الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: شرعة، (الـ)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

الاشتراعيّة

1) المضمون. يُعطى هذا الاسم لمجموعة تث 12-26. فتحديدها واضح، لأن 12 :1 (رج 11:32) هو مقدّمة تدلّ على تقسيمات الكتاب الكبرى. ونكتشف نهاية الشرعة في 26 :15 بعودة إلى التحريضات العامّة. ولكن لا قطعَ حقيقيًا قبل ف 28. إذن، دخلت الشرعة في مجمل الكرازة الاشتراعيّة، ولا سيّمـا باسلوبها ولاهوتها. فقد دُوّن عددٌ من الشرائع في الأسلوب الذي عرفه القسم الأول من الكتاب بما فيه من إلحاح وحرارة في الطلب. ورافقتها شروح انسانية (24 :6، 15؛ 20 :19) ولاهوتيّة في خطّ اللاهوت الاشتراعيّ على العهد.

وبدت هذه التفاسير اللاهوتيّة في ثلاثة أنماط. الأول : فرائض تجد أساسها في التاريخ : "اختاركم له من بين جميع الشعوب التي على وجه الأرض" (14 :2). "اذكر أنك كنت عبدًا في مصر وفداك الرب إلهك من هناك" (24 :18). الثاني : فرائض ترافقها مكافأة أو عقاب : "فيباركك الرب الهك في جميع أعمال يديك". الثالث، فرائض من أجل المستقبل : "وإذا أفنى الرب إلهكم من أمامكم الامم... فحاذروا أن تقعوا في الشرك باتباع طرقهم بعد زوالهم من أمامكم" (12 :29-30).

أما الفرائض نفسها فتبدو في ثلاثة أشكال معروفة : "شريعة لاشخصيّة" (11 حالة)، شريعة إلزاميّة تأمر المؤمن : إفعل (40 حالة)، شريعة افتائية تُدرس الحالة ويُفتى فيها : هل نعمل أو لا نعمل (37 حالة). وطبيعة المواضيع تتيح لنا أن نقسم هذه الشرعة أربعة أقسام : شرائع حول العبادة (12 :2-16 :17). تنظيم الدولة (16 :18-20 :20). شرائع حول الأسرة (21 :1-23 :1). شرائع الطهارة وشرائع اجتماعيّة (23 :2-25 :9) مع ملحق يتضمّن طقسين للبواكير والعشور (26 :1-14).

في الواقع، هذا التقسيم لا يصحّ إلا بشكل اجماليّ. ففي داخل الاقسام تتمازج المواضيع. والأمر صحيح خصوصاً في القسمين الاخيرين حيث نجد عددًا كبيرًا من الشرائع لا يرافقها شرح لاهوتيّ، ولا تتمتّع بالاسلوب الاشتراعيّ. وهكذا نحسّ أن هذه الشرعة ظلّت عملاً لامنتهيًا : بدأ الكتّاب بترتيب مجموعات الشرائع القديمة وإعادة كتابتها، ولكنهم لم يُنهوا عملهم.

2) أصالة الشرعة الاشتراعيّة. إذا أردنا أن نقدّر الشرائع الاشتراعية، نقابلها مع شرعة العهد، و شريعة القداسة، وشهادة الانبياء والاسفار "التاريخيّة"، وجميع الوثائق القانونيّة في الشرق القديم. هكذا نلاحظ عددًا كبيرًا من العناصر الاصيلة وربّما الجديدة.

لقد تركّزت شرائع العبادة كلها في معبد وحيد اختاره الله (12 :5-14). والفصح نفسه يُحتفل به في هذا المعبد (16 :5-8). لهذا لا يعود لنحر الحيوانات أي طابع طقوسيّ (12 :15-25). وتقدمات الغلال يمكن أن تُباع وتُستعمل فضتها كثمن لتقدمة في المعبد (14 :24-26) أو كإحسان للفقراء (14 :28-29). أما عمل العبادة الوحيد الذي يرد مفصّلاً، فهو فعل الشكر أمام الربّ.

وصارت السنة السبتيّة سنة الإعفاء من الديون (15 :1-11)، وقُبل النظام الملكي مع تحفّظات حقيقيّة (17 :14-20)، كما قُبلت إدارة تتميّز عن البنى القبليّة (16 :18؛ 17 :18-19). كما قُبل جيش وطنيّ (20 :2-9). واحتكرت قبيلة لاوي الكهنوت، وهكذا صارت هذه "الوظيفة" تخصّ جميع اللاويّين حتى الذين لا يرتبطون بالمعبد الوحيد (18 :1-8). هنا نستشفّ المسائل التي طرحها إصلاح حزقيا ويوشيا.

السلطة الكبرى هي سلطة النبيّ الذي يواصل عمل موسى (18 :14-22). ولقد تحسّن وضع المرأة بعض الشيء بالنسبة إلى شرعة العهد. وصار كل أعضاء الأمّة "إخوة". ولكن لفظة "أخ" لم تتعدّ الأمّة. وأخذت المجموعة تهتمّ بالمسائل التي كانت تحلّها الأسرة (أو البيت) (21 :18-21). فما عاد الكاتب يذكر البنية القبليّة (أي على مستوى القبيلة). فالوضع الذي تفترضه هذه الشرائع هو وضع الحقبة الملكيّة (القرن 9-7).

3) المراجع. من الواضح أن الكتّاب عادوا إلى نصوص قديمة دُوّنت في اسلوب اختلف كل الاختلاف عن اسلوب تث. هناك عناصر تعود إلى شرعة العهد (15 :12-21 هو إعادة صياغة لما في خر 21 :1-6). وهناك عبارات مقولبة لا تنتمي إلى اللغة الاشتراعيّة وتعود في ختام عدد من الشرائع. "انزع الشر من وسطك". "هذا رجس عند الربّ".

حاول بعض الشرّاح أن ينطلق من هذه الشرائع فيكوّن نصين مستقلّين : يستعيد الأول بشكل عملي بنود الدكالوغ (الوصايا العشر). هذه المحاولة التي لم تقنع شرّاح الكتاب المقدس، قد تتيح لنا أن نكتشف سلسلة من الشرائع دُوّنت خطيًا أو انتقلت شفهيًا. ونظنّ أنه كان للمعابد الرئيسية في اسرائيل، نصوص يرجعون إليها، وملخّصات فقاهيّة، ومذكّرات أو خلاصات يجد فيها الكهنة جوابًا على الحالات التي تعرض عليهم في المستوى المدني أو الديني. وقد نبحث عن مراجع أقدم من هذه المراجع. حينئذ تُطرح مسألة الشريعة الاسرائيليّة.

4) لاهوت الشرعة الاشتراعية. إن أهمّية الشرعة الاشتراعيّة تكمن بشكل خاص في لاهوتها. فهي تقدّم نموذجًا ملموسًا لشعب الله بحسب لاهوت العهد. إنه شعب موحّد توحيدًا قويًا، لأنك الشريك الوحيد لله في العهد. تجاوزوا الانقسامات بين القبائل، وغابت الطبقات الاجتماعيّة : فكلّهم متساوون في الحقوق، وكلهم يشاركون في البركة التي وُعد بها الشعب. وهكذا تنظّم الشعب في "دولة" لها نُظمها المختلفة التي تؤمّن الفصل بين السلطات والتوازن، وحيث كل مواطن مسؤول عن حياة الأمّة. وهذا الشعب مكرّس لله الذي لا يقبل أي انحراف : فيجب أن يتميّز سلوكه عن سلوك جيرانه (12 :30-31). أما السلطة العليا فيه فهي سلطة الأنبياء الذين يواصلون عمل موسى على أرض الله (18 :15-21).







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.