الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: كوسمولوجيا (الـ)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

دراسة الكون. لا نجد في البيبليا أي تصوير منهجيّ عن النظم الكوسمولوجيّة قد تصوّره الفكرُ العبريّ القديم. مثل هذه اللوحة نجدها فقط في 1أخن. إلاّ أننا نجد بعض الصور الشعريّة عن الواقع الكوني، كما نجد نظرات عبريّة حول بنية الكون، هي نتاج صياغة عقليّة مؤسّسة على خبرة العين. نحن في الواقع أمام محاولة قبلعلميّة تتوخّى أن تجعل تشعّب الكون الفيزيائي مفهومًا ومعقولاً.

هذه النظرات اعتُبرت مدّة طويلة كوديعة الوحي التي يجب أن لا نشكّ بقيمتها "العلميّة". ولكن هذه النظرة تعدّاها الزمن. نجد كل هذا بشكل خاص في تك 1 :1ي (نص كهنوتي) الذي دوِّن بعد المنفى، فكان امتداداً لتفكير قديم جدًا في نظام العالم، عرفه الساميّون بشكل عام والعبرانيون بشكل خاص، فدوّنوا منه ما دوّنوا في التوراة.

1) الكون. إن النظرة اليونانيّة إلى الكون (كوسموس، المسكونة) كما صاغتها في القرن 6 ق.م. الفلسفة الايونيّة (على شواطئ تركيا الحاليّة)، فتصوّرت نظامًا كونيًا واحدًا، لا نجد ما يقابلها في العالم العبريّ. واللفظة القريبة هي "هـ كُ ل" أي كل شيء (إر 10:16؛ سي 36 :1). "ك ل" (إش 44:24). ولكن لا نجد فيها ذات الرنّة الكوسمولوجية. وحين تريد التوراة أن تعبّر عن الكُلّية تقول "السماء والأرض" (تك 1 :1). هناك لفظة "ت ب ل" التي تعني المسكونة ((مز 9:9؛ مز 18:16؛ 19 :5، أو الكون)، والتي تتميّز عن "ارص" (الأرض) (1صم 2:8؛ أي 37 :12) والتي تعني الأرض الثابتة (في الاكادية : إلي تابالو تجاه إلي نارو أي المياه). أما "ع ل م" فيعني في العبرية البعد بيبليّة الكون (العالم في العربية)، الزمن الذي لا حدود له (كما في السريانيّة). في السبعينية ما يقابل "كوسموس" في العبريّة هو "ص ب ا".

2) بنية الكون وترتيبه. خُلق الكونُ كله بيد الله (تك 1 :1). هذا ما يستبعد كل عبادة للكون، أو عنصر من عناصر الكون. وتنظّم الكونُ في بنية متناسقة تكفل ثباتَه قدرةُ الله (تك 8 :22). وقد يعيد الله النظر في هذا الثبات كما فعل في الطوفان (تك 6 :7). يعرف هذا الكون تراتبيّة حسب خطّ عموديّ يسمو عليه الربّ (مز 481:13). والتعارض بين السماء والأرض هو الديناميّة الاساسيّة. وحدثُ برج بابل يمثّل في العمق محاولة لاشرعية (محاولة تجديف وانتهاك القدسيّات) لإزالة هذا التعارض. حاول الانسان بعمله أن يجتاح دائرة السماء. في هذا الترتيب العموديّ للكون، تظهر الأرض (تك 1 :2-2 :4) كقرص دائريّ كبير (إش 40:22) يستند إلى مياه البحر الاولاني (= الغمر)، يغطّي هذا القرص قبّة الفلك (الجلد) الذي نجد فوقه المياه العليا. وتثبّتَ في الفلك نيِّران كبيران هما الشمس والقمر، كما تثبّت عدد كبير من النجوم. فوق الفلك تُوجد خزانات البرَد والريح (إر 10:13) والثلج (أي 38 :22). والسماء التي تشرف على كل شيء هي مقام الله. على أطراف الكون تلتقي ركائز السماء بركائز الأرض التي تنغرز في الأعماق، حيث المياه السفلى الاولانية تجاورها الشيول أو مثوى الأموات. ولكن الكون مرتّب أيضًا في بنية دائرية أفقية. المركز هو شجرة الحياة (تك 3 :3) التي في وسط جنّة عدن (تك 2 :8) حيث تجري الأنهار الأربعة التي تروي الأرض كلها (تك 2:10-14). في مقاطع أخرى من التوراة، تختار رمزيّة المركز هذا مراكز مختلفة في الأرض : اسرائيل، جبل صهيون (أش 2)، أورشليم (حز 38:12-19). هذه الكوسمولوجيا في خطين مع الاهتمام بالنظام والتماسك، تقودنا إلى الكوسمولوجيات الساميّة والمصرية والحثيّة. كما تبدو شبيهة مع إنوما اليش البابلية. أما اصالتها فالتشديد على وحدانيّة الله وعلى سيطرة الخالق على الخليقة كلها.

هناك استعارات بيبليّة استلهمت نماذج كوسمولوجيّة قريبة ممّا في تك 1-2 : الكون هو قصر مع سقف (مز 410:3؛ عا 9:6). هو خيمة (إش 40:22؛ مز 410:2). هو كتاب يُلفّ (إش 34:4). أما الكوسمولوجيّات اليهودية والغنوصية والهلينيّة التي تتحدّث عن وجود سبع سماوات دائريّة، فلا نجدها في العهد القديم. بل نجد تلميحًا عنها في 2كور 12 :2.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.