الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: لائحة قانونية بالأسفار المقدسة


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

1) مدلول لفظة "قانون". إن لفظة "قانون" اليونانيّة تعود إلى جذر نجده في اللغات السامية. "ق ن هـ " تعني القصبة التي يُقاس بها. وفي المعنى الاستعاري : القاعدة، المعيار، المثال، النموذج. تحدّث ابيقورس عن القانون على أنه القاعدة لكي نعرف ما هو صحيح وما هو خاطئ. واستعملت السبعينيّة اللفظة بمدلولات مختلفة (يه 13 :6؛ مي 7 :4؛ 4مك 7 :21). وكذا فعل العهد الجديد (2كور 10 :13، 15، 16؛ غل 6 :16). أما في 6 :16 فدلّت لفظة "قانون" على مثال المسيحيّ الحقيقيّ.

في تاريخ الكنيسة، استُعملت اللفظة لتدل على ما هو قاعدة للتعليم، للحياة، لليتورجيا (نتحدّث اليوم عن الحقّ القانوني، الحقّ الذي هو قاعدة). أول من استعمل الصفة "قانونيّة" هو اوريجانس. وبعد القرن الرابع مع اثناسيوس، استُعمل الاسم. فقيل : قانون (اللائحة القانونيّة) الكتب المقدّسة. إذن، تطبيق اللفظة على الكتاب عمل مسيحيّ. ويعود اليوم اليهودُ إلى الكلمة ليتحدّثوا عن كتبهم.

إذن، تعني لفظة "قانون" : لائحة مغلقة (أي لا يزاد عليها شيء) للأسفار التي هي قاعدة ايمان وحياة للكنيسة. نحن هنا أمام مدلولين : لائحة وقاعدة. فالأسفار لها سلطة لانها قاعدة الايمان والاخلاق. ولكن القانون بعكس أيضًا هويّة الجماعة، ويدّل على الطريقة التي بها تنظر الجماعة إلى نفسها. فالبيبليا تساعدنا على إيجاد أجوبة على أسئلة كهذه : من نحن؟ ماذا يجب علينا أن نفعل؟ والقانون يتجاوب مع ثلاث حاجات : حاجة الحفاظ على الوحي، الحفاظ عليه من كل فساد، المحافظة عليه في الايمان والحياة.

قد تكون أسباب أخرى لعبت في الأصل، مثلاً الأصل النبوي أو الرسولي لسفر من الاسفار. غير أن الكنيسة تقبل هذه الكتب في قانونها، لأنها تعتبرها ملهمة، تعتبرها كلمة الله. فالالهام صفة داخليّة في الكتاب. وقبول كتاب من الكتب في اللائحة القانونيّة (في القانون) لا يزيد شيئًا على هذه الصفة الداخليّة، بل هو إقرار في فم شعب الله بقيمة هذا الكتاب كقاعدة من أجل الايمان والاخلاق.

2) تاريخ "القانون" (أو : اللائحة القانونية). إن الوضع الحاضر يدلّ على أن تكوين تاريخ قانون (لائحة) العهد القديم، كان متشعّبًا. فالكنيسة الكاثوليكية تقبل 46 كتابًا. والبروتسانت واليهود 39 (بعض المرات يقال 24 لأنهم يعدون 12مل كتابًا واحدًا، أو 22 كتابًا بعدد أحرف الابجديّة العبرية). أما الاختلاف فيقوم على سبعة كتب (طو، يه، حك، سي، با ورسالة ارميا، 1-2مك) وعلى مقاطع في أس ودا. سُمّيت هذا الكتاب أو أجزاؤها القانونيّة الثانية لدى الكاثوليك، ومنحولة لدى البروتستانت. وقد اقترح بعضهم أخيرًا، العنوان التالي : الكتب المترجمة عن اليونانيّة كما وردت في السبعينيّة. أما الاختلاف فيعود إلى أن الكنيسة الكاثوليكية تتبع القانون الاسكندراني في السبعينية. أما اليهود فيتبعون القانون الفلسطيني الذي حُدّد في يمنية (أو : يبنه) والذي عاد إليه البروتستانت. فما هي الخطوط الكبرى لتكوين "القانون" (أو : اللائحة القانونيّة)؟ ولكن ماذا يقول العهد القديم في هذا؟

لا تتضمّن البيبليا إشارة مباشرة حول تثبيت القانون. ولكننا نجد فيها فكرة تقول إن هذا التقليد أو ذاك قد اعتبر "رابطًا" به الأجيال الآتية (تث 31:9-10؛ خر 22:14، 26-27). وبدأوا باكرًا يدوّنون التقليد (36 :2)، وهمّهم في ذلك أن يحفظوه للأجيال الآتية. وبرزت شيئًا فشيئًا مجموعات مثل كودكس (مجموعة) الشرائع : الديكالوغ أو الوصايا العشر (خر 20:1-17)، دستور العهد (خر 20 :22-23 :19).

سنة 622، وُجد في الهيكل "كتاب الشريعة" (2مل 22 :8) الذي يقابل القسم التشريعيّ في تث. وسنة 400، قرأ عزرا أمام الشعب الملتئم "كتاب شريعة موسى التي أمر بها الربّ بني إسرائيل" (نح 8:1). نحن أمام الشريعة التي حملها عزرا من بابل (عز 7:14) والتي يماهيها الشرّاح مع التوراة في المعنى الحصري للكلمة أو البنتاتوكس (الأسفار الخمسة).

غير أن اسرائيل امتلك عددًا كبيرًا من الكتب. فقيل إن نحميا (سنة 440) أسّس مكتبة تضمّ "رسائل الملوك في تقديم القرابين وأخبار الملوك والانبياء" (2مك 2 :13). قد نكون أمام الانبياء الاولين (كما في البيبليا العبرية) أي الاسفار التاريخية مثل، يش، قض، صم، مل. وقد عرفنا بوجود كتب أخرى ضاعت آثارها (يش 10 :13؛ 1مل 14 :29؛ 15 :7، 31؛ 16 :5؛ (2أخ 9:29؛ 2أخ 12:15؛ 13 :22). وحين دوّن ابن سيراخ كتابه (سنة 190) تحدّث عن الانبياء إشعيا (48 :22) وارميا (49 :7) وحزقيال 49 :8) والاثني عشر نبيًا (أو : الانبياء الصغار، لأن ما تركوه من أثر كتابي هو قليل) (49 :10). هذا ما يقابل الأنبياء الكبار الثلاثة والانبياء الصغار الاثني عشر (هناك 3 آباء ابراهيم واسحق ويعقوب، و 12 ولدًا ليعقوب هم أيضًا آباء الشعب) الذين جاؤوا بعد التوراة العبريّة (رج دا 9 :2).

وبدأوا في ذلك الوقت يتحدّثون عن كتاب في قسمين : "الشريعة والانبياء" (2مك 15 :9). وحفيد ابن سيراخ (سنة 130) تحدّث في مطلع الترجمة اليونانية لكتاب جدّه عن كتاب في ثلاثة أقسام. "الشريعة، الانبياء وبقية كتابات أسلافنا" (سي المطلع 8-10). وهكذا حصلنا على قسم ثالث هو الكتب (كتوبيم في العبرية، بعد توره ونبييم، التوراة والأنبياء). فما هي هذه الكتب بالضبط؟ تحدّث فلافيوس يوسيفوس (سنة 93 ب.م.) عن 22 كتابًا : 5 أسفار الشريعة، 13 أسفار الانبياء، و 4 سائر الكتب (مز، نش، أم، جا). وهكذا عكس ممارسةَ اليهود في فلسطين. ولكن لم استُبعدت بعض الكتب؟ هذا ما لا نعرفه.

في حقبة ما بين العهدين، ضمّ يهود الاسكندريّة في توراتهم اليونانيّة (السبعينيّة) كتبًا أخرى. قيل : هناك تعارض بين فلسطين والشتات. ولكن هذا التمييز لا يثبت، لأن عددًا من يهود فلسطين تكلّموا اليونانيّة واستعملوا السبعينيّة. ثم إن رسالة ارستيس تشدّد على ارتباط السبعينيّة بالكاهن الاعظم في أورشليم. ومن يقول إن اليهود العبرانيين استبعدوا هذه الكتب لأنها دوّنت في اليونانيّة، يعارض الوقائع. فهناك عدد من الأسفار القانونيّة الثانية قد دوّنت أصلاً في العبرية (سي، يه، 1مك)

إن العالم اليهودي لم يكن "كتلة واحدة" في القرن الاول ق.م. فالسامريون لا يقبلون إلا التوراة بالمعنى الحصري أو الاسفار الخمسة. ولقد دلّت اكتشافات قمران أنه كان للاسيانيين كتب أخرى، مع أنهم كانوا يميّزون بين الأسفار البيبليّة وكتبهم الخاصة مثل نظام الجماعة، نظام الحرب. وُولدت مجموعة يهودية أخرى، تلاميذ يسوع. هؤلاء المسيحيون اليهود ظلّوا يقرأون الكتب المقدّسة في قسمتها المثلّثة (الشريعة والانبياء والمزامير، لو 24 :44، أو المثنّاة (المؤلّفة من الشريعة والانبياء، أع 13 :15). نلاحظ هنا أيضًا عدم الوضوح بالنسبة إلى القسم الثالث إلاّ إذا كانوا ذكروا الكتاب الاول فاعتبروا أنهم ذكروا سائر الكتب.

إن كتّاب العهد الجديد عادوا إلى الكتب التي نجدها في السبعينيّة، ولكنهم استعملوا أيضًا مزامير سليمان، 2 عزرا، أخنوخ الحبشي (يهو 14)، صعود موسى، صعود أشعيا، 4 مك. إذن، لم يكن هناك "قانون يهودي" (أو لائحة يهوديّة) قبل المسيحيّة، رغم ما قيل عمّا فعله عزرا سنة 400، أو ما فعله "المجمع الكبير" في القرن الرابع ق.م.

متى تثبّت القانونُ اليهودي؟ بعد دمار اورشليم سنة 70 ب.م.، انتقل مركز اليهوديّة إلى يمنية (يبنة). واتخذ معلّمو هذه المدرسة مع غملائيل الثاني في سنة 90-100 قرارهم حول الكتب "التي تدنّس اليدين". لم يكن موضوع جدالهم قبول بعض الكتب في اللائحة القانونيّة (فلفظة قانون لفظة مسيحيّة)، بل حقّ بعض الكتب في البقاء في هذه اللائحة. وهكذا تضمّنت لائحتهم الكتب القانونيّة الأولى أو اللائحة القصيرة. لا نستطيع أن نتحدّث عن مجمع، لأن السلطة العليا لم تكن في يد هؤلاء المعلّمين. فما فعلوه هو استبعاد عدد من الكتب في ردّة فعل مناوئة للمسيحيّة أو معارضة للتيار الجلياني (أو : الرؤيوي). ونعرف أنهم بعد ذلك الوقت، ظلوا يقرأون كتبًا لم تدخل في القانون مثل سي. وتبع العالم اليهودي تدريجيًا هذه المدرسة، في فلسطين أولاً ثم في الشتات. وهكذا لا نستطيع أن نتكلم عن "قانون اسكندراني" بالمعنى الحصري للكلمة. زالت بعض الجماعات مثل الاسيانيين. أما المسيحيون فسيكون لهم موقفهم من قانون العهد القديم.

فمتى ثبِّت القانونُ المسيحي للعهد القديم؟ إن هؤلاء المسيحيين الذين استعملوا التوراة منذ البداية، لم يحسّوا نفوسهم مربوطين بما استُبعد من كتب في يمنية. بل ظلّوا يستعملون التوراة السبعينيّة. وسيكون للكنيسة أن تحدّد قانون كتبها. فمجمل الكتّاب المسيحيين لا يميّزون بين أسفار قانونيّة أولى وأسفار قانونية ثانية (الديداكيه، اكلمنضوس الروماني، يوليكربوس، راعي هرماس، ايريناوس، ترتليانس). أما الخلافات فتبرز بسبب الاتصالات والجدالات مع اليهود. فيوستينوس في حواره مع تريفون يشير إلى الاختلاف بين الكتب اليهوديّة والكتب المسيحيّة. وفي الشرق اهتموا اهتمامًا خاصًا بالقانون اليهوديّ. وأول لائحة مسيحيّة للعهد القديم نجدها عند مليتون اسقف سرديس (سنة 170). وهي شبيهة كل الشبه باللائحة اليهوديّة. وإذ أراد اوريجانس الاسكندراني (182-251) أن يرّد على اليهود، قبل كتبَهم، ولكنه أعلن سلطة سائر الكتب في الكنيسة. وتوافق اثناسيوس (295-373) مع اليهود. وكان تمييز بين "كتب قانونية" و"كتب كنسية"

في الغرب، بدأ ايرونيموس فتبع اللائحة الطويلة. ولكنه في جداله مع اليهود أخذ باللائحة القصيرة. أما روفينوس (345-410) فاتّخذ الخطّ العاكس. بدأ باللائحة القصيرة وانتهى باللائحة الطويلة. ومع أوغسطينس اسقف عنابة (هيبونة) (354-430) لم يعد من مجال للتردّد : اللائحة الطويلة. هذا ما تمّ في المجامع المحلية، في رومة (382)، هيبونة (393)، قرطاجة (397، 417). غير أن البعض ما زالوا يتساءلون عن القيمة القانونية للاسفار الثانية مثل غريغوريوس الاكبر وغيره. ولكن جاء مجمع فلورنسا (1441) وخصوصًا قرار مجمع ترنتو (1546) الذي استعاده فاتيكان الاول (1870). أما البروتستانتية فشكّت في الكتب القانونية الثانية. وفي النهاية استبعدتها آخذة باللائحة القصيرة. أما الآن فهناك عدد من البروتستانت يتساءلون حول هذا الموقف. ولهذا كانت الترجمات البيبليّة المسكونيّة أو المشتركة.

هذا عن العهد القديم. فماذا عن العهد الجديد؟ لدى المسيحيين 27 كتابًا في العهد الجديد. فكيف ثبِّت هذا العدد؟

نتوقّف أولاً عند معطيات العهد الجديد، ثم نعود إلى التقليد. لم يكن للمسيحيين في البداية "عهد قديم"، بل فقط "الكتب". كان مليتون السرديسي أوّل من تكلّم عن العهد القديم (سنة 170). أما عبارة "العهد الجديد"، فظهرت عند ترتليانس (سنة 200). واعتبر اليهود والمسيحيون هذه الكتب "كتبهم المقدّسة" (رو 15 :4). وقام الاختلاف في تفسير هذه الكتب. قرأ فيها المسيحيون اعلانًا عن يسوع الذي هو تتمّة الكتب. "حدث هذا كله ليتمّ ما قال الرب بلسان النبي" (مت 1:22؛ 2 :5، 15، 17، 23). وقد تركّزت هذه القراءة المسيحيّة على أقوال يسوع.

وهكذا بجانب سلطة الكتاب، بدت سلطة "كلمة الرب" هامّة جدًا (1تس 4:15؛ 1كور 7:10-11). فما عمله يسوع وقاله، قد نقله بشكل شفهيّ أولئك الذين كانوا معه (الرسل) (أع 2:21-22). فما كانوا يحتاجون إلى نصوص مكتوبة. غير أن الخليّة الصغيرة بدأت تنمو وتمتدّ إلى مراكز بعيدة. ووعت أن شهود الساعة الأولى سيموتون. فبدأت تدوّن منذ سنة 50 ما كان حتى الآن تقليدًا شفهيًا. وبدأت تتحدّث عن هذه الكتب فتقول : "كما كتب إليكم بذاك أخونا الحبيب بولس" (2بط 3:15).

دُوّنت هذه الكتبُ لتُسند إيمان المسيحيين، ولتُشجّعهم في الاضطهاد (إن كتابات العهد الجديد تتكلّم عن استشهاد يسوع وبعض الرسل وبعض المسيحيين). غير أنه لم يكن لهذه الكتابات السلطة التي "للعهد القديم". وإذ صارت عديدة، برزت الحاجة إلى الاختيار. أما العنصر الاهم فهو ارتباط هذه الكتابات بالرسل. كما أن الأنبياء أخبروا بيسوع بإلهام إلهي (2بط 1:20-21)، هكذا شهد الاثنا عشر (وبولس معهم) لتتميم هذا الكلام بإلالهام الالهي عينه (أع 2).

وارتبطت هذه الكتابات بمتى ويوحنا ومرقس (تلميذ بطرس) ولوقا (تلميذ بولس)، بطرس وبولس ويعقوب والاثني عشر (أع). وتحدّث بعضُ الآباء عن "الرسل والذين تبعوهم". إذن، النقطة الحاسمة هي الطابع الاولاني والاصيل للتقليد. والفكرة الهامة هي ارتباط بالمؤسّسين كقاعدة ومعيار. ولعبت عوامل أخرى مثل طابع الكنيسة الرسوليّ.

وماذا يقول التقليد عن تثيبت لائحة (قانون) العهد الجديد؟ لقد دلّ اكلمنضوس الروماني في رسالته الاولى (96) على مبادئ القانون المسيحيّ، وهي ستطبّق فيما بعد. فتعاليم يسوع والرسل قد نُقلت عن الذاكرة أو استعيدت في نصوص مدوّنة، وقد جُعلت على قدم المساواة مع كتب العهد القديم. وفي رسالة برنابا (بين 70 و 100) والديداكيه، نكتشف مقاطع تدل على أن كاتبيها عرفوا التقاليد الانجيلية وبعض الرسائل التي نجدها في العهد الجديد. واعتبر اغناطيوس الانطاكي (35-107) أن تعاليم يسوع هي قاعدة الايمان والحياة، ومثلها كرازات الانبياء وتعاليم الرسل. ولكن لا تفكير بعد في كتابات "قانونيّة".

وهناك وقت هام في تاريخ القانون المسيحي مع مرقيون (سنة 144). رفض هذا المبتدع كلَّ العهد القديم وقبل بانجيل واحد، انجيل لوقا، بعد أن اجتزأ منه ما اجتزأ. كما قبل فقط برسائل بولس. نجد عنده كتابًا في قسمين : الانجيل والرسول. كانت ردّة فعل مرقيون واضحة ضد الاستعمال العام في الكنيسة. وقد أثار موقفُه أجوبة من قبل يوستينوس وايريناوس. لم يتكلّم ايريناوس عن قانون بحصر المعنى، ولكنه أعطى اسم "كتاب مقدس" الذي كان محفوظًا فيما مضى للعهد القديم، أعطاه لكتابات مسيحيّة. سمّى هذه الكتب ملهمة، واعتبرها قاعدة الايمان والحياة.

وبدأت الكنائس المحليّة تنظّم لوائحها الخاصة. هناك لائحة معروفة جدًا هي قانون موراتوري. هي لائحة رومة (تعود إلى سنة 165-185)، وفيها الاناجيل، أع، كل رسائل بولس ما عدا عب، يهو، 1-2 يو، رؤ، رؤيا بطرس، سفر الحكمة. أما فيما يخصّ القرن 2-3، فيجب أن نستند إلى ما فعله الكتّاب. مثلاً، قبلَ اكلمنضوس الاسكندراني برسالة برنابا، وايريناوس براعي هرماس، وقانون موراتوري واكلمنضوس الاسكندراني برؤيا بطرس. شكّ الكاهن غايوس بالكتابات اليوحناويّة في ردّة فعل ضد المونتانيّة. ترك قانون موراتوري عب ومثله فعل كثيرون. أو : لم ينسبها إلى بولس هيبوليتس الروماني وترتليانس القرطاجي. وكان جدال حول يع، يهو، 2بط، 2-3يو. ولكن بدأ اتفاق شبه عام يتمّ في مختلف الكنائس، ووحدة في الرأي. في الشرق، قدّم اثناسيوس الاسكندراني لائحة مع 27 كتابًا.وفي الغرب جاء قرار دماسيوس المرتبط بسينودوس رومة (382). وفي نهاية القرن الرابع صار قانون العهد الجديد واقعًا دامغًا، وحقيقة لا تناقش. خفّف لوثر من قيمة عب، يع، يهو، رؤ. أما مجمع ترنتو فثبّت اللائحة بشكل نهائي.

3) القانون كمبدأ تفسير. إن تثبيت القانون هو نتيجة مسيرة تاريخيّة تتبّعنا مراحلها الكبرى. غير أن هذا التثبيت يتضمّن أيضًا وجهة لاهوتيّة لا بدّ من أن تؤثّر على قراءة الكتاب وتفسيره. إنما هذه الوجهة لم تلقَ في الماضي الاهتمام الذي تستحقّ. أما الآن فنحسّ بأهميّتها التي تفوق أهمية المسألة التاريخيّة. فالشكل الاخير للنصوص البيبليّة هو نتيجة اختيار في مواد سابقة. وقد استعمل الكتّاب البيبليون مراجع، وأعادوا كتابة ما سبق، وصحّحوا، وألَّفوا عناصر. حصل خيار، أدّى إلى هذا الشكل الحاليّ الذي يمثّل ملء الوحي والذي يحدّده شعب الله كقاعدة إيمان. وتحاول الدراسات التأويليّة أن تكتشف المراجع، ما هو قبل النصّ وخارج النصّ. ولكن مهما تكن هذه الدراسات مهمّة، إلى أنه يجب أن نركّز انتباهنا على الشكل الحالي للنصّ الذي هو وحده القاعدة.

ونعرف أيضًا أن ترتيب الأسفار المقدسة لا يتبع الترتيب الكرونولوجي لتأليف هذه الأسفار. وإذ أراد بعضهم أن يكتشف التطوّر التاريخيّ، حاولوا أن يعيدوا كتابة ما كان يجب أن يُكتب، وأن يجعلوا النصوص في إطار كرونولوجيّ. ولكن ليس هذا قانون الكتاب. ما كُتب موجود في ترتيب خاصّ يختلف بين النص الماسوريّ ونصّ السبعينيّة. كانت هناك خيارات. فالبيبليا هي في ترتيبها الحالي قانونية وبالتالي قاعديّة. والقانون المسيحيّ يتضمّن العهد القديم والعهد الجديد. وقراءة المسيحي لهذا القانون تختلف عن قراءة اليهوديّ المؤمن الذي لا يقبل بأسفار العهد الجديد. والاحترام للقانون ككل، يحذِّرنا من خلق "قانون داخل القانون"، ومن اعتبار بعض الكتب "جوهر" التعليم البيبلي أو المسيحي.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.