الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: لائحة الشعوب


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

لائحة الشعوب إنّ لائحة تك 10 تعيد إلى أبناء نوح الثلاثة (سام، حام، يافث) 70 شعبًا أو قبيلة أو مدينة في الشرق القديم وفي غيره من الأماكن. هذا العدد هو 71 إذا اعتبرنا أشور شعبًا. وتعدّ السبعينيّة 73 شعبًا.

(أ) النقد الأدبيّ. يعتبر الشرّاح أنّ لائحة الشعوب ليست من معدن واحد. ترتبط سبأ وحويلة ولود بحام في آ7 و 13 وبسام في آ28-29 و 22. في آ2، 6، 22 تورد عبارةُ "ابن" لائحة من الأسماء، وفي آ20، 31 تأتي بعد الأسماء. أما في آ8، 13، 15، 24، 26 فنجد عبارة "ولد". تعطي آ16-18 الأسماء في المفرد و آ13-14 في الجمع. وما عدا ذلك (إلاّ كتيم، دودانيم) تُذكر الشعوب باسم علم. هناك لهجة إخباريّة في آ8-12 وهي تتعارض مع السلسلة الجافة في الباقي. تريد هذه الآيات أن تعرِّف القارئ بممالك بلاد الرافدين الكبيرة. أمّا لائحة الشعوب فتبيّن كيف يتحدّر الشعوب من نوح. ترسم آ19-20 الحدود الجغرافيّة، وتتكلّم آ6، 15 عن كنعان. أما آ19 فتتكلّم عن الكنعانيّ، وتنسب إلى هذا الشعب أرضًا أصغر ممّا في آ15. في آ15 تدلّ صيدون على فينيقية كلّها (كما في تث 3:9؛ يش 13 :4، 6، قض 3 :3...). وتُنسب شعوب سورية الحثيّة إلى كنعان. لهذا السبب تعتبر آ1-7، 20، 22-23، 31-32 كمؤلّفة للائحة الشعوب بحصر المعنى وتُنسب إلى المرجع الكهنوتي بسبب العبارة "وهذه مواليد" (رج تك 2 :4أ؛ 5 :1؛ 11 :10، 27). أما الآيات الأخرى التي أقحمت في هذا الإطار، فهي لا تقدّم مواد كافية تشكّل لائحة موازية. فأصلها متنوّع. تعكس آ8، 12-25 أسلوب اليهوهيّ. وتعداد آ16ي يُذكّرنا بلوائح الشعوب السابقة لإسرائيل (خر 3:8، 17؛ 13 :5؛ 33 : 2) التي نجدها في الاشتراعي ((تث 7:1؛ تث 20:17؛ ي(ش 3:10؛ ش 9:1؛ 11 :3؛ 24 :11). وتستلهم آ24-25 تك 11 :12، 14.

(ب) البنية. يبدأ النص الكهنوتي ( آ1أ) وينتهي (آ31) بعبارة مقولبة. يقسم الشعوب إلى ثلاثة فروع : يافت (آ2-5)، حام (آ6 - 7، 20)، سام (آ22-23، 31). هناك أسماء مذكورة هنا ومعروفة في النصوص اللابيبليّة. جُمعت لا بحسب أصلها الاتنوغرافي (شعوب مختلفة مثل عيلام، اشور، ياوان، جومر، مصر، كنعان تعود إلى جد واحد)، بل بحسب مسكنها وتاريخها ووضعها السياسيّ.

1) هل نقدر أن نتعرّف إلى أبناء يافث؟ أقاموا في مناطق بعيدة عن كنعان، في الشمال والغرب : أقام المادايون على تلال إيران العالية، وترك جومر (القامريون) واشكناز (الاسكوتيون) في القرن 8 فيافي روسيا الجنوبيّة آسية الصغرى، مرورًا بالقوقاز. توفل(تيباريون)، ماشك (موسكيون) وتوجرمة كانت قبائل آسيويّة قديمة طُردت نحو البحر الأسود. ضمّ ياوان (الايونيون) أولاً قبائل يونانيّة أقامت في القرن 11 ق.م. على الضفّة الغربيّة لآسية الصغرى ثمّ ضمّ السكان في بلاد اليونان. يُذكر تيراس (التيريون) في القرن الثالث مع شعوب البحر (الفلسطيون). ألياشة هي قبرص حيث أعطت كيتيون اسم كتيم. ترشيش هي أحد بلدان الغرب البعيد مثل اسبانيا أو سردينيا.

2) وعدّ الكاتب الملهم بين أبناء حام، الشعوبَ والممالك المقيمة في جنوبيّ العالم المعروف آنذاك : كوش (الحبشة)، مصر، فوط (ليبيا)، وقبائل الجنوب في الجزيرة العربيّة. كنعان التي تنتمي اتنوغرافيًّا إلى سام عدّت مع أبناء حام (رج تك 9 :18، 22) بسبب علاقات شعوب الشاطئ الفلسطينيّ والفينيقيّ بمصر (إش 23:3، 5) وبالأخصّ بسبب تسلّط مصر على هذه المناطق.

3) وبين هاتين المجموعتين، يضع الكهنوتيّ أبناء سام. ندهش حين لا نجد اسم بابلونية قرب عيلام وأشورية. لهذا بحث النقّاد عن اسم بابلونية في ارفكشاد، واستندوا إلى مقال يعتبر أن كشد (قرأوه كسد) هو اسم الكلدانيّين الذين أسّسوا عدّة ممالك في بلاد الرافدين الجنوبيّة، في القرن 9، وأنّ ارفكشاد (حسب تك 11 :10-26) هو جدّ ابراهيم الذي انطلق من أور، ومن الكلداي (تك 11 :31. نص كهنوتيّ). ويلفت انتباهنا في هذه اللائحة ذكر لود (اللوديون) التي انتظرنا أن نجدها مع بني يافث. هذا يفسَّر بارتباط مملكة اللوديّين ببلاد الرافدين (جيجاس اشور بانيبال، كريسوس، كورش). ويلفت انتباهنا أيضاً أن ارام المؤلّف من قبائل غير معروفة، يسكن الصحراء السوريّة العربيّة.

4) في هذه الرسمة المتناسقة توسّعت سلسلتان توسّعًا ملحوظًا بسبب الزيادات اللاحقة. أعطت فرع حام معطيات جديدة عن كوش (آ8-2 نمرود) ومصر ( آ13-14) وكنعان ( آ15-19). وفي القسم المتكلّم عن سام زادت آ24-28 بعض الحلقات إلى سلسلة أرفكشاد وحتى فالج وقحطان. ثمّ عدّت أبناء يقطان العديدين، الذين نعرف أنهم ينتمون إلى جنوبيّ الجزيرة العربيّة (حضرموت). وبقي نسل فالج الذي سينتمي إليه ابراهيم في ما بعد (تك 11:10-26).

(ج) زمنها. لا ترتكز لائحة الشعوب على تقليد يعود إلى زمن تشتّت هؤلاء الشعوب. إنّها انعكاس حالة معاصرة استفاد منها الكاتب واستعاد ذكريات عن بعض الشعوب القديمة ليرسم لوحة اتنوغرافية تُقحَم في إطار تاريخ البدايات. لهذا لم يستطع أن يذكر اسرائيل ولا موآب وأدوم وعمون. سيذكر أصل هذه الشعوب فيما بعد. أما سائر الشعوب فيقول بوجودها في ذلك الزمن القديم مع أنها وُلدت فيما بعد (مثلا : شبأ، ددان ابنا يقشان في تك 25 :3). كل هذا يساعدنا على تحديد زمن لائحة الشعوب. بما أن حث غير مذكور مع بني يافث، فهذا يعني أنّ الكاتب لم يعد يعرف شيئًا عن مملكة الحثيّين التي أقامت في آسية الصغرى وانهارت حوالي سنة 1200 ق.م. وذكرُ ياوان وتيراس (تك 10 :2) والفلسطيّين (آ14) يحملنا إلى ما بعد سنة 1200. وبما ان المادايين والقامريّين والاسكوتيّين لم يظهروا إلاّ في القرن 8 و7، فلائحة الشعوب لم تُكتب قبل القرن 7. وترتيب اللوديّين (القرن 7) على اسم سام (آ22) يدلّ على القرن 7 أو بعد ذلك. ثمّ إنّ المنظور الشامل الذي يضع أجداد اسرائيل بجانب سائر الشعوب يجعلنا نفكّر بالمنفى، ساعة اقتُلع اليهوذاويّون من أرضهم وفكّروا بتقاليدهم الدينيّة والوطنيّة فقدّموها في إطار فكر شامل.

د) المفهوم. لا يذكر الكاتب جميع الشعوب، ولكن يظهر انطلاقًا من آ5، 32 أن الكاتب أراد أن يجعل كل الشعوب تنحدر من رجل واحد (رج أع 17 :26) باركه الله فأخصبه (تك 9 :1). لهذا فصورة البشريّة الغنيّة والمتنوّعة كما نجدها في لائحة الشعوب تعبّر عن فكرة هامة وهي أن تنوّع الشعوب هو عمل الله. ولهذا جاءت هذه اللائحة تشهد لعظمة خالق الحياة.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.