الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: نفس، (الـ)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

1) العهد القديم العبري. في العهد القديم نجد "ن ف ش" الذي يرتبط بالنفَس الذي يعني تنفّسَ ثم بصق (تك 3 :15؛ أي 9 :17). فالنفَس يدلّ على التنفّس. لهذا يقال أن للحيوانات نفسًا مثل الانسان (تث 12:23). ونجد معنى النسمة في 2صم 1:9؛ 1مل 17 :21-22. من أخرج نفسه مات (إر 5:9؛ أي 11 :20؛ 31 :39). وجعل "نفس" فلان تعيش أي تركه يعيش ولم يقتله (تك 19 :29؛ 1مل 20 :31). وخلّص نفسه يعني خلّص حياته (1صم 19:11؛ 1مل 1 :12؛ (مز 6:5؛ مز 34:23؛ 72 :14). و "ن ف ش" تعني أيضاً الحلق أي العضو الذي به يمرّ النفَس. لهذا صرخ يونان : "بلغت المياه إلى "نفش"، إلى الحلق" (يون 2 :6). وتكون النفس "ناشفة" (عد 11:6؛ إش 29:8)، أو شبعانة (إر 31:14). أما نفس الجائع ففارغة (إش 29:8). هي ترغب الطعام والشراب (تث 12:15؛ 20-21؛ 1صم 2:16؛ (أم 10:3؛ أم 25:25؛ مز 107:9). وفي المعنى الرمزي : تكون النفس عطشى إلى الله (مز 63:2). وهي تلهث حين تفكّر بأنها ذاهبة إلى المعبد (تث 18:6).

والنفس هي مبدأ الحياة. لاحظ الكتَّاب أن الانسان (أو الحيوان) الذي أريق دمه يموت ولا يعود يتنفّس. اعتبروا أن النفس هي في الدم (لا 17 :10-11). أو هي الدم (لا 17 :14؛ تث 12:23). وهكذا دلّت النفس على الكائن الحيّ. يقال "نفس" أي شخص. خمسون نفساً أي خمسون شخصاً كما في العربيّة (تك 18 :21؛ خر 1:5؛ تث 10:22؛ رج لا 24 :18). وفي النهاية دلّت لفظة "ن ف ش" على الفرد (لا 4 :2؛ 5 :1-2، 4، 15، 17). فالنفس تدل على كائن ميت (عد 6:6؛ لا 22 :4). بل على جثّة (ل(ا 21:1؛ ا 22:4؛ عد 5:2؛ 9 :6-7، 10؛ 6 :11). ولفظة "نفش" تعني الضمير : إرحم نفسي، أي إرحمني (عد 30:3-12؛ يش 23 :11؛ 1صم 18:1، 3؛ 20 :17؛ 1مل 20 :23؛ (مز 3:3؛ مز 11:1؛ 66 :16؛ 94 :17؛ 120 :6؛ أي 9 :21؛ 16 :4؛ 32 :2). حتى وإن تحدّثنا عن الله (لا 26 :11؛ 1صم 2:35؛ (إش 1:14؛ إش 42:1؛ أم 6:16).

2) في السبعينيّة. مع أن "نفش" لا تعني أبدًا "النفس" كما في المعنى الفلسفي، فمترجمو العهد القديم اليوناني وكتّاب العهد الجديد قد ترجموا اللفظة "بسيخي". وهكذا أعادوا تفسير المدلول التوراتي على ضوء الانتروبولوجيا اليونانيّة المؤسّسة على النفس والجسد. فمسألة الخلود ( اللاموت) حرّكت فكر اليهود الاسكندرانيين. فإرث المعتقدات المصرية القديمة بالآخرة، وهي معتقدات كان الكهنة المصريون يعترفون بها، امتزجت مع جدالات فلسفيّة يونانيّة حول الحياة بعد الموت. إن كان هناك يهود تأثّروا بتعليم الصادوقيين أو الابيقوريين، فرفضوا رفضاً تامًا الاعتقاد بالحياة بعد الموت (حك 1 :16-2 :20)، إلاّ أن معظم العالم الهلنستي تجاوز الصراع بين الاعتقاد الفلسطيني المتنامي في القيامة (دا 12:2-3؛ 2مك 7 :3-36؛ 12 :43-45؛ سيب 3 :66؛ 4 :186-190)، والرفض العقلانيّ لكل رجاء اسكاتولوجي (معاديّ)، فأخذوا بالتعليم اليونانيّ الذي يعلن أن النفس وحدها تعيش بعد الموت (حك 2 :21؛ 3 :8؛ 4 :1، 7؛ 5 :15-16؛ 4مك 13 :15؛ 15 :2-3 :17 :12، 18؛ 18 :23). ولكن لم يكن اليهودي الهلنستي مجبَرًا حتى النهاية على اتباع المفكّرين اليونان الذين رأوا في النفس البشرية جزءً ا من "خُمس" عنصر العالم الفوق قمري حيث تعتزل النفس إلى الأبد بعد أن تنفصل عن الجسد. يستطيع مثلُ هذا اليهودي أن يتعلّق بفكرة كون روحيّ وأبديّ، هو جزء لا يتجزّأ من الكون المخلوق، وأن يقول بوجود الانفس منذ الأزل (حك 8 :19-20؛ فيلون، استعارات الشرائع 3 :29؛ يوسيفوس، الحرب 2 :8، 11).

3) العهد الجديد. أخذ العهد الجديد المثنّى "جسد نفس" من الفكر الهليني كما من الفكر اليهودي. تلك ثمرة مسيرة طويلة من التلاحم الذي أثّر على العالم اليهودي الهلنستي، لا على الفكر اليهوديّ في فلسطين. ونبدأ مع استعمالات موروثة من العهد الجديد. فاستعمال "يسيخي" في كلمات يسوع (مر 3:4؛ 8 :35-36؛ 10 :45؛ 12 :30؛ 14 :34 وز؛ لو 12 :16-20؛ (مت 6:25؛ مت 10:28؛ 11 :29) وفي المقاطع اليوحناويّة القريبة (يو 10 :11-18؛ 13 :37؛ 15 :13؛ 1يو 3 :16)، يتوافق مع استعمال العالم اليهوديّ الفلسطيني في زمن العهد الجديد. وحده مت 10:28 يفترض الثنائية الانتروبولوجيّة (النفس والجسد). أما سائر النصوص فتقف في خطّ الاستعمال التوراتي. وهناك حالات تصبح "بسيخي" مثل "ن ف ش" فتدلّ على الضمير ((مر 10:45؛ مر 14:34؛ مت 6:25؛ 11 :29)، ولا تشير إلى مدلول لاهوتيّ. ونجد استعمالاً مماثلاً للفظة "بسيخي" يستلهم العهد القديم : كائن حي، حيوان (رؤ 16:3). انسان (رو 13 :1) أو ضمير (عب 10:39؛ ي(ع 1:21؛ ع 5:20؛ 1بط 1:9؛ 4 :19).

وقد تأثّر استعمال "بسيخي" في العهد الجديد بالفكر اليوناني. ذكرنا مت 10:28 الذي يفترض حياة بعد الموت للنفس المنفصلة عن الجسد. وإن رؤ 6:9؛ 20 :4 يعكس في الظاهر نظرة مشابهة. ولكن هذه النظرة هي في خدمة اسكاتولوجيا تتوجّه إلى قيامة الجسد. وأخيرًا، في 1تس 5:23؛ عب 4:12 (رج 1كور 15 :45-46)، تُذكر النفس بجانب الروح (بنفما). وهذا ما يعكس تقليدًا فلسفيًا يونانيًا يميّز ثلاثة عناصر في الانسان : الجسد (سوما). النفس (بسيخي). الظلّ (ايدولون) الذي هو في نظر بورفيوريوس الفيلسوف الافلوطيني "نفس" (بنفما). هذا العنصر البخاريّ يتوسّط المادة والعقل، وبه تقتني النفس مختلف ملكاتها، وتحسّ إحساساتها، وتشعر بالرغبات تستيقظ فيها.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.