الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: فداء، (الـ)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

1) العهد القديم. إن مدلول الفداء قريب من مدلول الخلاص والتحرّر. يعبَّر عنه في العهد القديم بواسطة "ج أ ل"، "ف د هـ" اللذين تُرجما في اليونانية : لترون. هناك كميّة من المال يجب أن تُدفع لتحرير عبد مثلاً. واللفظة العبرية "ف د ي و ن" أو "ف د ي و م" (فدية) والفعل "ف د هـ" تنتمي إلى اللغة القانونية : هناك غرامة تُدفع بدل عقاب جسديّ "فدية عن حياته" (خر 21:30)، أو كفارة (ك ف ر ) ندفعها، أو مال نعوّض به. وتُستعمل ذات الكلمات في اللغة العباديّة لتدلّ على ممارسة الفدية بتقدمة البكر. إن الفعل "ج أ ل" واسم الفاعل (خاصان باللغة العبريّة) يعودان إلى الواجبات العائليّة. وتترجمهما السبعينية بلفظة تدلّ على "القريب القريب". اذن، يجب أن نمارس واجب الافتداء تجاه خير عائليّ يجب أن يبقى في العائلة (إر 32:7؛ را 4:4-6)، أو تجاه فرد من العائلة فنثأر للشرف المهان أو للحياة التي أزهقت. رج الفدية، السِلفية.

وقياسًا مع فعل الدفع الذي به نؤدّي فضّة لنشتري عبدًا أو نحرّره، يقول العهد القديم إن يهوه "افتدى" (ف د هـ، حرّر ) شعبه أو عبده (الملك) أو المرتّل (2صم 4:9؛ 1مل 1 :29؛ إش 29:22؛ إر 31:4؛ مز 34:23)؛ أو "انتقم" فخلّص حياة (ج أ ل) شعبه أو عبده ((إش 44:23؛ إش 48:20؛ مز 107:2).

إن عمل يهوه المحرِّر قد مُورس بشكل أساسيّ في التحرير من مصر الذي هو التحرير التحرير : اسرائيل هو "الشعب الذي افتداه (ف د هـ ) الرب من بيت العبوديّة" (تث 7:8؛ 13 :6). من هذا القبيل اسرائيل هو عبد حُرِّر (تث 15:18؛ رج 5:15). إن يهوه مارس حقّ الافتداء (ج أ ل) لأن اسرائيل هو عائلة الله (هو 11 :1). وبجانب هذا الاستعمال الجماعيّ للفظة "فدية، فداء" المطبّقة على الشعب، نجد أيضاً استعمالاً فرديًا : الله "يفتدي"، "يحرّر" كل مؤمن من مؤمنيه. وتُستعمَل الأفعال الواردة أعلاه في المزامير : الله "يفتدي" نفس (حياة) المرتّل فيجعله يفلت من خطر يهدّد حياته كالموت والمرض والفخّ. ولكن وراء المرتل والتعبير الفرديّ الظاهر لصلاته، تختفي مرارًا الجماعة التي تصليّ المزمور، يختفي الشعب كله.

ذاك الذي افتدى لا يزال يدافع ويحمي (إر 31:11، استعمل إرميا "ف د هـ" و "ج أ ل). هو يسهر على الشعب الذي افتداه (مز 25:22). فمدلول الفداء يساوي مدلول "الاقتناء" (أو : الاستعادة) : حين حُرِّر اسرائيل، لم يعد عبدًا يخصّ مصر، بل هو يخصّ الله، هو الشعب الذي اقتناه الله. هو مُلك الله (خر 15:16). وحين حرّر الرب اسرائيل (خر 15:13) استعاد ملكه. فلن يعود اسرائيل لمدة طويلة سلْب مصر بل إن اسرائيل هو البكر الذي اقتناه الرب حين حرّره من مصر وجعله يُفلت من مقتل الأبكار (خر 12:29-34) : "تقول لفرعون : ابني البكر هو اسرائيل. أقول لك أن تطلق ابني. وإن رفضت سأقتل بكرك" (خر 4:23). نلاحظ أن ممارسة افتداء الابكار من البشر والبهائم (خر 13:11-13) يذكرّنا بأن اسرائيل هو البكر الذي يخصّ الربّ كله (عد 3:13) : "كل بكر هو لي. يوم أهلكت كل بكر في أرض مصر، قدست لي كل بكر في اسرائيل من الناس والبهائم".

في حقبة المنفى، استُعملت صورة الفداء لتدلّ على التحرّر المنتظر والذي تحقّق بيد كورش. رج (إش 35:10؛ إش 43:1؛ 44 :22-23؛ 51 :11. إن نهاية المنفى في بابل والعودة إلى أرض اسرائيل، هي خروج يتفوّق على الخروج الأول.

2) العهد الجديد. إن فعل "لترون" ومشتقائه (ابولتروسيس) تستعمل 20 مرة في العهد الجديد، منها 18 مرة لتدلّ على الخلاص الذي ناله يسوع. هنا يُذكر الفداء في ارتباطه بموت المسيح بشكل مباشر أو غير مباشر : بدمه نال يسوع الفداء الابدي (عب 9:11-13). أعطى حياته فدية (مت 10:28؛ مر 10:45). بدمه لنا الفداء (أف 1 :7). افتدانا من كل خطيئة (تي 2 :14). "سُلِّم فدية عن" (1تم 2:6).

في الأناجيل، الفداء الذي يتحدّث عنه النصّ هو تحرّر جماعي : من أجل الكثيرين (مت 20 :28 ور). لقد حرّر الله شعبه اسرائيل (لو 1 :68؛ 2 :38؛ 24 :21). وتتطلّع سائر النصوص إلى تحرّر شخصيّ. فيصل الافتداء إلى قيامة كل واحد من بين الأموات : "افتداء جسدنا" (رو 8 :23) الذي يشركنا في مجد المسيح. هذه الوجهة من الفداء الذي لم يتمّ بعد (رو 6 :5؛ 1يو 3 :2)، الذي لم نحصل عليه بعد، هو منذ الآن حاضرٌ في بذاره (أف 2 :5). أمّا ما يخصّ الذي تمّ، فالفداء هو اليوم غفران، تحرّر من الخطيئة : كو 1 :14 (موازاة بين الفداء والغفران)؛ 1بط 1:8. وهذا الفداء الذي حصلنا عليه بموت المسيح وقيامته يبدأ في الإيمان والعماد (أع 2:38؛ رو 6 :1ي).

وطرح بعضُ الكتّاب سؤالاً : هناك فدية تدفع. فلمن؟ ولا ننسى ارتباط الفدية بمال ندفعه. قالت 1بط 1:18-19 : "لا بالفاني من الفضة أو الذهب، بل بدم كريم، دم الحمل ". فالفداء يعني هنا دفع كميّة من المال (لتحرير عبد مثلاً) لا يستطيع أن يدفعها (1تم 2:6). هذا هو معنى التكفير البدليّ. ولكنّنا لا نستطيع القول إنّ موت المسيح هو تنازل للشيطان حصل عليه بعد مساومة مع الله الذي عوّض عليه حقوقه على الخطأة. إنّ الأناجيل واضحة في استبعاد كلّ مساومة مع العدوّ : هناك مواجهة بين يسوع وإبليس في البريّة (مت 4 :1-11 وز) في الأناجيل الإزائيّة والإنجيل الرابع، حكم يسوع على الشيطان ونفّذ فيه الحكم (12 :31). ومع وجهة الثمن الذي يُدفع، فهناك النتيجة التي حصلنا عليها : صار البشر بعصيانهم عبيد الشيطان، فحرّرتهم طاعةُ المسيح، وفي طاعة قادته إلى الموت (فل 2 :8). نلاحظ هنا التوازي مع خروج الشعب العبراني من مصر. إن كان هذا التحرّر يفترض مشاركة الإنسان، فهو عمل الله (خر 14:14) الذي يحوّل شعبًا من العبيد إلى شعب من الأبناء (1يو 3 :2؛ غل 4 :7؛ تحدّث إلى المعمّدين الجديد، 1بط 2:9؛ رج خر 19 :5)، شعب يخصّ الله (تي 2 :14). رج مصالحة، فدية، ذبيحة.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.