الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: عنصرة (عيد الـ)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

هو عيد الخمسين. أما لفظة "عنصرة" فتعود إلى العبريّة "ع ص ر ة" التي تعني : اجتماع، احتفال. أما كلمة "الخمسين" فتعود إلى اليونانيّة "بنتيكوستي" مع لفظة "هيمرا"، أي يوم الخمسين (طو 2 :1؛ 2مك 12:31-32). تماهى هذا العيد بوضوح مع عيد الأسابيع (ح ج، ش ب و ع و ت) الذي سُمّي مرّة واحدة عيد الحصاد (ح ج. هـ. ق ص ي ر، رج خر 23 :16). هو العيد الثاني بين الأعياد الثلاثة الكبرى ( يرافقها الحجّ) في الكلندارات القديمة (خر 23 :14-17 حسب الإلوهيمي؛ خر 34:18-23 حسب اليهوهي. وقد استعاده تث 16:16؛ 2أخ 8:13). الاسم الأرامي هو "عصرته" (في العبريّة : عصرة هو عيد اختتام عيد الفطير في تث 16:8، أو عيد المظال في لا 23 :36؛ عد 29:35؛ نح 8:17) الذي نجده في يوسيفوس (العاديات 3 :252) والكتابات الرابينيّة، فيدلّ على ختام "الخمسين الفصحيّ".

متى يُحتفل بهذا العيد؟ كانت الشرائع القديمة واضحة، والتلميح إلى حصاد القمح (خر 34:22) لا يدلّ إلاّ على نهاية حصاد الحبوب دون أي تحديد آخر. وتث 16 :9 الذي يفرض عليهم أن يحسبوا سبعة أسابيع بعد أن تكون المنجل قد قطعت السنابل الأولى، يُفهمنا أن تاريخ العيد تبدّل بتبدّل زمن نضوج الحبّ. في الظاهر، تلقّى العيد زمنًا محدّدًا في لا 23 :15-16 الذي يحسب سبعة أسابيع بعد تقديم الحزمة (23 :9-14)، وهذا ما ارتبط بعيد الفصح والفطير (23 :5-8) الذي حُدّد تاريخه بدقَّة. غير أن الجدال ما زال كبيرًا حول نص لا 23، ولسنا متأكّدين أن تقديم الحزمة الأولى كان في الأصل جزءً ا من طقوس عيد الفطير. لا شكّ في أن التقليد اليهوديّ قد فهمه في هذا المعنى، ولكن تفسير السبت (لا 23 :11) الذي يتدوّن في اليوم الذي يلي الحزمة الأولى، والذي به ارتبط تاريخ الفصح، ظلّ يقسّم اليهود في زمن العهد الجديد. فالبعض (الفريسيّون، يوسيفوس العاديات 3 :250) فهموا ذلك عن عيد 14-15 من الشهر الأول (لا 23 :5-6). وتُقدّم الحزمة الأولى في 16 من الشهر الاول والعنصرة في السابع من الشهر الثالث. أما مجموعة الصادوقيّين وأهل السامرة فرأوا فيه السبت، أي اليوم السابع الذي يلي الفصح. وهكذا كانوا يحتفلون بتقدمة الحزمة وعيد العنصرة في اليوم الأول من الأسبوع (أي الأحد المسيحيّ). في كلندار كتاب اليوبيلات ووثائق قمران، هو السبت الذي يلي أسبوع الفطير (ينتهي يوم الثلاثاء 21 نيسان)، وبالتالي في 25 من الشهر الأول، فتحسب الأسابيع السبعة منذ 26 (الأحد) لتصل إلى العنصرة (الأحد)، في الخامس عشر من الشهر الثالث.

كيف بدأ العيد وكيف تطوّر؟ في تشريع البنتاتوكس (التذكّر الوحيد قبل طو 2 :1؛ 2مك 12 :32)، العنصرة هو عيد حصاد القمح (خر 23:16؛ 34 :22). وهو يفرض إقامة بني إسرائيل في أرض كنعان، وانتقالهم من حياة البدو إلى حياة الحضر. أخذوا العيد عن الكنعانيّين، فصار عيدًا (ح ج) للرب يحتفلون به في مختلف المعابد اليهوديّة (معابد يهوه)، ثمّ في أورشليم بعد الإصلاح الاشتراعيّ (تث 12 :1ي؛ 16 :6). والعنصر الذي يميّز طقوس هذا العيد هو تقدمة البواكير ((خر 23:16؛ خر 34:22؛ يوم البواكير : عد 28 :26)، عطيّة تستخرج من بركات الله على الحصاد (تث 16:9). وبعد ذلك تقدمة رغيفين صُنعا مع الخمير بشكل باكورة (لا 23 :17). وكما في جميع الاحتفالات المقامة في أورشليم (تث 12:7، 11، 18؛ 16 :4)، شدّد تث على طابع الفرح في عيد (تث 16:11-12؛ إش 9:2) يحتفلون به في حضرة الله مع جميع أهل البيت ومع الفقراء. وفرضت كتبُ الطقوس الكهنوتيّة التي جاءت متأخّرة، "احتفالًا مقدّسًا" في هذا اليوم (م ق ر ا. ق د ش، لا 23 :21؛ عد 28:26)، مع امتناع عن العمل، كما حدّدت الذبائح التي تُقدّم في الهيكل (لا 23 :17-20؛ عد 28:27-30).

اختلف هذا العيد عن عيد الفطير (خر 23:15؛ 34 :18)، فما ارتبط بتاريخ الخلاص. إلاّ أنّ بعض الأوساط العائشة بعد المنفى قد ربطته بعهد سيناء. والكرونولوجيا الكهنوتيّة (خر 12:1، 6؛ 19 :1) التي جعلت بني إسرائيل يصلون إلى سيناء في الشهر الثالث، بدت موافقة لهذا التقارب، فنقلت النصوص من عيد الأسابيع (شبوعوت، أي سبعة) إلى عيد الحلف والقسم (هـ ش ب ع، حلف). ولكن يبقى من الصعب أن نحدّد الوقت الذي فيه بدأ عيد العنصرة يرتبط بعهد سيناء. إنّ المؤرّخ الكهنوتيّ الذي يروي تجديد العهد بقسَم في الشهر الثالث، من حكم آسا (2أخ 15:10-15)، يشهد بأنّ عيد الأسابيع (الذي لا يذكره، فيختلف عن الترجوم) كان له هذا المعنى في أيامه، أي حوالى سنة 300 ق.م. ومهما يكن من أمر، فهذا المدلول واضح في كتاب اليوبيلات (ف 6) الذي يجعل من العيد الخامس عشر من الشهر الثالث (14 :10؛ 15 :1) تذكيرًا بجميع العهود من نوح إلى سيناء. وفي قمران الذي يتبع ذات الكلندار، تبدو العنصرة أهم الأعياد التي فيها يحتفلون بتجديد العهد. ولكن العالم اليهودي الرسميّ (يوسيفوس، فيلون) تجاهل مدلول العيد هذا واكتفى بالحديث عن عيد زراعي في التوراة. أما المعنى الديني فسيظهر في الكتابات الرابينيّة منذ القرن الثاني ب.م. فبدت وكأنّها تأثّرت بخبر الفصح المسيحيّ كما رواه أع 2.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.