الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: نعمة، (الـ)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

1) العهد القديم. ما يقابل النعمة في العهد القديم، "ح ن" (69 مرة)، "ح س د" (245 مرة). اللفظة الأولى تصبح في اليونانية : خاريس (النعمة) (561 من أصل 69 مرة). والثانية : الإيوس (الرحمة، 213 من أصل 245 مرة).

أولاً : ح ن. إن اللفظة العبرية "حن" تعني تطلّع وهو ينحني. وفي المعنى الادبي : تنازل، تعطّف، رضي. نجد الفكرة في عبارة : "وجد حظوة في عيني..." (35 مرة، مثلاً، تك 6 :8). أما سائر الاستعمالات فتسير في الخطّ عينه : وهب حظوة (خر 3:21). وجد حظوة (خر 33:12). وهناك الحسن في بعض الأسفار الحكميّة المتأخرة (أم 3:22).

ثانيًا : ح س د. تعني هذه اللفظة المساعدة الامينة التي نستطيع أن ننتظرها من القريب، ولا سيّمـا ذاك الذي ارتبطنا معه بعهد (1صم 20:8، 14-15). ولكننا لسنا أمام استعداد نفسيّ (الامانة في العبرية : إ م ت)، بل أمام مساعدة عمليّة. من هنا "وهب حظوة" أي ساعد، خدم (تك 24 :12). بما أن هذه المساعدة هي فرضٌ يصدر عن التضامن، فالبيبليا تفرض على الانسان، مع "حسد"، الحقّ (هو 12 :7) والعدالة (إش 16:5). غير أن العون الذي يُحمل للقريب، قد يكون نتيجة الحنان واللطف، إن هو جاء من انسان قدير. لهذا تعني "حسد" : الحنان، اللطف، النعمة. وهذا الأمر يسري بشكل خاص حين تكون المساعدة آتية من الله، لأن "حسد" الله تستند إلى العهد (1مل 18 :23؛ إش 55:3) الذي به ألزم نفسه طوعًا تجاه شعبه. الله هو الذي يحفظ عهده و"حسده" (تث 7:9). والانسان التقيّ (ح س ي د) يعرف أنه يقدر أن ينتظر من إلهه (هو لا يفرض) العون، شرط أن يُتمّ متطلّبات العهد فيمارس شريعة الله (تث 7:12). ولكن حين يتجاوز اسرائيل العهد، فالرب يحفظ مع ذلك أمانته، شرط أن يعود الشعب إليه، لأنه "إله الحنان والرحمة. الطويل الأناة والغنيّ باللطف والأمانة، الذي يحفظ رحمته للآلاف ويغفر الذنب والمعصية والخطيئة" (خر 34:6). هنا ليست "ح س د" فقط العون والمساعدة، بل الرحمة (النعمة) التي تغفر الخطيئة (رج مز 51 :3). لهذا تتوازى "حسد" الربّ مع حبّه الرحيم (ر ح م ي م، مز 25 :6). وعبارة "شكر الله " التي تميّز روحانيّة المزامير (64 مرة) تترجم فعل "ي د هـ " (اتّجه، سجد، امتدح، اعترف، شكر).

2) العهد الجديد. استعاد العهد الجديد من خلال لفظة "خاريس" (156 مرّة) أي النعمة، كل معاني "ح ن" و "ح س د" في العهد القديم. والفكر البولسيّ (لا سيّمـا في رو) هو الذي يصوغ المعنى اللاهوتي للفظة "نعمة" كما سنجده في المسيحيّة.

لا تكاد تظهر "خاريس" في الاناجيل. هي غائبة تمامًا من مت ومر. وهي نادرة في لو، ما عدا في المواضع الذي يتبع السبعينية، عندئذ تعني خاريس : رضى الله. حين أعلن الملاك لمريم أنها "وجدت نعمة" (نلت حظوة) لدى الله (لو 1 :30)، استعمل الانجيلي عبارة عبريّة دارجة. إلاّ أن الامتياز الفريد لمريم، يجعلنا نفهم شيئًا آخر أكثر من انتباه الله إلى مريم. وإذا وضعنا جانبًا هذه الأمثلة القليلة التي ترد كلها في انجيل الطفولة (حيث يقتدي لو بالسبعينية)، فلا يبدو أن لو أعطى طوعًا للفظة "خاريس" معنى خاصاً. أما في أع فتُستعمل اللفظة مرارًا. وهي تعني معنى بولسيًا واضحًا. نقرأ في العبارة التي تختم خطبة بطرس لجماعة أورشليم : "بنعمة الرب يسوع نؤمن كما هم يخلصون" (أع 15:11). في أغلب المرات، تحتفظ "خاريس" بمعنى خاص جدًا، بمعنى خاص بسفر الأعمال. هي تدلّ بشكل عام على العمل الذي يتمّمه الله في العالم، والذي يدلّ على سخائه وقدرته. وفي النهاية دلّت "خاريس" على الانجيل نفسه (أع 20:24).

والمكانة التي تحتلّها "خاريس" في الرسائل البولسيّة هي مركزيّة (100 مرة). فبولس هو الذي أعطى هذه اللفظة مكانتها في العقيدة المسيحيّة. "النعمة والسلام لكم من الله أبينا والرب يسوع المسيح". تلك هي العبارة التي بها يفتتح الرسول رسائله (نجدها أيضاً في 1و2بط؛ 2ي ؛ و، يو). وينهيها بتمنٍ : "لتكن النعمة معكم". لسنا فقط أمام عبارة تهذيبيّة، ولا أمام تحيّة بسيطة. بل هو بولس يدعو لقرّائه بعطايا الله التي تميّز الزمن الجديد الذي دشّنته قيامة المسيح.

تشكّل رو الشميلة الاساسيّة العقائديّة حول "النعمة". "الله بررهم مجّانًا بنعمته بالمسيح يسوع الذي افتداهم" (3 :24). "الاختيار بالنعمة، فما هو إذا بالأعمال، وإلّا لما بقيت النعمة نعمة" (11 :6). لقد نلنا بربنا يسوع المسيح الدخول بالايمان إلى هذه النعمة التي فيها نقيم (5 :2)، هذا شرط أن لا نكون خاضعين للخطيئة! فإن كانت الجماعة عرفت الموت بخطيئة انسان واحد، فبالأحرى نعمة الله بانسان واحد هو يسوع المسيح، قد أفيضت بغزارة على الجماعة (5 :15). "فما أنتم في حكم الشريعة، بل في حكم نعمة الله" (6 :14). "حققه الله حين أرسل ابنه في جسد يشبه جسدنا الخاطىء، كفّارة للخطيئة، فحكم على الخطيئة في الجسد ليتم ما تتطلبه منّا أحكام الشريعة، نحن السالكين سبيل الروح لا سبيل الجسد" (8 :3-4). فالحياة حسب الروح، والحياة في النعمة، والحياة في المسيح، ثلاث عبارات متوازية. وتستعيد أف بإيجاز المواضيع عينها. ويتحدّث بولس أيضاً عن عطيّة الله كمسؤولية سلّمت إلينا : "بقدر ما وهبني الله من نعمة" (1كور 3 :10؛ 2كور 8 :1). "ان لا يكون قبولكم نعمة الله لغير فائدة" (2كور 6 :1). "لا تُهمل الهبة التي فيك" (1تم 4:14).







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.