الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: إبن الله


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

أولاً : في الشرق القديم. ليس من الغريب أن يسمّى شخص ابن الله. بنهدد يعني ابن الإل?ه هدد. بر ركوب : ابن الإله ركوب. ابيئيل : إيل هو أبي، الله هو أبي. ياهو : يهوه هو أبي. أبيبعل : بعل هو أبي. اعتبر الساميّون هذه البنوّة الإل?هيّة تبّنيًا، وعبّرت هذه الأسماء عن الثقة بحماية الله الأبويّة. واعتُبر الملك، بصورة خاصّة ابن الله. في زمن العهد الجديد، نعم الأباطرةُ الرومان بعبادة ملكيّة في الشرق أوّلاً، ثمّ في كلّ الإمبراطوريّة، إذ عُبدوا على أنّهم أبناء الله ومخلِّصون إل?هيّون.

ثانيًا : في التوراة. يُسمّيّ يهوه الملكَ الحاكم : أنت ابني (2صم 7:14؛ 1أخ 22:10؛ مز 2:7؛ 89 :27). فالربّ اختاره (1أخ 28:6)، ورفعه إلى كرامة البكر (مز 89:28)، وتبنّاه في يوم تنصيبه (مز 2:7)، فاعتُبر ممثّل الربّ على الأرض(2 أخ 9 :8) ووزيره الأوّل (1 أخ 29:23؛ 2 أخ 9 :9). تُنسب إلى الملِك حكمةٌ إلهيّة (2صم 14:20؛ 1 مل 5 :12، 28). وقد أعطاه أحد شعراء القصر، لقب "الهيم" بسبب السلطة الإلهيّة التي أعطيت له (مز 45:7). ولكن ملك إسرائيل لم يكن يومًا موضوع عبادة إل?هيّة وإكرام خاص، كما كان الأمر في مصر. في بعض النصوص يدعو يهوه إسرائيلَ ابنَه (تث 14:1؛ إش 1:2) أو بكره (خر 3:22؛ إر 31:9). ويسمّى إسرائيل مرّة "ابن الله الحيّ". بعد هذا طُبّقت عبارة ابن الله على إسرائيل (حك 18 :13؛ رج 9:7) أو على الأبرار في بني إسرائيل (حك 2 :15-18؛ سي 4 :10).

ثالثًا : طبّق العالم اليهوديّ المزامير الملوكيّة (2، 45، 72، 110) على المسيح ابن الله، ول?كنّه لم يَدعُ المسيح قطّ ابن الله. في بعض النصوص المنحولة، يسمّي يهوه المسيحَ ابنه كما في أخنوح وعزرا الرابع (1أخن 105:2؛ عز 7:28؛ 13 :32، 27؛ 14 :9). ولكن كان لتلك العبارة رائحة الشرك. ولهذا، فمترجمو التوراة في الأراميّة خفّفوا من قوّة النصوص التي فيها يسمّي يهوه اسرائيلَ أو الملك ابنَ الله، أو أبدلوا الكلمات. إذًا، لا نستطيع القول إن عبارة "ابن الله" كانت لقبًا مسيحانيًّا دارجًا في زمن المسيح. ثمّ إنّ العالم اليهوديّ لم ينسب إلى المسيح طبيعة إل?هيّة أو وجودًا سابقًا للكون (يبدو أن أخنوح وحده يقول إنّ ابن الإنسان الذي هو المسيح وُجد قبل الكون، (1 أخن 41:6؛ رج 48:2، 7؛ 62 :7؛ 69 :26). وقد علّم الرابينيّون أنّ المسيح موجود من الأزل قرب الله، فعنَوا بكلامهم أن الله عرف المسيح المنتظر.

رابعًا : في العهد الجديد.

(أ) المفردات. لا يستعمل يسوع عبارة ابن الله في الأناجيل الازائية. ول?كنّه يستعملها ستّ مرّات في يو. أكثر المرّات يسمّي نفسه الابن ((مت 11:27؛ مت 24:36؛ 28 :19، وكذا 14 مرّة في يو). أمّا الاستعمال الدائم لعبارة ابن الله (11 مرّة في مت، 7 مرّات في مر، 9 مرّات في لو، مرّتين في أع، 17 مرّة في رسائل يوحنّا، 18 مرّة في رسائل بولس)، فيجعلنا نقول إنّه تعبير يعلنه المسيحيّون الأوّلون.

(ب) المدلول. 3 1) يجب أن نميّز تدرّجًا في معنى الكلمة. في الدرجة الأولى تعني رجل الله (مت 14:33؛ رج مر 6:51 ي، في فم الممسوسين؛ مت 8:29 ي وز؛ لو 8 :28؛ مر 3:11؛ رج مر 1:24 وز :قدّوس الله؛ لو 4 :41 : المسيح). وتعني العبارة في فم الضابط الرومانيّ (مت 27 :54 وز) رجل الله أو الرجل البارّ (لو 23 :47). وفي معنى أغنى، تعني عبارة ابن الله : المسيح. فالولد المولود من مريم يسمّى ابن العليّ (لو 1 :32)، لأنّه يملك على عرش داود، ويكون المسيحَ ابنَ داود. وحسب آ35 يُنسب إليه أيضاً هذا اللقب، لأنّه لم يولد بفعل رجل، بل بفعل روح الله. ونصل إلى الدرجة العليا عند الإزائيّين في خبرَي عماد يسوع وتجلّيه (مت 3 :17 وز؛ 17 :5 وز) اللذين فيهما يسمّي صوتُ الآب يسوعَ : ابن الله. لا تعني هذه الكلمات أنّ يسوع كان موضوع اختيار وتبنٍّ، بل تعلن أن بنوّة يسوع الإل?هيّة هي أساس كرامته بوصفه المسيح. إذًا تؤكّد هذه النصوص علاقة يسوع الشخصيّة بالآب، ولا تمنحه وظيفة جديدة (رج مت 11:25-27؛ لو 10 :21 ي).

2) وإذ بدأ المسيحيّون يعبدون يسوع، عبّروا عن علاقته بالآب بعبارة ابن الله. فدلّوا بطريقة عمليّة (أع 13:33)، أنّ يسوع يُعتبر ابن الله الحقيقيّ الذي يرتبط بالآب بعلاقة إل?هيّة وأزليّة. ويمكننا أن نتساءل في كرستولوجيّة الجماعة الرسوليّة : أ) هل اعتبر يسوع نفسه ابنَ الله ونسب إلى ذاته هذا الاسم وفي أيّ معنى؟ ب) بأيّ معنى اعتُبر ابن الله في الجماعة الأولى؟ ج) كيف يبدو لقب ابن الله في الكتابات اليوحناوية أي في المرحلة الأخيرة من تطوّر كرستولوجيّة الرسل؟

(أولاً) : لا يجعل الإزائيّون أبدًا لقب ابن الله في فم يسوع. ولكن يبدو جليًّا أنّ يسوع وعى أنّه ابن الله، لا بوصفه بارًّا يتوق إلى كمال الآب السماويّ (مت 5:45-48)، ولا مسيحًا حسب النظرة اليهوديّة (رجل من بيت داود، رج (مت 12:23؛ مت 15:22؛ 20 :30؛ مر 11:1-10)، بل مُرسَلًا كونه من الله له ملء السلطان الإل?هيّ. كلّ هذا أقرّ به الإنجيليّون بعد قيامة يسوع حين ظهر لهم ابن الله بقوّة الروح (رو 1 :4). إنطلقوا من القيامة، فأعطوا لقبَ ابن الله مدلولاً جديدًا ظهر في أعمال يسوع وأقواله. إنّه غالب الشيطان (مر 3:27) : قيّد هذا الرجل القويّ لأنّ الله يمارس فيه سلطانه الملوكيّ (مت 12 :28 وز). إنّه يغفر الخطايا، وهذا امتياز إلهيّ (مر 2:5، 7). إنّ كلمته تبقى إلى الأبد (مر 13:31)، شأنها شأن كلمة الله (أش 40:8). لا يرتبط تعليمه بتقليد أو كتاب مثل تعليم الكتبة. فهو يعلّم بسلطان (مر 1:22؛ مت 7:28 ي)، ولا يترّدد في أن يصحّح مفهوم الشريعة الإل?هيّة (مر 10:1-12؛ مت 5:21-48) ليصل بها إلى الكمال (مت 5:17).

(ثانيًا) : إنّ قيامة يسوع وحلول الروح القدس ثبّتا بطريقة نهائيّة إيمان التلاميذ الأوّلين (مثلاً، مر 8:17-21؛ مت 14:33). منذ ذلك الوقت فهموا ما بدا لهم في الماضي شكًّا وعثارًا (مر 8:32)، وهو أنّ موت معلّمهم جزء من دوره المسيحانيّ (مر 10:45)، وشرطٌ لدخوله في المجد (لو 24 :26، 46؛ 1 بط 1 :11). إنّهم باتوا يؤمنون منذ الآن أنّ يسوع أراد أن يكون عبدَ الله (إش 53:2-12؛ أع 3:12، 26؛ 4 :27، 30). إنّه القدّوس والبارّ (أع 3:14، 7 :52؛ 22 :14) الذي سار عاملًا الخير. رذله اليهود وقتلوه، ولكنّ الله أقامه ومجّده (أع 3:13، 26)، وجعله ربًّا ومسيحًا (أع 2:36؛ 5 :31)، وأشركه في قدرته الفاعلة وسلطانه الملوكيّ (مر 8:38). وهو منذ الآن يمارس هذا السلطان من أعلى السماء، فيرسل الروح، وفي نهاية الأزمنة يدين جميع البشر (رو 14 :9 ي؛ 1بط 4:5؛ رج مر 13:26 ي؛ 14 :62؛ مت 16:27). وبما أنّ المجد الذي دخل فيه يسوع بالقيامة، كان مجدًا إل?هيًّا، فلقبُ ابن الله صار مساويًا لتنصيبه في كرامة ملوكيّة وإل?هيّة. لقد ظهر يسوع أنَّه ابن الله الحقيقيّ الموجود مع الآب قبل خلق العالم والذي صار إنسانًا لخلاص العالم.

(ج) وأبرز بولسُ أسمى مدلول للقب ابن الله. لقد صار يسوع في نظر بولس وفي نظر الجماعة المسيحيّة الأولى، ربّ المجد بقيامته (1كور 2 :8؛ رو 1 :3 ي، 10 :9؛ أف 1 :20؛ فل 2:6-11). ويكاد هذا اللقب أن يكون لقبًا ملوكيًّا. وفي رسائل بولس نجد عبارات "ربنا يسوع المسيح" (24 مرّة)، "الرب يسوع المسيح" (18 مرّة) مع لقب ابن الله (18 مرّة). إنّ الإقرار بأنّ يسوع هو الربّ، يلخّص الإيمان المسيحيّ (1كور 12 :3)، وهو شرط ضروريّ للخلاص (رو 10 :9). وبما أنّ المسيح الممجّد هو وسيط الخلاص، فهو بكر إخوة كثيرين (رو 8 :29)، بكر القائمين من الموت (كو 1 :18). بقيامته جعل شعبه (رو 8 :29؛ 1كور 15 :49) أبناء الله بالتبنّي (1كور 15 :20-23؛ 2كور 4 :14)، وأشركهم في مجده المكتسَب (رو 8 :17). ولقبُ البكر المُعطى ليسوعَ لا يدلّ فقط على أولويّةٍ (كو 1 :17) وفضلٍ على سائر أبناء الله المتبنّين، أو على كلّ خلائق السماء والأرض (كو 1 :16). إنّه يتضمّن أيضاً وجود الابن الحبيب قبل الزمن، وبنوّة ذات شكل فريد. هذا ما تعنيه عبارة "ابنه" (رو 8 :32). لقد أرسله الله في جسد الخطيئة (رو 8 :3)، في جسد بشريّ. إذًا ابن الله موجودٌ قبل أن يُرسل في جسد بشريّ (يو 1 :14؛ 1 يو 4 :2؛ 2 يو 7). يعلن بولس الإنجيل (الذي جاء من الله) المتعلّق بابنه (غل 4 :4) الذي صار من نسل داود بحسب الجسد وثبت أنه ابن الله بقوّة حسب روح القداسة بقيامته من بين الأموات. إنّه يسوع المسيح ربنّا (رو 1 :3 ي).

إنّ هذه الكلمات تتضمّن كرستولوجيّة بولس : يسوع المسيح ربّنا الذي كان ابن الله، صار حسب الطبيعة البشريّة من نسل داود، ثمّ أقيم ابن الله بقوّة حسب الروح القدس. وهذه الإقامة لا تعني أنّ يسوع صار ابن الله بقيامته (لقد كان ذلك قبل تجسّده)، بل أنّه كانت فيه قوّة إل?هيّة محيية في أعماق قيامته (1بط 3:18)، كما تتضمّن قيامته أبناء الله المتبنّين (رو 8 :11). إذًا، إنّ بولس مقتنع في أعماق كيانه، أن بنوّة يسوع الموجودة قبل الزمن (فل 2 :6-11؛ كو 2 :9)، تظهر في قيامته، وأنّ مشاركة المسيحيّين في قيامة يسوع تجعلهم في الوقت عينه وبشكل من الأشكال مشاركين في هذه البنوّة (كو 2 :10؛ رج يو 1 :16). ومع أنّ بولس أعلن ألوهيّة المسيح ووجوده قبل الزمن، بوضوحٍ لم يصل إليه الإزائيّون، ولا الجماعات المسيحيّة الأولى، فهو واعٍ ملْء الوعي أنّه لا يُدخل على الإيمان المسيحيّ شيئًا جديدًا (1كور 15 :11؛ رو 1:1-4). إذًا لا نستطيع أن ننسب إليه تفسيرًا هلّينيًّا أو ميتولوجيًّا (عن وعي أو بغير وعي) للإيمان المسيحيّ في ابن الله. فلو قلنا هذا لدللنا على جهل لتربيته اليهوديّة الدقيقة وقوله بالتوحيد (فل 3 :5 ي). ثمَّ يجب أن لا ننسى أنّنا لا نستطيع أن نفكّر بلاهوت المسيح إلاّ بالنظر إلى لاهوت الآب، الذي هو الرُّكنُ الأوّل حتى بالنسبة إلى المسيح (1كور 3 :22 ي؛ 11 :3؛ 15 :24-27).

(د) كتبَ الإنجيليُّ الرابع البشارة لمسيحيّين في آسية الصغرى، فننظر إلى يسوع المسيح داخل خلفيّة هلينيّة وغنوصيّة واسكندرانيّة منتشرة في ذلك المحيط، وصوّره بصفته ابنَ الله والكلمة الأزليّ الذي صار إنسانًا لينقل الوحي والخلاص إلى البشر بصفته وسيطًا بين الله والبشر. فاللوغوس (الكلمة) كان في البدء، أي حين بدأ الكون المخلوق وجوده (رج تك 1 :1). إذًا وُجد قبل خلق الكون (يو 17 :5، 24؛ رج 8:58). كان عند الله الآب (رج يو 1 :18؛ 3 :34؛ 1يو 1 :2). إذًا هو مختلف عن الآب. إنّه شخص حقيقيّ قائم في ذاته منذ الأزل، وهو يسوع المسيح (يو 1:14-18). كان اللوغوس الله، والله الحقّ (يو 5 :20). صار اللوغوس، الابن الوحيد، جسدًا وسكن بين البشر فرأى تلاميذُه مجدَه. كان مملوءً ا نعمة وحقًّا، ومن ملئه نال التلاميذ نعمة فوق نعمة (يو 1 :14، 16). بذله الآب وأرسله (يو 3 :16 ي؛ 1 يو 4 :9-14) ليمنح الحياة الأبديّة للذين يؤمنون به (يو 3 :16-18؛ 5 :24؛ 6 :40، 47؛ 8 :51؛ 11 :25 ي؛ 20 :31؛ 1 يو 3 :14). فعملُ ابن الله الخلاصيّ يستند إلى حياة حميمة مع الآب. لقد تكلّم يوحنا بوضوح عن علاقات يسوع بالآب (يو 5 :17، 19، 23، 26؛ 6 :46؛ 7 :29...). وإنّ الكلمات تنطبق على ابن الله الذي صار إنسانًا كما تنطبق على ابن الله الموجود قبل الزمن. لكنّ هناك كلمات تدلّ على خضوع يسوع الكامل والمحبّ لأبيه، وهي تنطبق فقط على الطبيعة البشريّة (يو 8 :29، 55؛ 12 :49 ي؛ 14 :31؛ 15 :10). ولكنّ الطبيعتين ليستا منفصلتين حتى حين يتحدّث الإنجيليّ عن ارتباط الابن بالآب أو حين يقول إنّ الآب أعظم منه (يو 14 :28). إتّخذ الابن طبيعة بشريّة، فتصاغر عن أبيه. أحبّ الآبُ ابنه المتجسّد، فأراه كلّ ما يعمل، وجعل كلّ شيء بين يديه (يو 3 :35؛ 5 :20؛ 17 :2). أخذ يسوع من أبيه أقواله وأعماله، فلم تعد أقوالَه وأعماله هو، بل أقوال أبيه وأعماله. هو لا يقدر أن يصنع شيئًا من نفسه أو يقول شيئًا من عنده، بل ما يراه وما يسمعه. فاستنتج اليهود من وحدة العمل ومن القدرة التي تُنتج هذا العمل، أن يسوع جعل نفسه مساويًا لله (يو 5 :18، 10-33). لهذا حسبوه مجدّفًا وأرادوا أن يرجموه (يو 10 :31). ولكن التلاميذ الذين أقبلوا إلى الإيمان ببراهين قدرته الإل?هيّة (يو 2 :11)، أقرّوا به بعد قيامته بصفته ربَّهم وإل?ههم (يو 20 :28)، والله الحقيقيّ (يو 5 :20).







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.