طريقه نحو الشرق (2صم 10:5؛ 1أخ 19:5). في أيام أخاب أعيد بناء أريحا، فصارت في مملكة الشمال، شأنها شأن بيت ايل، موطن حيئيل.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.