الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: عقاب، (الـ)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

بدأ الاعلان عن ملكوت الله في إطار التطويبات. ومع ذلك فالكتاب المقدس يتحدّث عن العقاب الالهي، عن العقوبات المرتبطة بخطايانا. فقصدُ الله يتوخّى مصالحة كل خليقة مع الله. وهي هي جهنم تفصل الخليقة عن الخالق، بشكل نهائيّ. هو شكّ لا يُحتمل حين ننسى الخطيئة و الغضب و الدينونة. فيبقى على المؤمن أن يسجد أمام سرّ الحب الالهيّ الذي ينال التوبة والعودة من قبل الخاطئ، بفضل أناة الله و رحمته.

فالكوارث و الطوفان والاعداء و الالم و الموت، هي عقاب يكشف للانسان وضعَه كخاطئ، ومنطق الخطيئة الذي يقود إلى العقاب، ووجه الله الذي يدين ويخلّص.

1) العقاب علامة الخطيئة. عبر العقاب الذي نتحمّله في الألم، تدرك إرادةُ الانسان الخاطئ أنها قد انفصلت عن الله. وقد شعرت الخليقة كلها بهذه الخبرة. فالحية أغوت الانسان وقتلته (تك 3 :14-15؛ يو 8 :44؛ رؤ 20:9-10). واكتشف الانسان أن الخطيئة دخلت بانسان واحد ودخل معها الموت و العمل المضنيّ (رو 5 :12؛ رج تك 3 :16-19). وهناك مدن عرفت العقاب بسبب لا إيمانها : بابل، سدوم، كفرناحوم، أورشليم، نينوى. ثم فرعون، مصر، الأمم. والوحش وعبّاده (رؤ 14 :9ي؛ 19 :20). وفي النهاية، خضعت الخليقة للباطل بسبب خطيئة آدم (رو 8 :20).

2) العقاب ثمرة الخطيئة. نستطيع أن نميّز ثلاث مراحل في أساس العقاب. في البدء هناك عطيّة الله (الخلق والاختيار ) والخطيئة. ثم نداء الله إلى التوبة، الذي يرفضه الخاطئ (عب 12:25) مع أنه أدرك اعلان العقاب عبر النداء (أش 8:5-8؛ يا 2 :22ي). أخيرًا، أمام مثل هذه القساوة في قلب الخاطئ، تأتي الدينونة فتقرّر العقاب (هو 13 :7؛ إش 1:5؛ لو 13:34-35).

ونهاية العقاب نهايتان ترتبطان بانفتاح القلب : هناك عقوبات "منغلقة" على ذاتها تحكم على المؤمن ولا تتيح له الخروج (الشيطان، بابل، حنانيا وسفيرة). وهناك عقوبات "منفتحة" على التوبة والرجوع إلى الله (1كور 5 :5؛ 2كور 2 :6). وهكذا يكون العقاب حاجزًا في وجه الخطيئة : للبعض مأزق الدينونة (الحكم القاطع). وللآخرين دعوة للعودة إلى الله (هو 2 :8-9؛ لو 15:14-20). وحتّى في هذه الحالة الثانية، يبقى العقاب حكمًا على الماضي واستباقًا لشجب نهائيّ إن لم يرجع قلب الانسان إلى إلهه.

إذن، ليس العقاب هو الذي يفصلنا عن الله، بل الخطيئة التي هو جزاؤها. إنه يدلّ بقوّة أن لا توافقَ بين الخطيئة وقداسة الله (عب 10:29-30). فإذا كان المسيح قد عرف العقاب، فليس بسبب الخطيئة التي لم يقترفها، بل بسبب خطايا البشر التي يحملها ويرفعها على صليبه ((1بط 2:24؛ 1بط 3:18؛ إش 53:4).

3) العقاب وحي الله. إذا دخلنا إلى منطق العقوبة الداخليّ، نرى أنها تكشف الله : إنها تجلٍّ خاص بهذا الخاطئ، فتدلّه على وجه الله الرحيم مع أنه يعاقب. فمن لا يتقبّل نعمة الافتقاد الإلهيّ، يصطدم بقداسة الله، ويكون وجهًا لوجه مع هذا الاله الغيور (لا 19 :1-4). هذا ما لا يني النبيّ بقوله : "فتعلمون أني أنا هو الربّ" (حز 11:10؛ 15 :7). وبما أن العقاب هو وحي، فالكلمة هو الذي ينفّذه (رؤ 19:11-16). فأمام المصلوب يأخذ العقاب أبعاده الحقيقيّة (يو 8 :28).

وبما أن العقاب يرمي إلى دفع المؤمن للاعتراف بالله وبيسوع المسيح، فهو يصبح مريعًا حين يلامس من كان قريبًا من الله (رؤ 3:19). فالحضور الذي يمكن أن يكون عذبًا للقلب النقيّ، يصبح عذابًا وألمًا للقلب القاسي، مع العلم أن الألم ليس بعقاب.

والعقاب يكشف أعماق قلب الله. يكتشف المؤمن غيرته (دخلنا في عهد معه، خر 20:5؛ 34 :7) وغضبه (إش 9 :11ي) وانتقامه (إش 10:12) وبرّه (حز 18 :1ي) وغفرانه (حز 18:31) ورحمته (هو 11 :9) ومحبّته التي تلحّ علينا فتقول : "ما تُبتُم إليّ يقول الربّ" (عا 4:6-11؛ إش 9:12؛ إر 5:3).

غير أن هناك عقابًا في قلب تاريخنا، فيه تلقّى المجرّب والخطيئة ضربة قاتلة، هو الصليب حيث تسطع حكمة الله (1كور 1 :17-2 :9). فعلى الصليب يلتقي الحكم (المنغلق) على الشيطان وعلى الخطيئة وعلى الموت، مع الألم (المنفتح) الذي هو ينبوع حياة (1بط 4:1؛ فل 3 :10).

هذه الحكمة سارت مسيرتها في العهد القديم (تث 8:5-6؛ حك 10-10؛ رج عب 12 :5-13). وما تمّّت التربية على الحريّة بدون التأديب (يه 8 :27؛ 1كور 11 :32؛ غل 3:23-24). وهكذا ارتبط العقاب بالشريعة. على المستوى التاريخي، قد انتهى هذا كله منذ موت المسيح. ولكن عدداً من المسيحيين لم يتجاوزوا بعد هذه المرحلة : فالعقاب هو إحدى الرباطات التي ما زالت توحّد الخاطئ بالله. غير أن المسيحيّ الذي يعيش من الروح، قد تحرّر من العقاب (رو 8 :1؛ 1يو 4 :18). فإن تعرَّف إلى العقاب وقد سمح به حبّ الآب، فهو يرى فيه نداء إلى التوبة (1تم 1:20؛ 2تم 2:25). وفي زمن النهاية الذي نعيش فيه، العقاب الحقيقيّ والفريد هو تقسية القلب حتى الموت (2تس 2:10-11؛ عب 10:26-29).

واقتراب الدينونة الحاسمة التي بدأت عملها منذ الآن، يجعل من عقاب الانسان الخاطئ آية : هو يستبق الحكم على كل ما لا يستطيع أن يرث ملكوت الله. أما بالنسبة إلى الانسان الروحيّ، فالدينونة تبرير : عندئذ يصبح العقاب تكفيرًا عن الخطيئة في المسيح (رو 3 :25-26؛ غل 2 :19؛ 2كور 5 :12). وحين نقبل العقاب بملء إرادتنا، نميت البدن (اللحم والدم، الجسد في ضعفه) لكي نحيا حسب الروح (رو 8 :13؛ كو 3 :5).







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.