الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: يسوع المسيح


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

أولاً : سيرة حياته.

(أ) المراجع وقيمتها.

حاول المؤمنون منذ القديم أن يبنوا سيرة متناسقة ليسوع المسيح. هناك تنسيق الأناجيل (دياتسارون : من خلال الأربعة أناجيل) لطاطيانس وكلّ الأخبار التقويّة وكتب حياة يسوع في لغات العالم. ولكن يبدو أنّه من المستحيل أن نكتب سيرة تاريخيّة لها قيمة علميّة. فهذا يرتبط بطبيعة المراجع. المراجع غير المسيحيّة هي قليلة وغير واضحة. والمراجع المسيحيّة تملك طابعًا تاريخيًّا خاصًّا.

1) بين المراجع غير المسيحيّة نذكر نصين أو ثلاثة نصوص لاتينيّة تذكر اسم يسوع المسيح. أهمّها نص تاقيتس (75-120 ب.م.) عن الشهداء في زمن نيرون : يسمَّون مسيحيّين (كرستياني) انطلاقًا من اسم المسيح (كرستوس) الذي صُلب في أيام بيلاطس البنطي (الحوليّات 15 :44). ونذكر أيضاً نص بلينوس الأصغر (61-124 ب.م.) الذي تكلّم عن مدائح تنشد للمسيح كما لإله (رسائل 10 :96). وتحدّث سواتانيوس عن طرد اليهود الذين تمردّوا بتأثير من كرستوس (كلوديوس 25؛ رج أع 18 :2). وذكر سواتانيوس أيضًا هؤلاء المسيحيين المأخوذين بخرافة جديدة وسيّئة (نيرون 16). وهناك شهادات يهوديّة أهمّها شهادة فلافيوس يوسيفوس. إنّه يذكر استشهاد يعقوب، أخي يسوع، الذي يسمّى المسيح (العاديات 20 9 :1). وهناك نص العاديات اليهوديّة الذي يتكلّم عن المعجزات والقيامة (العاديات 18 3 :3، ربّما زيد في ما بعد ولا سيّمَا في النسخة السلافيّة). وتشير كتابات الرابينيين إلى المسيحيّة المولودة حديثًا. هي أقوال رابينيين ينتمون إلى القرون المسيحيّة الأولى. وحتى كتاب تولدوت يسوع (أو حياة يسوع) المليء بالأساطير التي لا يأخذ بها يهوديّ جدّيّ، فهو يشهد بطريقته على وجود تاريخيّ لرابي الناصرة.

2) أما المراجع المسيحيّة فيجب أن نأخذ بعين الاعتبار طابعها الخاص. أهمّها : الأناجيل القانونيّة الأربعة. إن رسائل بولس الرسول هي أقدم في الزمن (انطلاقًا من سنة 51-52). ولكن الرسول لم يعرف المسيح بطريقة شخصيّة قبل اهتدائه سنة 34-36، على ما يبدو. كل ما يقول عنه :مولده (رو 1 :3؛ غل 1 :19)، انتماؤه إلى نسل ابراهيم (غل 3 :16) وعائلة داود (رو 1 :3)، حياته المقدّسة (1كور 11 :1؛ 2كور 5 :21)، وداعته (2كور 10 :1)، موته على الصليب (1كور 2 :2؛ غل 3 :1) حبًّا بالبشر وطاعة لله (غل 2 :20؛ فل 2 :8)، دفنه وقيامته في اليوم الثالث بعد موته (1كور 15 : 4). كلّ هذا تعلّمَه بولسُ من علاقاته مع مسيحيّي دمشق، مع بطرس ويعقوب (غل 1 :17-19). إذن، تدلّ رسائل بولس كم كان التقليد ثابتًا ودقيقًا قبل أن يدوَّن في الأناجيل.

ولكن الأناجيل الأربعة تستند إلى شهادة الرسل المباشرة عن يسوع وإلى الكرازة الأولى. وإذا أردنا أن نحدّد قيمة الأناجيل التاريخيّة كمراجع لحياة يسوع، يجب أن نتذكر الطريقة التي وُلدت فيها الأناجيل. فبعد موت يسوع، لم يفكر التلاميذ في أن يدوّنوا حياة معلّمهم وتعليمه. كانوا ممتلئين منهما بحيث لم يحتاجوا إلاّ أن يستقوا من ذاكرتهم كلّ عناصر كرازتهم. وحين رووا أعمال يسوع وأقواله، اهتمّوا أن ينقلوا رسالتهم، ولم يهتمّوا بالترتيب الكرونولوجيّ للأحداث. وبعد هذا، وحين جُمعت المقاطع التي انتقلت أولاً بطريقة شفهيّة (رج مر 2:1-3 :6؛ 4 :1-34)، ضاع قسم كبير من الإطار التاريخيّ للأحداث على حساب الترتيب المنهجيّ. إذن، لا نقدر أن نطلب من أناجيلنا التي ليست سيرة حياة بل كتب دعاية مع قضيّة دينيّة تدافع عنها، وملخّصًا للمرسلين، نظامًا كرونولوجيًّا محدّدًا لأقوال يسوع وأعماله. فالإنجيل الرابع والأناجيل الثلاثة الأولى تتبع هدفًا لاهوتيًّا (يريد متّى أن يبيّن أن يسوع هو المسيح، ومرقس ويوحنا أنه ابن الله ). هذا لا يعني أن الوقائع الواردة ليست أهلاً للثقة. بل هي أهل للثقة لأنّها تستند إلى شهادة لا تُردّ لشهود عيان. وهناك "أغرافا" (تتضمّن كلمات غير مكتوبة في الأناجيل الأربعة) التي تتضمّن أقوالاً صحيحة ليسوع (مثلاً أع 20 :35)، ولكنّها لا تحتفظ بعناصر كثيرة من أجل سيرة يسوع. ومن الواضح أن الابوكريفات التي تنسخ الأخبار حول الأناجيل القانونيّة لا تستطيع أن تعطينا معرفة تُسلسلُ حياةَ يسوع.

ب) لمحة كرونولوجيّة عن حياة يسوع.

ورغم طابع المراجع نستطيع أن نرتّب الأحداث حسب رسمة تقدّم سيرة حياة.

1) وُلد يسوع قبل موت هيرودس الكبير (مت 2:1؛ لو 1 :5) الذي مات في سنة 750 لتأسيس رومة (4 ب.م.). لا نستطيع أن نشك بتاريخيّة شخص يسوع رغم الميتولوجيّات القديمة والحديثة التي لا مجال لذكرها الآن. فأكثرُ النقّاد يعتبرون أن رفض وجود المسيح التاريخيّ لا يستحقّ كلمة ردّ. أما الزمن المعقول لمولد يسوع فيبدو سنة 7 أو 6 مسيحيّة (نحن نعرف أن حسابات ديونيسيوس الصغير كانت خاطئة). وهذا التأريخ يقابل تأريخ إحصاء كيرينيوس (لو 2 :2) الذي تمّ بين سنة 9 وسنة 6. وفي السنة 15 لطيباريوس (28-29 ب.م. مات أوغسطس في 14 آب ب.م.)، أو 26-27 ب.م. إذا اعتبرنا أن السنة 15 تعود إلى تلك الذي فيها بدأ طيباريوس يملك مع أوغسطس، كان عمر يسوع 30 سنة تقريبًا (لو 3 :23). وُلد يسوع في بيت لحم، مدينة داود، وقضى صباه في الناصرة حيث مارس مهنة النجارة. وتذكر الأناجيل أقلّه سفرة يسوع إلى أورشليم في ذاك الوقت (لو 2 :41ي).

2) دامت حياة يسوع العلنيّة سنة أو سنتين وبضعة أشهر أو ثلاث سنوات وبضعة أشهر. الافتراض الأول لا يتفق مع كرونولوجيا يوحنا الذي يتحدّث عن ثلاثة أعياد فصح متلاحقة (يو 2 :13، 23؛ 6 :4؛ 13 :1). ولا سبب كافيًا يجعلنا نرى في يو 5 :1 فصحًا مختلفًا عن فصح 6 :4 (قد يعني يو 5 :1 عيد العنصرة الذي بعد فصح 6 :4). إذاً دامت حياة يسوع العلنيّة سنتين ونصف السنة. لا يذكر الإزائيّون إلاّ فصحًا واحدًا (مر 14 :12 مت 26:17 لو 22 :7 يو 13 :11). ولكنّنا نقدر أن نكتشف لديهم إشارات تدلّ على أعياد فصح أخرى : أول تكثير للخبز تمَّ في الربيع (مر 6 :39 : العشب الأخضر). إذن، حوالي عيد الفصح (فصح يوحنا الثاني. يو 6 :4). الرسل يقتلعون السنابل الناضجة (مر 2 :23-28 مت 12:1-8 لو 6 :1-5) يفترض أننا في آذار نيسان أو أيار، إذًا في الزمن الفصحي. بعد تهيئة قصيرة (العماد في الأردن زمن صوم : مر 1:9-13 مت 4 :1-13)، بدأ يسوع رسالته كواعظ متجوّل وخاصة في شمالي فلسطين، في الجليل (سكن في كفرناحوم على الشاطئ الشماليّ الغربيّ لبحيرة جناسرت). وتضمّن نشاط يسوع خلال حياته العلنيّة عملين : علَّم، صنعَ العجائب.

العمل الأول. بشّر يسوع مرّات عديدة ولا سيّما في بداية حياته العلنيّة في المجامع (مر 1 :39 مت 4:23 لو 4 :44؛ مر 1:21؛ مت 9:35، لو 4 :16؛ يو 6 :59). ووجد أكثر من مرّة في النص الذي يُقرأ في الاجتماع، موضوعَ خطبته (لو 4 :16-24). بعد هذا، أجبر على التكلّم في الهواء الطلق (العظة على الجبل : مت 5-7، الخطبة في السهل : لو 6 :20ي، العظة في القارب قرب شاطئ البحيرة). فامتلأ سامعوه إعجابًا بحكمته (مر 6 :2 مت 13:54؛ رج لو 4 :22) ومعرفته للكتب المقدّسة، وهي معرفة لم يأخذها من مدرسة الرابينيين (يو 7 :15). ردّ مرات على خصومه العلماء مستعملاً أسلوبهم التأويلي (مت 22 :33-2 وز؛ مت 22:41-46 وز ) أو راجعًا إلى مبادئهم الخاصة (مت 12 :11 ي وز؛ 15 :2-7 وز). ولكن بطريقة عامة، لم يكن يسوع يعلّم مثل معلّمي الشريعة. كان يتكلّم بسلطان (كما لو كان نبيًّا ملهمًا من الله، رج مت 7:29 وز؛ رج 5:22، 28، 34، 39، 44). أما سائر المعلّمين فكانوا يعودون إلى سلطة الذين سبقوهم.

وكان تعليم يسوع بعيدًا كلّ البعد عن فذلكات الرابينيين (مع أنه استعمل بعض العبارات من عندهم). تعليمُه بسيط، واضح، قريب من الشعب (صور مأخوذة من الحياة اليوميّة، الأمثال). وكلمة يسوع ملموسة، حيّة، أخّاذة، وفيها المفارقة والصور (مت 5:39-41؛ 6 :1-18، 16-18؛ مر 9:40-48؛ 10 :25، لو 15 :7)، فيها الموازاة الساميّة (مت 6 :25ي؛ 7 :7-8؛ 24 :27؛ 11 :21-24). وإنّ تعليمه يلقي ضوءً ا على المواضيع التالية : أبوّة الله نحو كل البشر (حتى تجاه الأشرار والذين ليسوا من بني اسرائيل : مت 5:45؛ لو 6:32-36)، ملكوت الله أي ممارسة الله لقدرته الملوكيّة في العالم وبالأخص وسط البشر (مت 4 :17 وز 10 :7؛ لو 10 :9، 11)، وهذا هو في نظره موضوع البشرى (لإنجيل، الخير الطيّب) التي يحملها ((مت 4:23؛ مت 9:35؛ مر 1 :14ي؛ لو 4 :43؛ 8 :1؛ 16 :16؛ 20 :1؛ رج مت 5 :3،10، لو 7 :22 وز). ويشدّد على ضرورة أخلاق باطنيّة وجذريّة (مت 5:22، 28، 39؛ 6 :14ي؛ 18 :23-35 : يجب أن نغفر دائمًا؛ 5 :44وز : أحبّوا أعداء كم؛ 6 :1-18 : بنيّة صالحة حين نصلّي ونتصدّق ونصوم؛ 16 :24-26وز : التجرّد الكامل؛ 5 :33-37 : الصدق الذي يجعل الحلف غير ضروري).

وتجاه رياء وقساوة قلب الفرّيسيّين الذين جعلوا من الديانة حملاً لا يطاق باهتمامهم بما هو خارجيّ فيها (مت 23:4، 13-33)، علّم يسوع أن الخضوع غير المشروط لله (مت 5:48) في التواضع (مت 20 :25-27 وز؛ لو 22 :25ي) والتجرّد من خيرات هذا العالم (مت 19 :29وز)، ليس عمل الإنسان وحده، بل عمل الله مع الإنسان (مت 5:6، مر 10 :26ي). إن ملكوت الله هو قوّة خلاصيّة (مت 13:33) يفعل منذ الآن في شخص يسوع المنتصر على الشيطان (مت 12 :28وز؛ رج لو 10 :18)، لأنّ يسوع واع للمركز الذي يحتلّه في كرازة الخلاص. وهذا بارز خاصة في إعلانه المتكرّر عن آلامه، وهو إعلان يفسّر مسبقًا موته كذبيحة تكفير إراديّة (مت 6 :13-18 وز؛ 20 :17-28وز).

العمل الثاني. ومع عمله كمبشّر، أتمّ يسوع خلال حياته العلنيّة عجائب عديدة. تنسب إليه الأناجيل الأربعة 41 عجيبة أو مجموعة عجائب (24 عند متى، 22 عند مرقس، 21 عند لوقا، 9 عند يوحنا). وبجانب بعض معجزات في عالم الطبيعة (تهدئة العاصفة، السير على المياه، تكثير الخبز، تحوّل الماء إلى خمر، الصيد العجيب)، تذكر الأناجيل أشفية عديدة من المرض أو من سيطرة الشيطان، وثلاث معجزات إقامة موتى. تحتلّ هذه العجائب مركزًا مهمًّا في الأناجيل، وتشكّل جزءًا جوهريًّا من نشاط يسوع وهي على ارتباط وثيق برسالته : إذن، لا نستطيع أن نلغيها من تاريخه بشخطة قلم، لا سيّما وأنّها تستند إلى شهادة شهود عيان أهل للثقة. ثمّ لم يجرؤ أحد من معاصري يسوع أن ينكرها (رج أع 2 :22ي؛ 10 :38). وأعداؤه أنفسهم اعترفوا له بها، ولكنّهم نسبوها إلى شيطان قويّ (مت 12 :24وز).

هناك نقّاد تشكّل لهم المعجزاتَ حجرَ عثرة، لأنّ المعجزة في نظرهم مستحيلة. وهناك عقلانيّون اعتبروا أنّ كل معجزات يسوع تنتمي إلى الأسطورة ولهذا ألغوها من حياة يسوع. وهناك تبّاع المدرسة التكوينيّة الذين يقولون إنّ المعجزات في الإنجيل تنتمي إلى فنّ أدبيّ هو فنّ أخبار ممثَّلة في العالم اليوناني واليهودي، فيستنتجون أن الجماعة المسيحيّة الأولىخلقت أخبار هذه المعجزات. وقال آخرون : اجترح يسوع عجائب شفاء بالإيحاء (الإيمان الذي يشفي). فهذا يعني أنّ كلّ الذين شفاهم يسوع كانوا مرضى النفس لا مرضى الجسد، فاكتفى بأن يوحي إليهم الثقة بنفسهم. ولكن نسي هؤلاء أننا في الإنجيل أمام أخبار شهود. ولا نستطيع أن نفترض الشعوذة عند يسوع أو عند الذين شُفوا كما قال بعضهم. فأعداء يسوع أنفسهم اعترفوا بسلوك يسوع الذي لا عيب فيه، كما اعترفوا بصدقه (مت 22:16) وببساطة الوسائل المستعملة (كلمة تُلفظ، وضع يد، لعاب مع تراب، شفاء عن بُعد). من الممكن أن يكون تلاميذ يسوع ومعاصروه قد نسبوا إلى عمل الله أو إلى قوّة إلهيّة نتائج نستطيع أن نربطها بقوى الطبيعة كانوا يجهلونها. ولكن هذا التفسير لا يسري على مجمل عجائب يسوع (مثلاً : إخراج الشياطين). فيسوع كان يطلب ممّن سيعمل لهم، إيمانًا غير مشروط، أي ثقة بسلطانه الذي يعمل عجائب، بل قبول رسالته الإلهيّة (مر 2:10-12؛ لو 7 :47-50 : غفران الخطايا) : حيث لا يجد يسوع الإيمان فهو لا يقدر أن يجترح المعجزة (مر 6؛ 5؛ لو 7 :9). إنّ يسوع اعتُبر نبيًّا بسبب عجائبه (مت 16:14؛ مر 6:5). وإنّه كان ليسوع معرفة مسبقة من أصل علوي : هو يقرأ في القلوب (مت 9 :3يوز؛ يو 1 :45-50؛ 2 :24ي؛ 6 :70؛ 13 :1-2)، 18، 21)، وهذا امتياز خاص بالله كما يقول العهد القديم (إر 17 :9ي). إنه يصوّر مسبقًا العلامة التي بها يجد التلاميذ البيت المعدّ للاحتفال بالعشاء الأخير (مر 14:12-16). إنّه ينبئ بخيانة يهوذا (مت 26 :21 وز؛ يو 6 :70؛ 13 :10-11، 19، 21)، بنكران بطرس (مت 26 :34 وز ). إنه ينبئ بخراب الهيكل (مت 24 :1-28وز) كما يتحدّث عن مجيئه.

3) الآلام، الموت، القيامة. صُلب يسوع في أيام بيلاطس البنطي حاكم اليهوديّة بين سنة 26 وسنة 36 ب.م.، يوم الجمعة 14 أو 15 نيسان : هذا أمر أكيد، وحسب العلماء إن 14 أو 15 نيسان يقعان يوم الجمعة في السنة 29 (14 نيسان 18 آذار في حسابنا)، سنة 31 (15 نيسان 27 نيسان في حسابنا)، سنة 33 (14 نيسان 3 نيسان)، سنة 34 (15 نيسان 23 نيسان في حسابنا). أما زمن عشاء الوداع بين يسوع وتلاميذه، (نتذكر عشاء الرب) فيشير مر 15:25 أن يسوع مات في الساعة الثالثة (أي الساعة 9 صباحًا). إنّ يوحنا يجعل بيلاطس يحكم عليه في الساعة السادسة (أي الظهر. يعدّ يوحنا الساعات على الطريقة اليهوديّة ابتداء من شروق الشمس. رج يو 4 :6، 52؛ 11 :9). يمكننا أن نفكر أن مرقس فكّر في ثاني ربع من النهار أي بين الساعة 9 والساعة 12. إنّ المراجع المسيحيّة وحدها تعرّفنا عن القيامة : كرازة 1كور 15 :3-8 (سنة 56 ب.م. مع عبارة التقليد : تسلّمت)، أقدم اعترافات الإيمان (رو 10 :9؛ 1كور 12 :3؛ فل 2 :11) والمدائح المسيحيّة القديمة (أف 5 :14؛ فل 2 :6-11؛ 1تم 3:16) والكرازة الرسوليّة ((أع 2:24-28؛ أع 3:15؛ 4 :10؛ 5 :31، 10 :40؛ 13 :30-37؛ 17 :31) وإنباءات يسوع المثلّثة (ذكرناها سابقًا)، وأخبار الأناجيل الأربعة. القبر الفارغ هو واقع نستطيع أن نتبيّنه. وهناك أيضاً ظهورات القائم من الموت (لمسوه، أكل معهم). فالقيامة التي تستند إلى كرازة الرسل (شهود عيان) هي أمر واقعي وتاريخي. ولكن بما أنّها سر الإيمان، لا نستطيع أن نبرهن عنها بالأسلوب التاريخيّ. لا نستطيع أن نبرهن تاريخيًّا إلاّ عن إيمان الشهود العيان، ويمكننا أن نبيّن باعتبارات تاريخيّة وسيكولوجيّة أنّ هذا الإيمان يعتمد على أساس ثابت. وفيما يخصّ صعود يسوع، نتحدّث عن انطلاقه عن جبل الزيتون، ولكنّنا لا نقدر أن نبرهن عن ارتفاعه وتمجيده في السماء.

ثانيًا : شخص يسوع. لم يُكشف سرّ شخص يسوع إلاّ تدريجيًّا لإيمان الرسل والمسيحيّين. وإذا أردنا أن نعطي صورة شبه كاملة، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار ثلاث وجهات :

(أ) نتفحّص أوّلاً سمات شخصيّته الخاصة.

(ب) نتطلّع في شخص يسوع انطلاقًا من أفكار العهد القديم.

(ج) نتطلّع في شخص يسوع من منظور مسيحيّ محض.

(أ) حين نتأمل الأناجيل، يجب أن نشدّد على الأمور التالية في يسوع الإنسان. لا ترسم الأناجيل شخصه الخارجيّ، ولكنّنا نظنّ أنّه كان جذابًا وقريبًا من القلب، وهذا ما تدلّ عليه صرخة إعجاب تلك المرأة (كانت من الشعب. لم تكن تتطلّع فقط إلى امتيازات يسوع الروحيّة : لو 11 :27) والشعور الغريب الذي يتركه حضوره على الناس. كان جسده يعجّ بالصحة، وقد تعوّد على تقلّبات الطقس، على الجوع والعطش، على تعب الأسفار المضنية على طرقات فلسطين الجبليّة، على نشاط دائم وسط شعب لا يترك له وقتًا من الراحة أو الوقت الضروري ليأخذ طعامًا (مر 3:20؛ 6 :31). وإذا توقفنا عند الوجهة السيكولوجيّة، نرى أن يسوع كان يتمتّع بذكاء وقّاد وإرادة صلبة. كان واعيًا دعوته كلّ الوعي : عرف أنه جاء ليعطي نفسه عطاءً كليًّا، ليقدّم نفسه للآب (أنظر تجاربه، مت 4:11 وز؛ 20 :28 وز؛ مر 3:31؛ 8 :32، 33). عقليّته عقليّة قائد. لا يحمل السلام بل السيف (مت 10:34). بعض المرات تبدو ردّة الفعل عنيفة عنده ضد الذين يقاومون أفكاره ورسالته ((مر 3:5؛ مر 8:33؛ 10 :14؛ 11 :15) وبالأخص ضدّ الفريسيّين (الذين يندّد بهم بكلام قاس : مت 23 :4-23).

ومع ذلك، فهو يقدر أن يقول بكلّ حق إنّه وديع ومتواضع القلب، إنّه يحمل الراحة للذين يتعبون ويقعون تحت الأحمال الثقيلة (مت 11 :28ي). وهو يُظهر رحمة لا حدود لها ضدّ المتعثِّرين في هذا العالم ((مر 2:17؛ مر 6:34؛ 8 :2). ويتوجّه حبّه خاصّة إلى الفقراء، إلى الوضعاء، إلى المعذّبين (لو 6 :20، 21)، إلى الخطأة (مر 2:5؛ لو 7 :48)، إلى الذين يحتقرهم ويرذلهم الناس (مت 11:19؛ 21 :31ي؛ مر 2:15). ولكنّه لا ينغشّ من الناس : يعرف ضعفهم وشرّهم (مت 7:11؛ يو 2:23-25). لهذا فهو يغفر لهم دائمًا (مت 18:22) حتى للذين بصقوا في وجهه، حتى لجلاّديه (لو 23 :34). ومكانةُ الآب السماويّ في حياة يسوع ليست هي فقط المكانة الأولى، إنّها المكانة الوحيدة. فلا خليقة بشريّة تزاحم الآب في قلب يسوع، ولا أحد من تلاميذه ولا أمّه نفسها (مر 3:33؛ لو 2 :49، يو 2 :4) التي كان يحبّها حبًّا عميقًا. طعامه هو أن يعمل إرادة ومشيئة أبيه (مت 4:4؛ يو 4 :34؛ 5 :36؛ 17 :4). ويتوجّه نظره دومًا نحو الأمور العلويّة (سُمّي يسوع أكبر مصلٍّ في البشريّة)، ولكن عينه ترى أصغر أمور الأرض، وقلبه يفرح حتّى أمام زهور الحقل. يبدو يسوع لمعاصريه ويبدو لنا نحن أنه شخصيّة موهوبة جدًّا، شخصيّة قويّة وجذابة، شخصيّة متوازنة على المستوى السيكولوجي والحياة اليوميّة. ومع ذلك نجد في حياته عددًا من الأحداث والأقوال التي تجعل منه لغزًا مغلقًا لو لم يكن إنسانًا يتعدّى البشرَ أمثالَه.

(ب) إنه لمن الطبيعي أن يكون الرسل والمسيحيّون الأوّلون قد حاولوا أن يفهموا وجه يسوع السرّي راجعين أولاً إلى أفكار العهد القديم. لقد كانت أسفار التوراة كتبًا يكفلها الله. ولهذا عبّر الرسل عن اختبارهم المسيحيّ أولاً بكلمات أخذوها من التوراة. ثمّ إن يسوع أقرّ بسلطة الشريعة والأنبياء كما تدلّ استنتاجاته (مت 22 :23ي وز، 34-40 وز، 41-46؛ يو 10 :34ي)، وإيراداته للنصوص (مت 15:4-7، 19 :4؛ لو 4 :17-21، 25-27)، ولومه للفريسيّين الذين يتعدّون وصيّة الله (خر 20:12؛ 21 :17) بسبب تقاليد القدماء (أي مجمل الفرائض التي قدّمها الرابينيون القدماء في تأويلهم للشريعة. كان بعض الرابينيين يهتمّون بهذه التأويلات أكثر منه بالشريعة نفسها : رج مت 15 :1-8وز). فالكتاب المقدّس هو في نظر يسوع ونظر يهود عصره، كلمة الله التي نحفظها (مت 22 :24-40 وز؛ لو 10 :25-28؛ 16 :29)، والتي لا نقدر أن نرذلها (يو 10 :35).

1) رغم احترامنا للعهد القديم وسلطة معلّمي الشريعة (خلفاء موسى : مت 23 :2ي)، نندهش حين نرى يسوع واعيًا تفوّقه على العالم اليهوديّ. هو يرفض بسلطته الخاصة اهتمام الفريسيّين المفرط بالممارسات الطقسيّة ومظاهر الديانة الخارجيّة المحضة (مت 12 :9-12 وز؛ 19 :12). هو لا يهتمّ إلاّ قليلاً بالطهارة الشرعيّة (يلمس الأبرص : مت 8:3، يسمح لتلاميذه أن يأكلوا دون أن يغلسوا أيديهم : مت 15:1-8؛ مر 7:12-13، يعاشر الخطأة والعشارين : مت 9 :9-13وز؛ يحلّ محلّ مقولة النجس واللاطاهر مقولةَ اللاأخلاقي : مت 22:37-40 وز؛ لو 10 :28). هو ينتظر أن تتخلّص الديانة من الهيكل (يو 4 :23، سيدمّر الهيكل : مت 24 :2وز ). وهو واع لرسالته الخاصة بالنسبة إلى التوراة : لا تظنّوا أني جئت لأحلّ الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأحلّ بل لأكمّل (مت 5:17). تعني هذه الكلمة أنّه جاء ليتمّ حتى النهاية الإرادة الأصليّة للمشترع الإلهيّ (مت 5 :31ي). لهذا فهو يقدر أن يقول إنّ الشريعة تدوم ما دامت السماء والأرض (مت 5:18؛ رج لو 16 :17).

2) والتكميل الذي يحمله يسوع يرجع أولاً إلى شخصه الذي هو تحقيق كامل للرجاء المسيحاني في العهد القديم.

في الأول. يسمّي نفسه المسيح أي الممسوح بالزيت المقدس. هنا نستطيع أن نعود إلى أفكار العهد القديم والعالم اليهوديّ عن المسيح. في الأول. وعى يسوع وعيًا تامًّا رسالته كمسيح. وتجنّب أن يطبّق على نفسه ألقابًا مسيحانيّة. لأنّ لقب مسيح أو ابن داود يثير لدى سامعيه آمالَ تسلّط سياسيّ وازدهار ماديّ (رذلها كأنّها آتية من الشيطان : مت 4 :1-11وز). ولكنّه عرف منذ صباه أنه المسيح (لو 2 :49). ومنذ بداية حياته العلنيّة، رفض تجارب الشيطان الذي يريد أن يجعله يتّخذ دور مسيح يقدّم آمالاً شعبية لمعاصريه (يربح رضى الشعب بعجائب مذهلة فيصبح المسيح الملك الذي يُخضع كلّ الأمم لسلطانه السياسيّ). وإذ أراد يسوع أن يتجنّب كلّ فهم خاطئ، فرض الصمت على كل اعتراف مسيحاني اعتبره سابقًا لوقته (مر 1:24-25، 34، 44؛ 2 :11ي؛ 5 :43؛ 7 :36؛ 8 :26، 30؛ 9:9).

في الثاني. ولكن في نهاية حياته، وحين رأى أن نظرته الخاصّة إلى مسيحانيته قد دخلت في الشعب، قبلَ أن يُعترف به كمسيح. إنّه عبّر عن هذه النظرة الخاصة باسم سرّي، ابن الإنسان) الذي به دلّ على نفسه. تعود هذه العبارة إلى الصورة السماويّة والمجيدة في رؤية دا 7:13 ي، وتذكرّ في الوقت عينه بالذلّ والألم اللذين سيتحمّلهما طبقًا للمخطط الإلهيّ (مت 16:21 وز؛ لو 17:25، 24:7). حين استعمل يسوع هذا اللقب، دلّ على أنه واع أنه رجل الآلام المستعدّ ليدخل في المجد بعد أن يتحمّل الموت بإرادته (لو 24:26). وإن المعنَيين اللذين يتضمّنهما لقب ابن الإنسان يلخّصان بطريقة عجيبة "فصح" يسوع (عبور من الألم والموت إلى القيامة والمجد). بهذا اللقب أفهم تلاميذه أنّه سيجلس يومًا ما عن يمين القدرة (أي سيشارك الله في قدرته: رج مز 110:1؛ دا 7:14)، سيأتي على سحاب السماء (رج دا 7:14؛ مت 26:64وز): يعرف أنّه سيكون ديّان العالم القدير (مت 16:27وز، رج دا 7:18، 22، 27؛ مت 24:27، 30-31، 37؛ 25:31). وبسبب هذا القول بأنه يملك قدرة الله الملكيّة (يرى أعضاء السنهدرين في هذا القول تعدّيًا على حقوق الله التي لا تمسّ، وتجديفًا)، حُكم على يسوع بالموت (مت 26:64-66وز؛ لو 22:66-71). ولكن من جهة أخرى، يوحي لقبُ ابن الإنسان بذْل يسوع ذاته، وألمه الذي ستحمّله: جاء ابن الإنسان لا ليُخدم بل ليخدم ويبذل حياته فدية عن كثيرين (مر 10:45؛ رج لو 19:10). على ابن الإنسان أن يتألّم ويحتمل الموت ويقوم بعد ثلاثة أيام (مت 16:21وز). وهذه الوجهة لدور يسوع، تذكرها عبارة عبد يهوه. إنّ يسوع يتمّ رسالة عبد يهوه حين يُعلن بشرى الخلاص (لو 4:18-21 إش 61:1-2؛ 58:6)، ويحمل العزاء للمظلومين والمضايقين (مت 11:2-6وز إش 61:1؛ 29:18-19؛ 35:5-6)، بل حين يجعل نفسه في خدمة الجميع ويبذل حياته فدية (مت 20:28وز إش 53:10) فيتألّم عن الجميع (مر 9:12 إش 53:3-6).

في الثالث. قبل يسوع مرّة واحدة وفي نهاية سيرته على الأرض أن يُعطى لقبًا مسيحانيًّا واضحًا: حين دخوله الاحتفاليّ إلى أورشليم، هتفت له الجموع على أنه مرسل الله الذي يعيد بناء مملكة داود (مر 11:9-10؛ لو 19:38-39)، على أنه ابن داود (مت 21:9). وفي هذه المناسبة أظهر مرّة أخرى أنه لا يريد أن يَظهر بمظهر الملك المحارب والمنتصر، بل يقول إنّه الملك الوديع والمتواضع (زك 9:9 متواضع، جالس على حمار).

في الرابع. تيقّن الإنجيليّون من جهتهم أن يسوع هو المسيح الذي أرسله الله. فكلّ إنجيل الطفولة يريد أن يبيّن أن يسوع هو المسيح الذي أعلنه الأنبياء (لو 1:32-33، ابن داود؛ رج 1:27، 2:4؛ مت 1:16، 18: مولده في بيت لحم، مدينة داود، 2:1؛ رج مي 5:1؛ لو 2:4-7). ويبيّن الإنجيليّون مرّات عديدة أن الله ثبّت كرامة يسوع المسيحانيّة: في كرازة يوحنا المعمدان (يوحنا يهيّئ الدرب، (مر 1:2-3؛ مر 3:5؛ لو 3:4-5، رج إش 40:4-5؛ ملا 3:1، يعلن مجيء من هو أقوى منه، من يعمِّد في الروح والنار: مت 3:11-12وز؛ رج إش 4:4؛ حز 36:25-27)، في إعلان يسوع مسيحًا وقت عماده (مت 3:17: ابني الحبيب، أع 10:38: مسحه الروح القدس حسب (إش 11:2؛ إش 42:1؛ 61:1). في التجلّي (مت 17:1-8وز: هذا التمجيد الذي يتبع حالاً الإنباء بالآلام هو امتداد للمعموديّة وتتويج لرسالة يسوع كمسيح)، في القيامة (حين جلس عن يمين الآب: (أع 2:33؛ أع 5:31؛ 7:55).

(ج) وإذ نذكر القيامة نصل إلى اعتبارات مسيحيّة محضة حول شخص يسوع السريّ. بقدر ما دخل المسيحيّون الأوّلون بطريقة أعمق في أسرار الوحي، اكتشفوا وجهات جديدة في شخص يسوع. كانت هذه الوجهات متجذّرة في التوراة، ولكنّها تجاوزت بوضوح رجاء العهد القديم. ففي صورة يسوع النهائيّة والمسيحيّة نجد الوجهات الثلاث التالية: 1) يسوع هو الرب. 2) يسوع هو ابن الله. 3) يسوع هو مساوٍ لله في الجوهر.

1) إنّ لقب ابن الله هو أكثر من لقب شرف منحه الرابينيون لأشخاص مهمّين (مت 21:3وز). إنّه يشتمل على قدرة يسوع المطلقة (كملك) التي فيها أقامه الله (يو 5:22؛ أع 2:36؛ 10:42). الله (أي الآب) أعطاه كلّ سلطان ورفعه (مت 28:18؛ مر 16:19؛ (أع 2:33؛ أع 5:31؛ 7:55؛ أف 1:20-22) بحيث يشارك الله نفسه في قدرته الملكيّة. وفي عبارة "ربنا يسوع المسيح"، احتُفظ بالمعنى الأساسيّ لكلمة ربنا لأنّها تعبّر عن سلطة المسيح القائم من الموت. وبما أنّ المسيح الممجّد يشارك الله في تساميه وقدرته، فالعهد الجديد يطبّق على يسوع كلمات العهد القديم التي فيها يسمّى يهوه الرب (ق مر 1:2 مع إش 30:3؛ 1كو 10:9 مع مز 59:8 ي؛ 1بط 2:3 مع مز 34:9...).

2) في التعابير المسيحيّة المحضة يسمّى يسوع ابن الله. مع أنه كان لهذه العبارة في الشرق القديم وفي العهد الجديد مدلول واسع (نحن أمام ابن بالتبنّي. الله يتبنّى الملك. 2صم 7:14؛ مز 2:7. الله يتبنّى الشعب: خر 4:22؛ حك 9:7؛ 18:13؛ إر 31:9)، فاليهود لم يطبّقوها على المسيح. إذًا حين طبّقها المسيحيّون على يسوع، فقد فكّروا بطبيعته الإلهيّة (لا بالمسيح كشخص إلهيّ). ترد العبارة 24 مرّة في الأناجيل الإزائيّة: في فم الله، في فم السامعين، في فم الممسوسين، في فم الشيطان، ولكنّها لا ترد أبدًا في فم يسوع نفسه (هو يتكلّم فقط عن الابن، مت 11:27؛ 24:36. وحده يوحنا يجعله يقول 6 مرات على 31 مرّة إنّه ابن الله). وإذ يستعمل الإزائيّون بعض المرّات العبارة ليدلّوا على المسيح المتسامي ((مت 14:33؛ مت 16:16؛ 27:40؛ لو 1:32، 4:41، نضع جانبًا عب 23:47)، فعند القدّيس بولس ويوحنا وعب هي تعني بوضوح أن يسوع هو منذ الأزل الابن المساوي للآب (رج مت 3:17 وز؛ 17:5 وز، الابن الحبيب أي الوحيد؛ لو 1:35، ابن العلي)، أن في يسوع قدرة الله الآب (مت 12:28؛ لو 22:69). هو لا يطلب من الآب سلطة اجتراح المعجزات، فعنده السلطان المطلق (مر 2:11، أقول لكم). كلمته تثبت إلى الأبد (مت 24:36 وز ) مثل كلمة يهوه (إش 40:8). هو يعرف أنّه أعظم من سليمان، أعظم من الهيكل، أعظم من الملائكة (مت 12:6، 14. الملائكة تخدمه: مت 13:41؛ 24:31 وز؛ مر 8:38). وحين يتكلّم يسوع عن أبيه السماويّ يقول "أبي" ((مت 7:21؛ مت 10:32؛ 11:27؛ 12:50؛ لو 2:49؛ 22:29؛ 24:49) أو "أبوكم" (مت 5:16، 45، 48؛ 6:1، 8، 14، 18؛ 10:29؛ 18:14، مر 11:25). ولا يقول أبدًا: أبونا (الصلاة الربيّة هي صلاة التلاميذ). وهذا يدلّ على أنّ يسوع يميّز بنوّته عن بنوّة تلاميذه. وهذا الرباط الخاص ليسوع مع ذلك الذي يسمّيه "الآب" (مت 26:39وز)، يعبَّر عنه أيضاً في العبارة التي يقول فيها إنّه وحده يعرف الآب (والآب يعرفه: مت 11:27). واستنتج المسيحيّون الأوّلون من كلّ هذه المعطيات أنّ يسوع والآب واحد (يو 10:30؛ رج 1:1؛ 17:4، 24؛ 20:28). آمنوا بحقّ أنّه ابن الله أي أنه الله مثل الآب (رو 9:5؛ فل 2:6؛ تي 2:13؛ 1يو 5:20).

3) وبالنسبة إلى الإيمان المسيحيّ، تتساوى العبارة: "يحل ملء الألوهية كله حلولًا جسديًّا" (كو 2:9) مع "ما اعتبر مساواته لله غنيمة له" (فل 2:6). إنّهما يعنيان ان يسوع هو حقًّا الله. وهذا اليقين الثابت يستند إلى كلمات وأعمال يسوع نفسه: نسب إلى نفسه امتيازات إلهيّة. مثلاً: سلطان مغفرة الخطايا (مت 9:2وز؛ لو 7:47)، السلطان على السبت (مت 12:8وز) وعلى الشريعة (مت 5:21-48؛ 19:1-12وز) اللذين هما من تأسيس الله. ومع أنّ العهد الجديد يحتفظ للآب بلقب الله مع التعريف (هو تيوس)، فهو يطبّق الصفة أيضاً على يسوع: إنّه الله وهو قرب الله (يو 1:1). إنّه كشف الآب، وهو الابن الوحيد الذي في حضن الآب. إنّه عرّفنا بالآب (يو 1:18؛ رج 1يو 5:20: الإله الحقيقيّ؛ عب 1:18). الكلمة المتجسّد هو الله. ويشهد بولس الرسول عن يسوع: ولد من اليهود، المسيح حسب الجسد الذي هو فوق الكلّ إله مبارك إلى الأبد (رو 9:5).

ثالثًا: السياق التاريخيّ لحياة يسوع. أ) السياق الاجتماعيّ والسياسيّ. سنة 63 ق.م.، احتلّ بومبيوس أورشليم. وسنة 37 ق.م.، أعلنت رومة هيرودس "ملك اليهود، وصديقها وحليفها". فمع أن هذا الملك وُلد في أرض يهوديّة، إلاّ أنه لم يكن يهوديًا: فأبوه أدوميّ وأمّه عربيّة. ولهذا تعب حين أراد أن يفرض نفسه على اليهود، رغم أنه شرع منذ سنة 19-20 في إعادة بناء الهيكل. لما مات هيرودس، سنة 4 ق.م.، قسمت رومة مملكته بين أبنائه. ملك أرخيلاوس على اليهودية وأدومية والسامرة حتى السنة 6 ب.م. بعد ذلك، صارت هذه المقاطعات رومانيّة يحكمها والٍ رومانيّ. وملك هيرودس انتيباس على الجليل والبيريه حتى سنة 39 ب.م. وملك فيلبس على الجولان وإيطورية وتراخونيتيس حتى سنة 34 ب.م. التقى يسوع بشكل خاص، بهيرودس انتيباس.

وتجاه سلطة الملوك المحلّيين، وقف الوالي الرومانيّ الذي أقام في قيصريّة البحريّة. ولكن إذ أرادت رومة أن تتجنّب منح الولاة الرومان سلطة شخصيّة كبيرة تحاشيًا لكل تمرّد على الاحتلال، تظاهرت بإعطاء السنهدرين بعض الاستقلال واعترفت بصلاحيّاته. لا شكّ في أن رومة ظلّت سيدة اللعبة، بفضل سيطرتها الحربيّة والاقتصاديّة. ولكن يبقى أن اليهود كانوا، في زمن يسوع، يرتبطون بثلاث سلطات متميّزة: الوالي الروماني. الملوك المحلّيون. عظيم الكهنة والمجلس الأعلى (السنهدرين). كانت كل سلطة من هذه السلطات تجبي ضرائبها الخاصة، وهذا ما شكل عبئًا اقتصاديًا ثقيلاً يضاف إلى مناخ سياسيّ متوتّر.

(ب) السياق الاجتماعيّ والدينيّ. إذا تتبّعنا خطى فلافيوس يوسيفوس (العاديات 18:12-25)، نجد أربع فرق يهودية في القرن الأول المسيحي. فرقتان رسميتان. وفرقتان هامشيتان.

1) الفريسيون. حزب اهتم بأمانة عظيمة للشريعة "في العالم". إنهم يمثّلون خطاً فكريًا متحرّرًا ومنفتحًا. أنعشهم مثال ديني عظيم يساعدهم على ممارسة الشريعة ممارسة دقيقة، فتوسّعوا في الوصايا وأكثروا من الفرائض والتطبيقات العملية المحفوظة في التقليد الشفهيّ. وكان تأثيرهم كبيرًا في طول البلاد وعرضها، بسبب وطنيّتهم الكبيرة مع رفضهم للعنف. كان يسوع قريبًا منهم كما لم يكن قريبًا من أية فرقة دينيّة غيرهم. مثلهم آمن بقيامة الموتى. ومثلهم دعا إلى التوبة. غير أن نقاط الاحتكاك معهم كانت كثيرة: يسوع يأكل مع الخطأة والعشّارين (مر 2:15وز؛ لو 7:36-50؛ 15:1-2). يسوع يتجاوز فريضة السبت (مر 2:23-3:6وز). يسوع لا يهتمّ بقواعد الطهارة (مر 7:1-5). يسوع يعارض الطابع المطلق للشريعة واعتداد الفريسيين بتأمين برّهم بيدهم. فيسوع هذا الذي يأكل مع الخارجين على الشريعة كما يأكل معهم، صار شخصًا لا يُطاق (لو 7:36-50). فكيف يمكنه أن يعاشر أولئك الذين لا يمارسون شريعة هي مبدأ خلاص؟ ويسوع من جهته، لم يكن سهلاً مع الفريسيين (لو 18:9-14؛ مت 23:1-36وز).

2) الصادوقيون. هم حزب تقليديّ ومحافظ. لا يقبلون إلاّ بالشريعة المكتوبة والمقروءة قراءة حرفيّة. وهكذا يرفضون التقاليد اللاحقة. لهذا عارضوا يسوع في إيمانه بقيامة الموتى (مر 12:18-27وز). لم يكونوا قريبين من الشعب، شأنهم شأن الفريسيين، فكانوا طبقة ارستوقراطيّة تحتقر ما سُمّي "شعب الأرض". منهم يأخذ الرومان عظماء الكهنة، بسبب سياستهم الانتهازيّة. فالصادوقيون قريبون في سياستهم من السلطة الحاكمة. عارضهم يوحنا المعمدان (مت 3:7-8). ودعا يسوع الناس إلى أخذ الحذر منهم (مت 16:1-12). حين طهّر يسوع الهيكل (مر 11:15-19وز)، وأنبأ بدماره من أجل هيكل آخر (مر 14:58وز)، واجهه الصادوقيين وصدمهم لأن في يدهم السلطة الدينيّة لدى اليهود.

3) الغيورون. لا نستطيع أن نقدّم كلامًا دقيقًا عن حزب الغيورين في زمن يسوع. إلاّ أنه وُجدت مقاومة مسلُّحة متقطّعة للحاكم الروماني منذ إحصاء كيرينيوس، سنة 6 بعد المسيح. غار هؤلاء الغيورون غيرة الربّ، فأرادوا أن يقيموا تيوقراطيّة تامّة. أرادوا أن لا يُعبد سوى الله في اسرائيل. لهذا، لجأوا إلى العنف. ويسوع الذي رفض تجربة السلطة السياسيّة (مت 4:8-10؛ يو 6:15)، ودعا إلى اللا عنف (لو 6:27-28)، لم يدخل في منظور الحرب المقدّسة، مع أن السلطات الرومانيّة حكمت عليه كأنه مقلق سياسيّ. ولكن هذا لا يعني أنه انشغل بالعمل السياسيّ: مملكته لم تكن من هذا العالم.

4) الاسيانيون هم حزب قاسٍ. أقاموا في البريّة ليمارسوا فيها الشريعة ممارسة جذريّة. كانوا قاسين تجاه سائر الفرق اليهوديّة الذين ساوموا في نظرهم مع هذا العالم. يبدو أن يسوع لم يتصل اتصالاً مباشرًا مع الاسيانيين. كما أن موضوع اتصال أسفار العهد الجديد بكتبهم ما زال موضوعًا مفتوحًا للمناقشة. كل ما يفترضه الشرّاح هو اتصال بين هذه الفرقة ويوحنا المعمدان.

(ج) الانتظار المسيحاني. سيطر على الشعب اليهوديّ سلطة احتلال غريبة وحضارة أجنبيّة، فانقسم من الداخل، وأحسّ بنفسه مهدَّدًا في بداية القرن الأول المسيحيّ. كما تحرّك لديه انتظارُ تدخّل من الله الذي يُرسل مسيحًا. وفهم الشعب اليهودي هذا المسيح بالنظر إلى مثُلهم السياسيّة وانتصاراتهم الدينيّة. بجانب العالم الرابيني الذي ورث تقاليد الحكمة، والذي اعتبر أن حدث الخلاص الحاسم قد تمّ في عطيّة الشريعة، توسّع تيار فكريّ آخر، التيّار الجلياني. يرى هذا التيّار أن للشريعة دوراً مؤقتاً في تربية الشعب، فركّز على المستقبل وتدخّل الله المقبل. كانت التيارات الجليانيّة من القوّة قبل سنة 70، بحيث نجد آثارها في الأناجيل ولا سيّما في الخطب الجليانيّة (مر 13وز).

(د) يسوع و يوحنا المعمدان. من الوجهة التاريخيّة، تظلّ طفولة يسوع وشبابه أمرًا خفيًا. ولكن ما إن بدأت حياته العلنيّة، حتى رأيناه في محيط يوحنا المعمدان. فهذا النبيّ الذي يعلن الدينونة الآتية والفأس على أصول الشجر، هو في المجتمع اليهوديّ علامة خلاف. يتحدّث، شأنه شأن سائر الأنبياء، عن غضب الله على شعبه. وجاء تنبيهه علنيًا: إن لم يتبدّل الشعب ويتوب، فهو ذاهب إلى الهلاك (مت 3:7-10). ومن الأكيد تاريخيًا أن يسوع عاش بعض الوقت مع هذا النبيّ القاسي والفجّ، وقبل العمادَ منه (مت 3:13-17وز). إن هذا الواقع طرح على التقليد المسيحي الاولاني عددًا من الأسئلة. لهذا لا يمكن أن نشك إطلاقًا بتاريخيّته. فالأخبار الانجيليّة حول عماد يسوع على يد يوحنا المعمدان، تذكرنا، عبر العهد القديم، بالدعوات النبويّة الكبرى، تُقدّمُ يسوع كالمسيح الملكيّ وعبد يهوه المتألّم. لا شكّ في أن الحدث أعيدت قراءته قراءة مسيحيّة. ولكن هذا الحدث كان مهمًا، لأنه يدلّ على منعطف في حياة يسوع. فانطلاقًا من هذا الوقت، ترك يسوع محيط يوحنا المعمدان ودشّن كرازته الخاصة ورسالته.

انتظر يوحنا من هو أقوى منه (مت 3:11وز). فرأى الايمان المسيحي في كلامه، اسم يسوع. لا شكّ في أن هذا لم يكن واضحًا منذ البداية، لأن يوحنا المعمدان ظلّ يجمع تلاميذ، بحيث صار تزاحم بينه وبين يسوع (يو 3:25). هذا من جهة. ومن جهة ثانية، سيندهش المعمدان من الطريقة التي بها يُتمّ يسوع مهمّته التي هي رحمة لا دينونة. لهذا أرسل تلاميذه يسألون يسوع إن كان هو الآتي (مت 11:2-6وز). فمسيرة يسوع توافقت في البداية مع مسيرة يوحنا المعمدان. ولكنها انفصلت عنها بسرعة. فيوحنا كان متنسّكًا يعيش في البريّة. كان نبيّ النار والدينونة. أما يسوع فسيذهب إلى حيث يقيم الناس، فيتحدّى عددًا من المحرّمات بحيث سمّوه سكيرًا وأكولاً (مت 11:18-19). وسيرون أنه أكثر خطرًا من المعمدان، لأن رفضه للوضع قريب من الناس في حياتهم اليوميّة.

(هـ) البشرى الجديدة في ملكوت الله. أعلن يسوع، شأنه شأن يوحنا المعمدان، اقتراب ملكوت الله، ولكنه أبرزه كخلاص يصل إلى الناس في الفرح. عاش يسوع واعظًا متجوّلاً، فظهر للجموع كنبيّ، باسلوبه، ولغته المليئة بالصور، وفعلاته الرمزيّة (مت 21:46؛ لو 7:16). كما أنه جعل نفسه في خطّ الأنبياء (مر 6:4وز). فكرازته النبويّة جعلته قريبًا من تيّارات فكريّة جليانيّة. ومع ذلك، فقد اعتُبر في الوقت عينه معلّما (رابي) يفسّر الكتب المقدّسة ويجد فيها براهينه (مر 2:23-27وز). وقد سألوه مرّة أن يحكم في مسائل قانونيّة (لو 12:13-15). هذا ما جعله في خطّ الكتبة، وإن هو ابتعد عنهم. هذا يُفهمنا أن وضع يسوع الاجتماعيّ لم يكن وضع عامل من العمّال الفقراء، بل هو انتمى إلى طبقة متوسّطة. كان التعليم الذي ناله كافيًا. ولما طُرح عليه سؤال صعب، قيل عنه إنه نجّار إبن نجار، فكيف يستطيع أن يجد جوابًا عن هذا السؤال؟ أجل، لقد كان يسوع ابن نجّار، وقد يكون مارس هذه المهنة.

ومنذ بداية الحياة العلنيّة، أحاط يسوع نفسه بعدد من التلاميذ: عاشوا معه، فقام بتربيتهم. واختار من بينهم الاثني عشر الذين أرسلهم أمامه اثنين اثنين (مت 10:1-5-42وز). ولكننا سننتظر ما بعد الفصح والقيامة لتمتدّ الرسالة المسيحيّة، التي ستنطلق مع مجموعة الاثني عشر الذين يبدو عملهم تواصلاً مع عمل يسوع.

إن إعلان اقتراب ملكوت الله، يعطي كل حياة يسوع لونًا خاصًا. فعليه أولاً أن يستبعد كل قراءة سياسيّة داوديّة. وإن كان قد ظهر للجموع كالنبيّ، فهو نبيّ فريد يبتعد كل البعد عن الانتظارات المسيحانيّة في عصره. وبما أنه نبيّ ملكوت الله، فقد اتّخذ موقفًا واضحًا من النظم التي بها ربطت السلطاتُ الدينية اليهوديّة الخلاصَ: الهيكل والشريعة. فموقفه منهما يبدو بشكل مفارقة. من جهة، هو يمارس الشريعة، ويصلّي في المجمع، ويؤمّ الهيكل باحترام. ومن جهة ثانية، يتعامل بحريّة مع هذه الممارسات التي ينتقدها بشكل علنيّ. حين طرد الباعة من الهيكل، عارض النظام العباديّ التقليديّ (مر 11:15-19وز). لهذا، لم يغفروا له نبوءته حول دمار الهيكل (مر 14:58وز). وجاءنا توضيح في لغة يوحناويّة، أنه في ساعة تمجيد يسوع لا يعبدون الآب على هذا الجبل ولا في أورشليم، لأن العابدين الحقيقيين يعبدون الله بالروح والحقّ (يو 4:22-23).

وبالنسبة إلى الشريعة، قال يسوع إنه جاء ليتممّها (مت 5:17). وهذا لم يمنعه من أن يتوسّع في تعليم مدهش (مر 1:27؛ مت 8:28-29). فما تردّد في أن يجعل كلامه تجاه كلام التقليد والشريعة. وهذا ما نجده بشكل خاصّ في عظة الجبل (5:21-48: سمعتم أنه قيل... أما أنا فأقول لكم). وأخيرًا، نراه لا يتردّد في تجاوز الشريعة في أعماله، ساعة يرى ذلك مناسبًا، لكي يحمل العون إلى المحتاجين. فتعدّى شريعة السبت لكي يشفي مريضًا (مر 3:1-6 وز؛ يو 5:1، 9:1-2). وحين رفض أن يستبعد الخطأة، تحدّى ما يمنعه أن يأكل معهم. فالمحرّمات العباديّة والطقسيّة قد أخضعها يسوع لخدمة الانسان، ولم يخضع الانسان لخدمتها. هذا ما قاده إلى عدد من المجادلات لكي يبرّر موقفه. وسيفعل ما يفعل، لاجئًا إلى أسباب انسانيّة، أو إلى براهين يستند فيها إلى الكتب المقدسة، أو إلى تعليم بأمثال مأخوذة من الحياة الواقعيّة. هذا ما نجده في لو 15 مع ثلاثة أمثلة عن الرحمة، تكشف موقف الله تجاه البشر، وهو موقف يسوع الذي يأكل مع الخطأة.

وقدّم يسوع أيضًا علامات أخرى عن مجيء ملكوت الله، الذي هو ملكوت البرّ الذي ينتظره المساكين. هي العجائب والمعجزات ولا سيّما الأشفية. كل هذا جعل الناس يطرحون سؤالاً حول هويّته. ولكن كل هذا سيكون واضحًا على ضوء الفصح والقيامة. فقد انطلق المسيحيون الأولون من كرامة الرب (المسيح) القائم من الموت، لكي يتحدّثوا عن أصله الالهيّ. وقد أدرك التلاميذ بشكل أكبر، أن واقع الله دخل في الوجود البشريّ بشكل عميق جدًا. فهموا تجسّد الله في وسط البشر. انتقلوا من إله يتدخّل بيد قديرة وذراع ممدودة، إلى عمانوئيل، إلى إله حاضر معنا، ومتضامن معنا (مت 1:23) وباق معنا حتى نهاية العالم.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.