الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: يوم التكفير


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

في العبرية، " ي و م. هـ. ك ف و ر ي م". يوم التكفير. يوم كيبور. هو عيد اسرائيليّ يتضمّن عناصر قديمة. غير أنه لا يُذكر إلا في نصوص متأخّرة، جاءت بعد المنفى، وتكيّفت مع زمن إعادة بناء الهيكل بعد المنفى. أما زمن الاحتفال بالعيد فهو 10 تشرين، في الخريف. وقد حُدّد هذا الزمن في وقت متأخر، لأن حز 45:18 يجعل التطهير في الربيع. كيف يتمّ العيد؟ هناك أربعة نصوص فقط تتحدّث عن يوم التكفير : ل(ا 23:27-30؛ ا 25:9؛ عد 29:7-11؛ لا 16 حيث نجد صورة تفصيلية عن هذا العيد.

الاستعداد للعيد (لا 16 :1-10). استعدادات هرون في حضرة الله. ملابس خاصة وذبائح تكفير ( آ1-4). ونجد في آ6-10 ملخصًا للاحتفال. ويأتي الطقس مفصلا في لا 16 :6-28، وهو قسم قديم أدخل في طقس يعود إلى ما بعد المنفى. في آ6-10، يقرّب العجلُ والتيسان أمام الخيمة المعبد. ثم تلقى القرعة، فيكون تيس للرب وتيس لعزازيل. في آ11-14 يُذبح العجل عن خطيئة رئيس الكهنة وخطيئة بيته. وحين يدخل رئيس الكهنة إلى المعبد، يحرق غمامًا من بخور يغطّي الغشاء. فالله هو هنا حاضر وخفيّ. يرش بالدم اولاً تابوت العهد والغشاء، ثم يرشّ الدم سبع مرات. في آ15-19، ينحر رئيس الكهنة تيس الخطيئة ويفعل بدمه ما فعله بدم العجل. حينئذ يخرج رئيس الكهنة نحو المذبح، ويمارس عليه طقس الحلّ من الخطايا. يمزج دم العجل بدم التيس، ويضع منهما على قرون المذبح وما حوله. عند ذاك يرشّ المذبح سبع مرات كي يطهّره. وهكذا يتطهّر أقدس مكان في الهيكل، قدس الاقداس، ثم القدس مع المذبح الذي فيه. في آ20-22، يقدّم رئيس الكهنة التيس الذي ظلّ حيًا، وألقيت قرعته من أجل عزازيل. يضع يديه عليه فينقل إليه كل خطايا الشعب. هذا الاحتفال بتيس المحرقة يرمز إلى نقل الخطيئة التي تُبعَد عن الشعب حين يُبعدَ التيسُ إلى الصحراء حيث مقام القوى الشيطانيّة. نحن هنا أمام طقس قديم جدًا. في آ22-25، ينزع رئيس الكهنة ملابسه، يتطهّر، يستعيد ملابسه، ويقدّم ذبيحة المساء اليوميّة. والذي قاد تيس عزازيل إلى الصحراء يتطهّر هو أيضًا (آ26). ويُحمل العجل وتيس الخطيئة إلى خارج السور المقدّس فيُذبحا ويُحرقا حرقًا كاملاً. والذي قام بالحرق يتطهّر (آ27-28). وجاءت فرائض ملحقة. حدّد لا 16 :29-34 آخر ما دوّن في لا 16 : زمن العيد وفُرض الصوم والعطلة السبتيّة في يوم التكفير. ثم ذُكّر بأن رئيس الكهنة وحده، يحقّ له ان يتمّ طقس التكفير.

ما هو لاهوت عيد التكفير؟ إن طقوس يوم التكفير تُبرز عناصر ثلاثة : تطهير رئيس الكهنة (لا 16 :1-4، 6، 11، 14، 23). تطهير الشعب (آ5، 7، 9، 10، 15، 20-22، 26). تطهير المعبد ( آ16-19، 33). ويلعب الدم دورًا حاسمًا (عب 9:22). بما أنّه مركز الحياة، فحين نقدّمه إلى الله ننال التطهير. والطقوس التي تكدّست على مرّ العصور لتحقّق التكفير، تتوخّى إعادة علاقات عاديّة بين الله وشعبه. كما تدلّ على أن الله يريد أن يرحم الخاطئ الذي وقع في الخطيئة. يوم التكفير هو يوم توبة. يعيشه المؤمن في الصوم (رج إش 58). فرغم خطايا الشعب، يقدّم الله لهم إمكانيّة العيش معه. هناك طقوس عديدة دُمجت في عيد التكفير.

عرف الاكاديون عيدين "اكيتو" : واحد في الشهر الأول من السنة، في نيزان (اذار - نيسان). وآخر في الشهر السابع، في تشري (ايلول - تشرين الأول). هو يوم تطهير مطلق. وفي اوغاريت وُجد كتاب طقوس يتحدّث عن عيد تكفير. وصوّر حز 45:18-20 في رؤيته تطهير المعبد. ولكن توسّع ليتورجية التكفير وتكيّفاتها المتعاقبة، وتعمّقها المستمر في لاهوت الخطيئة والغفران، كل هذا جعلنا ندرك عناصر قديمة جدًا في طقس تيس عزازيل أو تيس المحرقة. خلال عيد "زغموكو" البابليّ، الذي يرتبط بعض الشيء بعيد الفوريم، يتمّ تطهير معابد بال - مردوك - نبو بواسطة جثة خروف تُنقل عليه الخطايا كما تُنقل على تيس عزازيل. وصوَّر ابن سيراخ (190-180) بهاء رئيس الكهنة سمعان الثاني في يوم التكفير (50 :5، 11، 19-21؛ رج يوب 34 :17-19؛ 5 :17). وفي قمران شدّد تفسير حبقوق (وُجد في المغارة الأولى) على زمن العيد. فمعلّم البرّ (الاسيانيون) والكاهن المنافق (الحشمونيّون) لا يتبعان الكلندار الواحد. أما يوسيفوس (العاديات 3 :240-243) وفيلون الاسكندراني (الشرائع الخاصة 1 :186-188) فقد أبرزا مدلول الصوم.

هذا في حقبة ما بين العهدين. فماذا في العهد الجديد؟ مع نصّ رو 3 :25 (المسيح يسوع الذي سبق الله فأقامه أداة تكفير بالايمان بدمه) صار المسيحُ نفسه جوهر ما يتمّ في يوم التكفير. هو في الوقت عينه موضع المصالحة مع الله وأداتها. والدم يعني عطيّة حياته من أجل جميع البشر. أما عب 9:11-14 فجعل من المسيح عظيم أحبار الخيرات الآتية حيث المعبد هو في الوقت عينه سرّ جسده الممجّد والسماوات التي عبرها. فعطيّة حياته، أي دمه، قد نالت التحرير النهائي، والفداء الابدي الذي يتعارض مع تحريرات زمنيّة تمّت خلال تاريخ اسرائيل. فدم التيوس والجداء ما عاد يُجدي نفعًا. ودلّت عب 9:7-10؛ 13 :11-13 على عظمة الطقس السنويّ للتكفير العظيم، ودلّت في الوقت عينه على حدوده غير الكافية. وانتقل بولس من الهيكل إلى جسد المسيح (1كو(ر 5:7؛ ر 10:16-22؛ رو 3:23-25) فحوّل لغة العبادة في العهد القديم، جاعلاً إياها واقعًا وجوديًا إليه نُدعى لكي نقدّم شخصنا لله ذبيحة حيّة، مقدسة، مرضية لله : هكذا تتحقّق العبادةُ الروحيّة (رو 12:1-2). فأمام لله، يستطيع كل خاطئ، بفضل المسيح القائم من الموت، أن يجد مكانه في عهد جديد ذي بُعد مسكونيّ.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.