الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: قضاة، (سفر الـ)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

1) المضمون. يروي قض ما فعله أبطال حريّة شعب الله في بداية إقامتهم في أرض كنعان. فبعد المقدّمتين المتتابعتين (1 :1-3 :6) اللتين تصوّران الحالة السياسيّة والدينيّة في ذلك العصر (1 :1-2 :5) وتعرضان لاهوت الكتاب (2 :6-3 :6)، يروي قض قصّة ستّة قضاة كبار : عثينئيل (3 :5-11)، أهود (3 :12-30)، باراق (ف 4-5)، جدعون (ف 6-9)، يفتاح (10 :6-12 :6)، شمشون (ف 13-16). ويقطع هذه الأخبار لمحات قصيرة عن ستّة أنبياء صغار : شمجر (3 :31)، تولع، يائير (10 :1-5)، إبصان، ايلون، عبدون (12 :8-15). لا يروي قض خبرًا مفصَّلاً عن القضاة الكبار. إنّه يورد عادة العمل الذي به خلّصوا شعبهم. بالنسبة إلى جدعون، يروي قض أيضاً محاولة أبيمالك ليؤسّس الملكيّة. والأخبار المتعلّقة بالقضاة الكبار مبنيّة حسب رسمة محدّدة يعبّر عنها الكاتب في كلّ مرّة بالعبارات نفسها ويرتكز على نظرة لاهوتيّة إلى التاريخ. ويرسم الكاتب بالكلمات الأربع الآتية، الرسمة التي بموجبها تتنظّم الأخبار : جحود اسرائيل، عقاب الشعب بالتسلّط الغريب. توبة إسرائيل، رحمة يهوه التي ترسل "قاضيًا" أو "مخلّصًا". ويذكر الكاتب مدّة الضيق ومدّة حياة القاضي. وينتهي قض بملحقين. الأول يتحدّث عن تأسيس معبد لا شرعيّ في دان (ف 17-18). الثاني يروي جريمة البنيامينيّين (ف 19-21). وإذ يقدّم الكاتب هذين المثلين يعطينا فكرة عن الفوضى السياسيّة والدينيّة السائدة في ذلك الوقت (17 :6؛ 21 :25).

2) أصل الكتاب. قالت المدرسة القديمة : يتألّف قض من المراجع اليهوهيّة والالوهيميّة والكهنوتيّة والاشتراعيّة. قدّم اليهوهي والالوهيمي المواد التاريخيّة، والاشتراعي القضيّة اللاهوتيّة والكهنوتيّ الكرونولوجيا والملاحظات على الأنبياء الصغار. أمّا الشرّاح الجديدون فيفترضون تجميع تقاليد شفهيّة قديمة تورد أحداثًا بطوليّة، وأساطير إيتيولوجيّة وقبائليّة. فجاء المؤرّخ الاشتراعي ودوّن كل هذه المعطيات مرّة أولى. أما وحدة الكتاب فظاهرة من خلال القضيّة اللاهوتيّة التي نقرأها في المقدّمة الثانية والتي يطبّقها الكاتب في كل كتابه. هذا لا ينفي وجود مقاطع تنتمي إلى فنون أدبيّة مختلفة وإلى تقاليد متنوّعة (تقاليد الشمال، تقاليد الجنوب، تقاليد شرقيّ الأردن). متى دوّنت هذه التقاليد الثلاثة؟ هذا ما لا نستطيع أن نحدّده، كما لا نستطيع معرفة كاتب قض الذي هو على كل حال من التيّار الاشتراعي.

3) سفر القضاة والتاريخ. يقدّم هذا الكتاب بشكل موحّد (في أسلوب اشتراعيّ) أجزاء مختلفة من تاريخ القبائل. فهناك أحداث حصلت في الوقت عينه في مناطق متعدّدة. ونحن لا نستطيع أن نرتكز على ترتيب الفصول والأعداد لنكوّن كرونولوجيا لهذه الحقبة. ثمّ إنّ تشعّب الأخبار وتنوّع الفنون الأدبيّة يفهماننا صعوبة التمييز بين ما هو تاريخيّ وما هو تفسيريّ. ولكن رغم الفجوات، فالكتاب الذي هو مرجعنا الوحيد، يقدّم معلومات ثمينة عن شعب اسرائيل قبل الحقبة الملكيّة، مع قبائله الحيّة، والفاعلة كلّ واحدة وحدها والمتوحّدة مرارًا في وجه خطر مشترك (قض 4 :6، 10؛ 5 :14-15؛ 6 :35). وليس من عامل وحدة سوى الإيمان الواحد بيهوه كما عُرف في الخروج وجبل سيناء. هل نستطيع أن نتحدّث عن "أمفكتيونيا، أي حلف مقدّس بين القبائل (هناك 12 قبيلة تحيط بالمعبد. وتؤمّن كل قبيلة الخدمة شهرًا في السنة)؟ هناك من أخذ بهذا الرأي. وهناك من رفضه معتبرًا أنّ قض لايذكر يهوذا ولا سمعان. ومع ذلك نستطيع القول إنّ أصل القبائل المشترك وإيمانها الواحد بالله هيّأا هذه المجموعات للاتحاد، بل جعلاها تتّحد في بعض الظروف. وهكذا وعى بنو اسرائيل قرابتهم (قض 5 :14-18 : فيها المدح واللوم). ومن المعقول أن تكون تنظّمت كونفدراليّة بين قبائل الشمال والوسط، حول تابوت العهد والمعبد في شيلوه (في افرايم)، كعامل وحدة كان لقبيلة افرايم فيه الأولويّة (8 :1-3؛ 12 :1-6). ولكن نقصتنا المعلومات كي نعطي حكمًا حول قبائل الجنوب الفلسطيني. بما أنه كان لهم الإيمان اليهويّ الواحد، فقد كان بإمكانهم أن يلتحموا مع سائر قبائل فلسطين، ولا سيّمَا المقيمين في الشمال. ولكن حاجز الحصون الكنعانيّة (أورشليم، أيالون، جازر) منع هذا الالتحام، فما اتصل يهوذا ببيت يوسف.

4) لاهوت سفر القضاة. منذ عهد باكر، نسب شعب اسرائيل شقاء زمن القضاة إلى خيانتهم، والخلاص إلى تدخّل الربّ من أجلهم. هذا هو دور الكاتب الاشتراعيّ الذي أبرز العبرة الدينيّة لهذه الحقبة في رسمة بدت بشكل إطار. فجمع ونظّم مختلف الأخبار في لوحة شاملة تُبرز تاريخَ القضاة في وحدة ترينا تتالي الخيانات والعودة إلى النعمة. وهكذا نكون في لاهوت العهد. الأمانة لله تفسّر نجاح حقبة يشوع. والخيانة تفسّر الهزائم في زمن القضاة. ولكن يهوه هو أمين دائمًا، فيخلّص شعبه ويعود إليهم بواسطة محرّرين يختارهم ويرسلهم. وهكذا فإنّ قض الذي دوِّن في القرن 7-6 هو نداء لفحص ضمير، للتوبة والرجوع، للثقة بالربّ الأمين الذي خلّص في الماضي ويستطيع دومًا أن يخلّص شعبه الخائن الذي يصرخ إليه.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.