الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: كوكب


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

كواكب في العبريّة "ك و ك ب". في اليونانيّة : أستير. رج نجمة.

1) علم الفلك

مع أنّ سماء الشرق صافية وهي تتيح لنا أن نرى النجوم، ومع أنّ علم الفلك قد توسّع جدًّا في مصر وفي بابلونية، فالتوراة لا تذكر إلاّ عددًا قليلاً من النجوم (أو : الكواكب). هناك مقطعان في أيوب (9 :9؛ 38 :31-32) ومقطع واحد في عاموس (5 :8) تشمل أسماء ما زال الأخصائيّون يجادلون في معناها. وحتى المترجمون القدماء، قد تردّدوا، وهذا ما يدلّ على قِدم أسماء هذه النجوم.

(أ) ك س ي ل. هناك توافق شبه إجمالي يرى في العبريّة "كسيل" (أي 9 :9؛ 38 :31؛ عا 5:8) الجوزاء (في الجمع في إش 13 :10). ورغم بعض اختلافات، نستطيع أن نفهمها. فالترجمات تتّفق على هذا الاسم. في السبعينيّة (اوريون في أي 38 :31). في أكيلا (عا 5:8). في الشعبيّة اللاتينيّة (اوريون، في أي 9 :9؛ عا 5:8). أما السريانيّة البسيطة والترجوم الأراميّ، فقد ترجما أي 9 :9؛ عا 5:8 : القوي، الجبّار (غبور في السريانية، نفلا في الأراميّة). وهذا ما يقابل اسم اوريون في العربيّة : الجبّار. نشير هنا إلى أن لفظة "كسيل" العبريّة تعني الضخم كما تعني المنافق والمجنون. وفي الميتولوجيّات البابليّة (الإله نينورتا هو النموذج الأول لنمرود) واليونانيّة، أوريون هو إله الصيد الجبّار، وقد أغاظ الآلهة بجنونه فنُقل إلى السماء أو تحوّل إلى مجموعة نجوم. فالمعطيات الميتولوجيّة تلتقي هنا مع علم الاشتقاق. فالتماهي مع "موسكوت كسيل" مع القيود والحبال أو الحزام (رج فعل مسك في العربيّة) هو واضح، ويوازي منطقة أوريون في الميتولوجيا اليونانيّة. وقد يعود شهر كسلو إلى اسم هذا الكوكب. أما في إش 13:10 فالجمع "كسيليم" يدلّ على مجمل نجوم السماء.

(ب) ع س (أو بالأحرى : ع ث) (أي 9 :9) أو "ع ي ث" (أي 38 :32). نقلت الترجمات اليونانيّة الكلمة : هسباروس أي نجمة المساء. وقالت الفولغاتا : وسبر أو المساء في أي 38 :32، ولكنّها فضّلت : ذنب الدب (اركتوروس) ونجمة البقّار في عا 5:8. غير أن التقاليد اليونانيّة واللاتينيّة ليست متماسكة، لأنّها تترجم "ع ث" و"ع ي ث" دومًا بهذا الشكل. فإنّ تيودوسيون يترجم "ك س ي ل" بـ "وسبر" أي المساء. و"اركتوروس" تدلّ أيضاً على "كسيل" في الفولغاتا (أي 38 :31) وفي السبعينيّة (أي 9 :9). بل تدلّ على "ك ي م هـ" (أكيلا والفولغاتا في عا 5 :8). وتردّد التقليد السرياني بين ألدبران (الثور) والعنزة أو اوريون. ورأى الترجوم في أي 38 :32 "الدجاجة" (ز ج ت ا) أي الثريا. ورأى الشرّاح اليهود في اللغة العربيّة (مثلاً، سعديّة بن غاون) في هذه الألفاظ : الدبّ الأكبر والدب الأصغر (في العربيّة : نعش أو تابوت). وتتعقّد المشكلة بسبب أي 38 :32 الذي يتحدّث عن "ع ي ش. ع ل. ب ن ي هـ ا" أي عيشها وأبناؤها. هذا ما يدفعنا إلى القول بإنّنا أمام الدب الأكبر (ع ي ش) والأصغر (أي الأبناء).

وهناك من رأى في هذه اللفظة الأسد (عيوث في العربيّة) وأربع نجمات من العذراء التي سمّاها العرب "تابعات الأسد". ولكن التقارب بين "ع ي ش" و "ع ي و ث" (الكلمة نادرة جدًّا في اللغة الشعريّة)، مع اعتبارات فلكيّة، يجعل الفرضيّة ضعيفة. وكانت فرضيّة أخرى تظنّ أن "ع ي ث" هي ألدبران، عين الثور (كما في البسيطة)، وأن أولادها هم نجوم حول ألدبران (أو : القلاص)، كما ألمح بذلك رابي يهودا. أما التقليد الكلاسيكيّ الذي ورث علم النجوم الشرقيّ، فقد جمع الثريا (ك ي م هـ ) واوريون (كسيل) والقلاص (الياذة هوميروس 18 :486). وقد نكون أمام المجموعة عينها في أي 9 :9؛ 38 :31-32 : نجوم متجاورة على رأس الثور، وهي تدلّ على تبدّل الفصول. وجاء من قابل "ع ي ث" مع العربيّة "غيث" (مطر) وافترض أن أصل الكلمة العبريّة يشبه أصل الكلمة اليونانيّة (هياديس من هياين أي أمطر). ويبيّن تأثير هذه النجوم على الطقس. هنا لا بدّ من الملاحظة أنّ الكتّاب الكلاسيكيّين ضمّوا الدب إلى اوريون والثريا (الاوذيسة 5 :272-275). إن التعدادات التي نجدها في الأدب اليونانيّ الكلاسيكيّ قد أثّرت على المترجمين القدماء الذين تغذّوا من هذا الأدب. وهذا ما جعل المسألة أكثر غموضاً.

(ج) ك ي م هـ (أي 9 :9؛ 38 :31؛ عا 5:8). إنّ الترجمات اليونانيّة واللاتينيّة قد ترجمت عادة هذه اللفظة بـ "الثريا" (ما عدا الشعبيّة اللاتينيّة في أي 9 :9 : القلاص. وأكيلا والشعبيّة في عا 5:8 : اركتوروس). وكذا نقول عن سعديه بن غاوون (طورايا). إنّ "م ع د ن و ت. ك ي م هـ " تجعلنا نفكّر في "جوقة الثريا" لدى الكتّاب الكلاسيكيّين (رج في الاوغاريتي : ع د ن = جيش). إنّ العبارة تُبرز الغنى الأساسيّ للفظة "كيمه" التي تبدو قريبة من الأكادي "كامو" (ربط)، ومن العربيّة "الكوم" (القطعة من الابل) و"الكومة" (تلّة التراب).

(د) م ز ر و ت (أي 38 :32). نالت هذه اللفظة عددًا كبيرًا من الشروح. وكانت الترجمات القديمة نفسها متحيّرة، فاكتفت في أن تنسخ الكلمة العبريّة في حرف يونانيّ. أما الحلول المقدّمة، فهي (لا كلّها بل بعضها). (1) "م ز ر و ت" هي اختلافة "م ز ل و ت" (2مل 23 :5). في أي 38 :32، نسخت السبعينيّة (في الواقع، هو تيودوسيون) اللفظة "مزوروت" التي بها ترجمت أيضاً "مزاروت" كما في 2مل 23 :5. ولكن ما هي "مزالوت"؟ قالت الشعبيّة والتقاليد اليهوديّة في العصر الوسيط "فلك البروج" راجعين إلى الأكاديّة : مزلتو أي موقع، مركز. أو هي : الكواكب، لأنّ الناس يعبدون "مزلوت" (هي ممارسة مجهولة في موضع صور البروج). (2) نجمة الصبح (لوسيفر : الشعبيّة في أي 38 :32) ونجمة المساء (وسبر). هناك تقارب مع اللفظة الأكاديّة "مصرتو" أي الحارس (نجمتان تحرسان طرفي النهار). غير أنّ التقابل بين "ز" العبريّة و"ص" الأكاديّة، يبدو غير معقول. (3) نجمة مشعّة جدًّا. من هنا صيغة الجمع (كما نقول نجمة النجمات). وقد اعتبر بعضهم أنّ "مزّاروت" هي تحريف "مزهروت" أي الزهرة (في العربيّة : لمع، أضاء)، وألدبران وسيريوس الذي كان دوره كبيرًا في الكلندار المصريّ. (4) الإكليل الشماليّ. عادت "مزاروت" إلى "منزروت" التي تعود إلى "ن ز ر" أي التاج والإكليل. (5) فلك البروج. رج " م ا ز ر و ت". في العربيّة مآزر أي حزام وأحزمة. هذا ما نجده في اليونانيّة "زوديا".

(هـ) "ح د ر ي. ت م ن" (أي 9 :9). فهمت الترجمات القديمة هذه العبارة : خزانات رياح الجنوب. ولكن انطلق آخرون من الترجوم الذي تحدّث بإسهاب عن "أخدار الكواكب في جهة الجنوب"، فاكتشفوا مجموعة من نجمات السماء الجنوبيّة الموزّعة بين العيّوف والظلمان وحليب الجنوب، أو الدائرة الجنوبيّة (في السريانيّة : حودرا أي الدائرة) أو العلامات الجنوبيّة التي هي كواكب في جنوب خطّ الاستواء (طريق آيه كما قال علماء الفلك في بابل).

(و) واكتشف بعض العلماء كواكب أخرى. "ر ش ا ي م" و"الذراع المرفوع" أو (المرتفعة) في أي 38 :15، هما الكلب الأصغر والكلب الأكبر. واقترح البعض تصحيح عا 5:9 الذي أورد "ش و ر" (أي : الثور)، "عز" (أي العنزة) و"مبصّر". الأوّلان يدلاّن على الصيف، والثالث على الشتاء. نحن هنا أمام فرضيّات لا يصدّقها عدد كبير من الشرّاح.

2) اللاهوت رغم بعض المقاطع البيبليّة والبينعهديّة (بين العهد القديم والعهد الجديد)، التي هي صدى لنظرات شرقيّة تعتبر النجوم (الكواكب) كائنات حيّة (قض 5 :20؛ با 3:35؛ رس إر 6 :39) شبيهة بالملائكة (رؤ 1:20). ورغم يقظة عبادة الكواكب من وقت إلى آخر، ينعشها الملوك (2مل 17 :16؛ 21 :3، 5؛ إر 8:2؛ 19 :13)، يؤكّد العهد القديم بقوّة أنّ الربّ هو الذي خلق النجوم (تك 1 :16؛ مز 8:4)، وأنه يجلس فوقها (أي 22 :12)، وأنه يمنع المنافق المتكبّر من أن يصل إليها (عو 4). فلمعانها الذي يختلف عن كلّ لمعان (1كور 15 :41؛ مز 148:3؛ سي 43:9-10)، وعددها الكبير الذي يستطيع الله وحده أن يحصيه (تك 15 :5؛ 22 :17؛ تث 1:10؛ (رؤ 4:19؛ رؤ 10:22؛ مز 136:9؛ نا 3:16)، ونظامها وترتيبها العجيبان، كلّ هذا يُنشد مجد الخالق (أي 38 :7؛ دا 12:3). ولكننا لا نستطيع أن نعبدها (حك 13 :2). ثمّ إنّ جمالها وتناسقها اللذين يشهدان على النظام في الكون (م ش ف ط)، قد يستطيع الله أن يعيد النظر فيهما (عا 5:8؛ أي 9:5-10) إذا ديس العدل والحقّ (عا 5:4-7، 10-12). لهذا كان من الطبيعيّ أن تظلم النجوم أو تتساقط لتدلّ على غضب الله (إش 13:10؛ حز 32:7). وهذا يكون حقيقيًّا حين يقترب يوم الربّ (يوء 2 :10؛ 4 :15). وسقوط النجوم في العهد الجديد، يدلّ على المجيء (باروسيا) (مر 13:25؛ مت 24:29؛ لو 21 :25؛ رؤ 6:13؛ 8 :10). وهذه ظاهرة حاول أصحاب التوافق بين العلم والدين أن يشرحوها بألفاظ علميّة حديثة، ساعة هي صورة رمزيّة روحيّة تدلّ على مجيء الله الدائم في العالم بانتظار مجيئه الأخير.

3) الرمزيّة. تشير التوراة مرارًا في البيبليا، كما في جميع الآداب الشرقيّة، إلى كائنات تلفت النظر وقد تكون شرّيرة. فالإحدى عشرة نجمة (أو كوكبًا) في حلم يوسف هي إخوته (فالبروج هي صورة عن الاثني عشر سبطًا في إسرائيل). والاثنا عشر كوكبًا حول رؤى المرأة في رؤ 12:1 هم الرسل الاثنا عشر والقبائل الاثنتا عشرة في الشعب الجديد. والسبعة كواكب في رؤ 1:17، 20؛ 3 :1 هي كنائس آسية الصغرى. فالكوكب (أو : النجمة) يرمز إلى مُلك (إش 14:12) الأبرار والعقلاء (دا 12:3؛ سي 50 :6)، كما يدلّ على المسيح (عد 24:17). لهذا كان اسم بطل الثورة اليهوديّة الثانية (132-135) ابن الكوكب مع إشارة مسيحانيّة واضحة. وفي جا 12:2، فالكوكب الذي يظلم، هو رمز لحزن الشيخ العجوز. وهذا الرباط بين مصير الإنسان والكواكب يذكّرنا بعلم الفلك، ولا يزال حاضرًا في الأدب البعد البيبليّ، بل لا يزال في أيامنا أيضاً.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.