الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: أنبياء (الـ )


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

في حياة الشعب "لا نبيّ بلا كرامة إلاّ في وطنه وبين أقربائه وأهل بيته" (مر 6 : 4). إنّ كلام يسوع هذا يلقي ضوءًا على مدى تقبّل الشعب لكلام الأنبياء. قال عاموس : "وأمرتم الأنبياء بأن لا يتنبّأوا" (2 :12)؛ وقال إشعيا : "يقولون للذين يرون رؤى ّلا ترواّ، وللأنبياء : ّلا تتنبّأواّ لنا بما هو الحق، بل كلّمونا كلام النفاق واجعلوا رؤاكم خداعًا" (30 :10)؛ وقال إرميا مخاطبًا أورشليم : "كلّمتك... فقلتِ لا أسمع" (22 :21). وإن سمع الناس كلام النبيّ، فهم يرفضون أن يصدّقوا أقواله وأن يؤمنوا بعمل الله في التاريخ وبسلطانه على الأحداث. يقولون بهزء : ليبادر الرب وليعجّل في عمله حتى نرى النتيجة. ليعرض مخطّطه لنرى هل يقدر على إتمامه. ويقولون أيضًا : هذه الرؤية التي يراها هذا النبيّ هي إلى أيّام بعيدة (حز 12:26-28). وهكذا صار النبيّ صوت طرب يستمعون إلى كلامه ولا يعملون به (حز 33:32). وعندما وقف الأنبياء بوجه الحكماء والعظماء ليقولوا لهم إنّ الربّ وحده هو سيّد التاريخ، وجدوا لديهم معارضة وتهجّمًا، فخاطبوهم بلهجة قاسية. لقد اعتدّ حكماء مصر بمشورتهم، ولكنّهم عجزوا عن معرفة ما ائتمر الله عليهم (إش 19:11-13)؛ واعتبر ملك بابل أنّ قدرة الله وحكمته جعلتاه يبطش بالشعوب، ولكنّه لم يدرِ أنّه منشار أو قضيب تحرّكه يد الله (إش 10:13-15)؛ وحسب عظماءُ يهوذا أنّهم حكماء فأضمحلّت حكمتهم (إش 30:1-5)؛ أين حكمة تيمان (إر 49:7)؟ لقد زالت، ولا حكيم إلاّ الله وحده.

فهل نتعجّب والحالة هذه إن أفل نجم الأنبياء وما عاد الناس ينتظرون منهم شيئًا، بعد أن صاروا رمز الفشل الذي أصاب الأمّة ووصل بها إلى عتبة الموت؟ فأيّة حاجة إليهم؟ ثمّ إنّ الأنبياء لم يسعوا يومًا إلى البحث عن آذان صاغية، فجعل كلامُهم قلوبَ السامعين غليظة وعيونَهم أكثر عمى وآذانَهم أكثر صممًا. وعلاوة على ذلك، فإنّ كلام الأنبياء لم يتحقّق. لقد وعد حزقيال وإشعيا الثاني بأنّ الرب سيعيد بناء شعبه بطريقة عجيبة، فجاء الواقع بعيدًا عن الحلم، وما تحقّق منه تأخّر تحقيقه. لذلك حلّ الكاهن محلّ النبيّ، وبرز الحكيم الذي يبحث عن طريق خلاص جديدة في الشريعة، يتأمّل فيها (مز 119 :1 ي) عله يجد مرشدًا بديلاً للأنبياء.

ولكن مع ذلك، ظلّ انتظار الأنبياء شديدًا في قلب الإنسان. فهذا صاحب المزامير يتأوّه قائلاً : "لا نرى علامة، ولم يبقَ نبيّ، ولا عندنا من يعرف إلى متى" (74 :9)؛ وإشعيا الثالث يتمنّى رجوع يوم يجعل فيه الرب في قلب بعض الناس روحه القدّوس (63 :11)؛ وانتظر الشعب في عهد السلوقيّين (1مك 4 :46؛ 9 :27؛ 14 :41) حتى يقوم نبيّ أمين يعطي جوابًا عن تساؤلات الناس، وينزع عنهم الضيق، ويحلّ محلّ الكاهن الأعظم عندما يحين الوقت. إنتظروا أنبياء على مثال إيليا (ملا 3 :23-24؛ سي 48 :10) أو موسى (تث 18:15-18) أو سائر الأنبياء (مت 16:14).







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.